مخطط التنمية 2026 – 2030: اقتراح 132 مشروع بمدينة الحمامات    بوعسكر: قبول أول عريضة لسحب الوكالة من عضو بمجلس محلي    مصادر دبلوماسية: مؤتمر الأمم المتحدة لحل الدولتين سيعقد في 28 و29 جويلية    في إطار خطة إدارة ترامب: الخارجية الأمريكية بصدد إقالة أكثر من 1300 دبلوماسي وموظف حكومي    النصر السعودي يسعى لخطف نجم ميلان الإيطالي    تاريخ الخيانات السياسية (12) بين الحجّاج و ابن الأشعث    لولا دا سيلفا: لسنا بحاجة للتجارة مع الولايات المتحدة    تونس – القلعة الكبرى: العثور على فتاة ميتة في منزلها بحبل ملتف حول رقبتها    ترامب يضغط على الرؤساء الأفارقة لقبول المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من الولايات المتحدة    سفارة إيطاليا في تونس تحذر من وسطاء حجز مواعيد للتصريح بالقيمة وتدعو الطلبة إلى التثبت    رغم الضغوطات وحملات الدعم : الإفريقي يرفع «الفيتو» أمام عودة «النجوم المُنتهية»    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل لنهائي ويمبلدون للمرة الأولى    الحكومات العربية باتت مهتمة بالاستخدمات السلمية للتكنولوجيات النووية    أمطار متفرقة بالمرتفعات الغربية للوسط والجنوب آخر نهار الجمعة وبداية الليل    قرطاج لا يُغَنَّى فيه مجانًا... تصريح رسمي يحسم الجدل حول مشاركة الفنانة أحلام    بالمناسبة .. .مهازل مهرجان قرطاج وفضائحه    عاصفة رملية بولايتي توزر وقبلي: سقوط أشجار وتضرّر نخيل    منظمة الصحة العالمية تكرّم سعيّد    الكولستيرول الجيد والكولستيرول الضار: هل تعرف ما هو الفرق؟    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات تحت 19 عاما: المنتخب التونسي يتبارى غدا مع منتخب جمهورية الدومينيكان من أجل المركز 23    المنستير: تنظيم الأيام الإعلامية الجهوية للتوجيه الجامعي لفائدة الناجحين في البكالوريا يومي 14 و15 جويلية الجاري    الاعلامي فهمي البرهومي يؤكد تعرضه للسحر من شخص مقرّب منه    الجامعة العامة للنقل تُحمّل وزارة النقل تداعيات إضراب أعوان شركة قرقنة المزمع تنفيذه يومي 17 و18 جويلية الجاري    الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    عاجل/ بلاغ هام للناجحين في دورة المراقبة لامتحان البكالوريا    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    عاجل/ لبنان يحسم موقفه من التطبيع ويرد على تصريحات حكومة الاحتلال    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    العجز التجاري لتونس يتفاقم بنسبة 23،5 بالمائة    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    عاجل/ هذا ما كشفه عمر بحبة عن العاصفة الرمليّة بقبلي وتوزر..وهذه حالة الطقس نهاية الأسبوع..    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    ما ترقدش بكري؟ المخ، القلب، والمعدة يدفعوا الثمن!    عاجل/ ولاية تونس توجه تنابيه لهؤلاء..    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    4 سنوات سجن في حق رجل الأعمال لزهر سطا وخطية تفوق 5 ملايين دينار    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    سعيّد: كلّ تظاهرة ثقافيّة أو فنيّة يجب أن تتنزّل في إطار قضايا الحريّة والتحرّر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاريع صغيرة في محمية طبيعية ثبتت السكان وحسنت مواردهم
رسالة عمان: في زيارة إلى أعماق ضانا الأردنية
نشر في الصباح يوم 12 - 10 - 2012

خالد المزايدة، شاب أردني يتقد نشاطا، وهو بطلعته الواثقة، ونظراته النافذة، وزي الحراسة الأنيق الذي يرتديه، يعطي الإنطباع لزائر محمية ضانا الطبيعية الواقعة بمنطقة القادسية على بعد 180 كلم من مدينة عمان، أنه مثل الصقر،
على استعداد في أي لحظة للانقضاض على كل من تسول له النفس الاستهانة بمحاذير مديره الدكتور عامر أرفوع، أو تجاوز الخطوط الحمراء لإدارة المحمية.
