◄ ما يحدث في القدس خرق صارخ لكل قرارات الشرعية الدولية - ◄ "الإسلاموفوبيا" باتت ظاهرة مؤسساتية في الغرب.. ◗ حوار آسيا العتروس - أعرب الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو عن استيائه لتفاقم الأزمة في سوريا. وفي حديث خص به "الصباح"، أكد أوغلو أن تجميد عضوية سوريا في المنظمة اتخذ في قمة مكةالمكرمة بعد استنفاد كافة المحاولات الديبلوماسية والسياسية مع القيادة السورية، وشدد على أن المنظمة حريصة على ضمان وحدة سوريا وتجنيبها التدخلات الخارجية. وكشف الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي عن استعدادات جارية لعقد اجتماع خاص حول الانتهاكات التي تستهدف المسجد الأقصى داعيا إلى ضرورة حشد الدعم الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وحذر أوغلو من تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي أصبحت ظاهرة مؤسساتية في الغرب بعد أن تسللت إلى أنشطة رسمية حكومية، بل وأصبحت جزءا من برامج الأحزاب السياسية اليمينية في الغرب. ونفى الأمين العام لمنظمة التعاون الاسلامي أن تكون المنظمة تجاهلت مآسي مسلمي بورما، وقال ان المنظمة نجحت لأول مرة في تشكيل مجموعة اتصال لحل أزمة مسلمي الروهينجا في بورما. ويأتي هذا الحديث بالتزامن مع أول زيارة لأوغلو إلى الصومال لبحث سبل دعم هذا البلد الممزق سياسيا واقتصاديا، استعدادا للقمة المرتقبة للمنظمة مطلع العام القادم. يذكر أن الدكتور احسان أوغلو أخصائي الكيمياء وهو خريج جامعة إكستر البريطانية وهو مؤسس لشعبة تاريخ العلوم في جامعة اسطنبول. وفي ما يلي نص الحديث: بعد عشرين شهرا، تبقى الأزمة السورية من أبرز الملفات المعقدة خاصة أمام استمرار المجازر اليومية، فماذا قدمت منظمة التعاون الاسلامي للشعب السوري لإيجاد حل لهذه الأزمة؟ - لا أخفي عنكم أنني مستاء للغاية لتفاقم الأزمة في سوريا وتواصل سقوط عشرات الضحايا من المدنيين الأبرياء في سوريا يوميا. إن هذا الأمر غير مقبول ولا يمكن الاستمرار في السكوت عنه. وبالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي فقد توجت قراراتها بتجميد عضوية سوريا خلال قمة مكة الاستثنائية الرابعة، وهو قرار لجأت إليه الدول الأعضاء بعد استنفاد كافة المحاولات الديبلوماسية والسياسية مع القيادة السورية من أجل إقناعها بتنفيذ التزاماتها تجاه شعبها. ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا وجهنا الدعوة تلو الأخرى للأطراف السورية، قيادةً ومعارضة، للدخول في الحوار وتوخي الطرق السلمية لحل الأزمة. وأكدنا على رفضنا لأساليب العنف والتعنيف واللجوء إلى الحلول الأمنية وضرورة الاستجابة بدلا من ذلك للمطالب والتطلعات المشروعة للشعب السوري في المشاركة السياسية والحكم الرشيد والإسراع بتطبيق الإصلاحات التي تعهدت بها القيادة السورية. وأقدمت شخصيا على الاتصال بالمسؤولين السوريين، وأرسلت مبعوثا خاصا حمَل رسالة مني إلى الرئيس بشارالأسد لحثهم على وقف العنف الذي تجابه به التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير والإصلاح، مع حرص المنظمة على ضمان أمن سوريا ووحدتها وتجنيبها التدخلات الخارجية. وفي نوفمبر 2011 دعوت إلى عقد اجتماع اللجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية بمقر المنظمة في جدة، وحثت اللجنة التنفيذية السلطات السورية على التوقف فوراً عن استخدام القوة ضد مواطنيها وعلى الاحترام التام لحقوق الإنسان. كما طالبت السلطات السورية بالوفاء بالتزاماتها من خلال القيام بعملية الإصلاح والاستجابة للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري. كما طالبت السلطات السورية بالسماح للهيئات الإنسانية والإسلامية والدولية بالدخول إلى سوريا لتقديم الإعانات الإنسانية. والأمر نفسه في جوان الماضي، حين عدنا لعقد اجتماع اللجنة التنفيذية الثاني على مستوى وزراء الخارجية والذي كرر موقف المنظمة من ضرورة تحقيق مطالب الشعب السوري، ووقف العنف المستمر في حقه. ولكن عمليا، كيف يمكن أن يستفيد الشعب السوري من هذه التحركات؟ - المنظمة تؤكد على دعمها للإجراءات التنفيذية للمبادرة العربية التي أقرها مجلس وزراء الخارجية العرب بتاريخ 22 جانفي 2012 لإيجاد حل سلمي للأزمة في سوريا. ومن هذا المنبر فإني أجدد الدعوة للمجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، لأن يتحمل مسؤوليته في حفظ الأمن وحماية المدنيين واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحقن الدماء في سوريا وإيجاد حل يضمن الأمن والاستقرار في هذا البلد ويجنبه مخاطر التدخل الخارجي. تكررت الاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك وهوما جعل الرئيس الفلسطيني أبومازن يستنجد بالمنظمة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وإنقاذ الأقصى.. فماذا ستقدم المنظمة باستثناء التنديد، وكيف تنظرون إلى استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأقصى؟ بالفعل تلقيت اتصالا هاتفيا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تناولنا فيه التطورات الخطيرة والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد المسجد الأقصى المبارك، وطلب الرئيس الفلسطيني عقد اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي حول هذا الغرض، وبدأنا في الأمانة العامة بإجراء المشاورات اللازمة لذلك، حيث نقوم بالاتصالات مع الأطراف المعنية، وهناك مقترحات عديدة لجملة من التدابير والإجراءات التي نعتزم اتخاذها من أجل وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية الخطيرة والتي تعدت الخط الأحمر المتمثل في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فضلا عن الانتهاكات المستمرة ضد أهالي مدينة القدس، والضغوط الإسرائيلية المستمرة من أجل تهجيرهم وطمس هوية المدينة الإسلامية والعربية. وأود أن أكرر إدانتي الشديدة للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى وأهلنا في مدينة القدس، وأحذر أيضا من خطورة تصاعد الاقتحامات للأقصى المبارك وباحاته من قبل المتطرفين اليهود وقوات الاحتلال والتي يقابلها منع المسلمين من الدخول إلى المسجد والصلاة فيه، وإخراجهم منه واعتقالهم والاعتداء عليهم، والتي بلغت حدا لا يمكن السكوت عنه، وهو ما يمثل تمهيدا لتنفيذ مخططات خطيرة تستهدف الحرم القدسي الشريف. إن الانتهاكات المتكررة التي تتعرض لها القدس تعتبر خرقاً صارخاً للقانون الدولي واتفاقيات جينيف وقرارات الشرعية الدولية، وتتعارض مع الاتفاقية الخاصة بحماية المعالم الحضارية العالمية والتراث الطبيعي ومختلف القرارات الصادرة عن منظمة اليونسكو ولجنة التراث العالمي، لذا تجسدت التحركات السياسية للمنظمة في التأثير على دول عديدة لإعلان اعترافها بدولة فلسطين، ومن ثم حشد الدعم الدولي لقبول عضوية فلسطين في منظمة اليونسكو، وتحقق هذا الإنجاز التاريخي الذي يضاف إلى تبني اليونسكو لقرارات هامة حول القدس، نتيجة تكاتف جهود المجموعة الإسلامية والدول الصديقة في هذا الصدد. ولكن، ماذا بشأن القضية الفلسطينية ودور المنظمة التي أنشئت من أجل القضية؟ فلسطين تعتبر القضية التي أنشئت من أجلها المنظمة، لهذا تواصل المنظمة جهودها على مستوى المنظمات الدولية، ولا سيما الأممالمتحدة، حيث تنشط المجموعة الإسلامية في أكثرمن محفل دولي، من أجل حشد الدعم الدولي للحقوق الفلسطينية الثابتة والدفاع عنها، ودعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والتي كان آخرها الجهود التي قامت بها المجموعة الإسلامية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي، والتي شاركت فيها بشكل مباشر. كيف تعاملت منظمة التعاون الإسلامي مع الأزمة التي ارتبطت بالفيلم المسيء للإسلام والمسلمين، وهل من مجال لإجراءات رادعة تجاه حملات الكراهية ومحاولات التشويه التي تسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أود أن أشير إلى أن الجهود التي تقوم به المنظمة لمواجهة حملات الكراهية ضد الإسلام ومقدساته وضد ظاهرة الإسلاموفوبيا عموما قد بدأت منذ سنوات، وبوتيرة متصاعدة، وفي مختلف المحافل السياسية والثقافية الغربية. وقد توج هذا