لكن بمجرد الحديث مع هذا الحارس ومديره وغيره من الموظفين والاستماع إلى أهالي هذه الأعجوبة الطبيعية الخلابة بجبالها الصخرية الضخمة، تسقط الأحكام الانطباعية، وتنتفي الهواجس من أن ساكني تلك الديار الحجرية المنغرسة في قلب المحمية، سجناء مسلوبي الارادة لا يقدرون على الرحيل، وفي الآن نفسه لا يستطيعون العيش طلقاء في الطبيعة البكر الزاخرة بشتى أصناف النباتات والحيوانات.
تسقط الانطباعات لتنتصر حقيقة مثيرة للدهشة وهي أن الحراس لا ينامون، ليس لأن الواجب الوظيفي يملي عليهم اليقظة ليلا نهارا، بل لأن الأهالي، وهم أهاليهم، استأمنوهم على رعاية محميتهم، لا لشيء إلا لأنهم أدركوا بالتجربة جدوى المحافظة على مخزوناتها الطبيعة وحمايتها من الرعي الجائر، والصيد العشوائي ومن استنزاف مواردها الخشبية.
ففي هذه المحمية التي تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على مساحة تناهز 300 كم مربع تتداخل أهمية التنوع الجيولوجي بالتنوع البيولوجي بالتنوع الأركيولوجي لتكون الحصيلة مشهدا نادر الوجود.
تنوع أخّاذ
يقول مالك العوجي الباحث البيئي في المحمية :" تتميز جبال ضانا التي ترتفع أكثر من 1600 متر عن مستوى سطح البحر و1500 متر تحته بتنوع تركيبتها الجيولوجية وتباينها، كما أنها المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي على أربعة أنظمة حيوية وهي إقليم البحر الأبيض المتوسط شبه الجاف والإقليم الإيراني الطوراني وإقليم الصحراء العربية والإقليم السوداني، ولهذا السبب تعتبر أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية".
ومن جهته يفسر الدكتور عامر أرفوع مدير المحمية:"يوجد في ضانا 383 نوعا من النباتات 3 منها مصنفة باسم ضانا و38 نوعا من الثدييات و216 نوعا من الطيور إلى جانب 98 موقعا أثريا أبرزها موقع فينان". ويعد هذا الموقع وفق الدكتور أرفوع أهم المواقع الأثرية الأردنية بعد البتراء، لذلك مكنها هذا التنوع البيولوجي والأثري على حد تعبيره من أن تكون قبلة لنحو 120 ألف زائر العام الماضي، 80 بالمائة منهم سواح أجانب.
وفي نفس السياق يقول الحارس خالد باعتزاز: "ضانا، ليست مجرد أدغال وصخور بل هي قطعة من الروح".. ويضيف بطلاقة أكبر، بعد أن أذن له مديره بإجابة صحفيي برنامج سكوب التدريبي الذي يديره الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين :" إنني أنا بدوري ابن هذه المحمية.. ولدت هنا ونشأت في جبالها وترعرعت في فيافيها.. وحرصي عليها هو من حرص أهلي على حماية هذه الدرة حتى لا تطالها أيادي العابثين الذين لا يلتزمون بالضوابط.. فهناك مناطق حددتها الإدارة للرعي، وأخرى للاحتطاب، وهناك مناطق أخرى ممنوع فيها ممارسة هذه الانشطة، كما ضبطت الادارة مواسم للصيد وقواعد لا يجدر تجاوزها، ومن يخالف يعاقب".