المسعى الجاد للمنظمة بنجاحها الباهر في استصدار القرار رقم 16/18، عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جينيف في مارس 2011، والذي ينص على "مكافحة التعصب والقولبة النمطية السلبية والوصم والتمييز والتحريض على العنف وممارسته ضد الناس بسبب دينهم ومعتقدهم"، وتمكنت المنظمة بفضل جهودها المكثفة من استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع في ديسمبر 2011، وهو قرار يؤكد ويدعم قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/18، إضافة إلى نجاح المنظمة على مدى سنوات متتالية في استصدار قرار سنوي من الجمعية العامة ضد الإساءة للأديان، وهو القرار الذي شكل رصيدا معنويا داعما دفع الغرب إلى قبول القرار 16/18 في النهاية، والإقرار لاحقا بوجود ظاهرة الإسلاموفوبيا في بلدانهم بعد سنوات من نكران هذه الظاهرة. وبالطبع جاء إنشاء مرصد الإسلاموفوبيا في المنظمة لرصد المخالفات والانتهاكات ضد المسلمين ومقدساتهم في مختلف أنحاء العالم، مؤشرا تعمل من خلاله المنظمة، وتصدّر تقريرها السنوي الذي يرفع إلى وزراء الخارجية لاتخاذ القرارات المناسبة إزاء نتائجه ومؤشراته. ما من شك في أن الإسلاموفوبيا أصبحت ظاهرة مؤسساتية في الغرب بعد أن تسللت إلى أنشطة رسمية حكومية، بل وأضحت جزءاً من برامج الأحزاب السياسية اليمينية في الغرب. وأود أن أشير هنا كذلك إلى جولتي الأخيرة في دول غربية خلال شهري سبتمبر الماضي وأكتوبر الجاري، حيث التقيت بقادة سياسيين في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا، وبحثت مسألتي الفيلم المسيء والرسوم الكاريكاتورية، وحرصت خلال زيارتي إلى باريس على طرح مسألة الرسوم المسيئة مع وزير الخارجية الفرنسي، وثمة قنوات حوار مفتوحة بين المنظمة والغرب سوف تتجلى أكثرها زخما في اجتماع لندن ديسمبر المقبل الذي يعد الثاني من نوعه بعد اجتماع واشنطن في سياق ما يسمى باجتماعات وتيرة اسطنبول التي بدأت في أوت 2011. القضية التي لم تجد لها اهتماما يذكر حتى الآن في الأوساط السياسية والديبلوماسية كما الاعلامية هي قضية الاقليات المسلمة في بورما وما تعيشه من مآس ومجازر عرقية متكررة.. فماذا عن مسؤولية المنظمة تجاه الأقليات المسلمة في بورما وفي مختلف أنحاء العالم؟ - منذ أن توليت مهام منصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حرصت على تفعيل إدارة الأقليات في المنظمة ومدها بالخبرات والكوادر المتخصصة، وذلك للاهتمام بشؤون الأقليات المسلمة في جميع أنحاء العالم ومتابعتها. وفي ما يخص قضية مسلمي الروهينجا في إقليم أراكان في ميانمار، فقد عقدت المنظمة في الثالث من أوت في كوالالمبور، اجتماعاً تشاورياً بشأن الأزمة الإنسانية في هذا الإقليم لتحديد الوسائل الممكنة لتقديم المساعدات إلى المتضررين في ميانمار وإلى اللاجئين في البلدان المجاورة. كما دعوت لاجتماع للجنة التنفيذية بشأن الروهينجا والذي عقد في الخامس من أوت 2012 لاتخاذ موقف موحد بين جميع الدول الأعضاء في المنظمة واتخاذ الإجراء اللازم لوقف العنف ومد يد العون لإخواننا المسلمين. وحضرالاجتماع الدكتور وقار الدين، المدير العام لاتحاد الروهينجا أراكان للإدلاء بشهادته أمام الدول الأعضاء وتقديم معلومات مستقاة من المصدر. ومؤخرا عقدت المنظمة اجتماعا تنسيقيا في الدوحة لتنظيم وتنسيق إرسال المساعدات الإنسانية إلى إقليم آراكان، وأشير هنا إلى أن المنظمة تمكنت من خلال المنظمات الإنسانية العاملة معها من جمع 25 مليون دولار، بالإضافة إلى نجاح وفد المنظمة الذي زار المناطق المتضررة في آراكان في سبتمبر الماضي، من توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب البورمي تقضي بافتتاح مكتب إنساني للمنظمة في نيبيتاو وآخر في آراكان.. هذا فضلا عن إثارة هذه القضية خلال رحلتي إلى نيويورك حيث شاركت في اجتماعات الجمعية العامة، وهناك جرى تشكيل، مجموعة اتصال الأولى من نوعها، من الدول الأعضاء تعنى بمتابعة القضية التي ستشهد أيضا خلال الشهرين المقبلين خطوات واضحة ومفصلية تجاه إيجاد حل لمسلمي الروهينجا.