ويفسر :"إن درجات الالتزام باحترام خصوصيات المحمية الطبيعة تختلف بين الناس لكن لا أحد يمكنه أن يشك للحظة في حب جميع الناس هنا لهذه الأرض الطبيبة التي حبانا بنا الله ".
وتذهب أم شعبان عاملة ورشة الفضة الكائن هناك في قلب المحمية إلى أبعد من ذلك عندما تتحدث عن حبها لبلدتها التي تأوي نحو 25 ألف نسمة.. إذ تقول وقد ترقرقت في عينيها الدموع :"إن ضانا أغلى على القلب من "الضنى" (الأولاد) وإنني لم أفكر أبدا حتى في أحلك أيام حياتي وأشدها بؤسا في الرحيل عن ضنا.. فأنا لا أستطيع الحياة بعيدا عنها ولا أتخيل أنني قادرة على العيش دون تنسم هوائها الصافي".
وتضيف أم شعبان بعد أن ثبتت نظاراتها لتتفحص مليا قطعة الفضة قبل أن تسبكها وتصنع منها بمعية رفيقاتها حليا جميلا يتهافت عليه السياح :" كلنا في ضانا حراسا لضانا.. إذ نريدها أن تكون دائما مضيافة فاتحة ذراعيها لزوارها لذلك نتصدى بقوة لكل من يتعدى عليها".
جدوى تشريك الاهالي
ولا يختلف معها الدكتور عامر أرفوع في الرأي إذ يؤكد أنه اقتنع بالتجربة أن برامج حماية المحمية لا يمكن أن تنجح إذا كانت مسقطة على الأهالي وإذا لم يقع تشريك السكان المحليين في تصورها وادارتها وإذا لم يشعر هؤلاء بأهمية هذه البرامج ومردوديتها وانعكاساتها الايجابية على تنمية مداخيلهم وتحسين ظروف عيشهم.
ويضيف الحارس خالد إن اجتماعات دورية تقيمها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة مع أهالي ضانا، يتم خلالها تبادل الآراء والمقترحات والنقد أيضا من أجل البحث عن حلول لجميع المشاكل.. ويفسر أن الساكن إذا اقتنع أن حسن التصرف في المحمية يمكن أن يحسن مداخيله فإنه سيمتثل بسهولة.
ومن جهته يؤكد مدير المحمية أن قيمة المشاريع التنموية التي أقيمت في ضنا بلغت 800 ألف دينار أردني في السنة ( نحو 17 ألف دينار تونسي) في السنة استفاد الأهالي بنسبة 84 بالمائة من فوائدها الاجمالية إضافة إلى مساهمة تلك المشاريع في توفير 85 فرصة عمل لأبناء المنطقة.
وتقول زميلة لأم شعبان بورشة الفضة :"إنني أتقاضى 150 دينارا شهريا وهو مبلغ محترم يساعدني على إعالة أطفالي الأربعة وتوفير مستلزماتهم، وأعترف أن عملي في ورشة الفضة غير الكثير في حياتي، كما أن انفتاح ضانا على السياح جعل مداخيلنا الإضافية أفضل"..
وبعيدا عن ورشة الفضة والمباني الأثرية المحاذية للحفر الصخرية العملاقة وبيت الضيافة يوجد في عمق ضانا مخيم الرمانة ونزل بيئي يؤمهما يوميا العديد من السياح وهناك منهم من يقيم في تلك الفيافي يسهر حتى مطلع الفجر على أضواء الشموع تحت الخيام.
ورغم اقراره بنجاح تجربة بعث محمية بيئية مفتوحة وآهلة بالسكان لم يخف مدير المحمية انزعاجه من المخاطر التي تهدد المحمية خاصة الصيد الجائر والتحطيب واستخراج المعادن خاصة النحاس على مقربة منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.