16 ديسمبر: جلسة عامة للمصادقة على قانون انتداب الخريجين ممن طال بطالتهم    موعد انطلاق العمل بجهاز تسجيل الاستهلاك بالمطاعم والمقاهي..#خبر_عاجل    السعودية تجري بعض التعديلات الخاصة بتأشيرات العمرة    إنتقالات: خالد بن يحي يخوض تجربة تدريبية جديدة    ذهبيتان لتونس في بطولة العالم للتايكواندو.. شكون الأبطال؟    حادثة مأساوية: مقتل رضيعة على يد طفلة داخل حضانة!!    عاجل/ ميزانية 2026: اكثر من 51 ألف انتداب جديد بالوظيفة العمومية    عاجل/ الكشف عن السعر المبدئي للتر الواحد من زيت الزيتون    الرابطة الأولى: دربي الملعب التونسي والنادي الإفريقي يتصدر برنامج مواجهات الجولة ال13 ذهابا    آبل تقاضي Oppo الصينية وتتهمها بالتجسس    بودربالة يطلع على الوضعية المهنية لعدد من المتعاقدين بمراكز الفنون الدرامية والركحية    استخبارات غربية تتحدث عن إعادة بناء إيران قدراتها الصاروخية بدعم صيني    عاجل: اكتشاف سمكة ''ذات الراية'' في ليبيا يثير القلق ... هل تصل تونس بعد؟    عاجل/ اللمسات الأخيرة.. خطة "القوة الدولية" في غزة تتكشف..    مؤسسة الأرشيف الوطني ستعمل على حفظ الوثائق السمعية البصرية من الإتلاف وبناء استراتيجية لرقمنة المحامل القديمة (مدير عام الارشيف الوطني)    "جائحة الوحدة": لماذا نشعر بالعزلة في عالمٍ فائق التواصل؟    اليوم الجهوي حول الرضاعة الطبيعية يوم 4 نوفمبر المقبل بالمركز الثقافي والرياضي للشباب ببن عروس    الدورة الرابعة للبطولة الوطنية للمطالعة: حين تصبح المطالعة بطولة.. وتتحول المعرفة إلى فوز    رئيس الجامعة التونسية للريشة الطائرة ل"وات": "بلوغ المستوى العالمي والأولمبي يبدأ بتطوير البنية التحتية وتكثيف المشاركات الدولية"    غرفة التجارة والصناعة لتونس تنظم يوم 5 نوفمبر ندوة حول "حماية حقوق الملكية الفكرية..رافد لتطوير الصادرات    10 مشروبات ليلية تساعد على إنقاص الوزن..تعرف عليها..!    عاجل: غدوة آخر فرصة لتسديد 30% من المعاليم للتوانسة بالخارج    قبلي: توقف عدد من فلاحي منطقة جمنة عن جني تمورهم بسبب تخفيض اسعار قبول دقلة النور من طرف عدد من المجمعين    الدولي التونسي سيباستيان تونيكتي يفتتح رصيده التهديفي مع سيلتيك في البطولة الاسكتلندية    داومان جوهرة أرسنال يصبح أصغر لاعب سنا يشارك أساسيا في تاريخ النادي    دورة الهاشمي رزق الله الدولية: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الايراني    عاجل: المرور على جسر لاكانيا يتحوّل جزئيًا.. هاو كيفاش تتجنب ال embouteillage    تنبيه عاجل : علامات تخليك تعرف إذا كان تليفونك مخترق وكيفاش تحمي روحك    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يغلق مدينة القدس..    زلزال بقوة خمس درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل : مصوران يفقدان حياتهما أثناء تصوير إعلان في بورسعيد    قفصة: الدورة 35 للمهرجان الإقليمي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية يوم 31 اكتوبر الجاري    الملتقى الدولي حول 'الانسانية المعززة.. الفنون والتفرد.. تصورجديد لاخلاقيات الغد وجماليته ' من 12 الى 15 نوفمبر 2025 بجامعة قابس    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    ديوان الصناعات التقليدية ينظم المشاركة التونسية في المعرض الدولي للصناعات التقليدية بميلانو من 6 الى 14 ديسمبر 2025    عاجل/ جامعة البنوك توجه هذا النداء لرئيس الجمهورية..    تمضغ ''الشوينقوم''على معدة فارغة ...حاجة خطيرة تستنى فيك    أكثر أمراض القطط شيوعًا    بايرن ميونيخ يحقق بداية قياسية للموسم بانتصاره على كولن بالكأس    غلق كل حساب بنكي يتجاوز 3 اشهر دون معاملات...شكونهم التوانسة المعنيين ؟    العوينة: مقتل شاب طعناً بسكين والنيابة العمومية تأذن بفتح بحث تحقيقي    عاجل/ سقط من الحافلة: أول تصريح لوالد طفل ال13 سنة بعد وفاته..    هجوم غامض على مدارس في سيدي بوزيد... التحقيقات متواصلة!    علاش نحسوا بالبرد أكثر كي نكبروا في العمر؟    السودان بين صمت العالم ونزيف الحرب.. طارق الكحلاوي يشرح جذور المأساة وتعقيدات الصراع    صدمة في لبنان: وفاة مفاجئة لنجم ''ذا فويس'' في ظروف غامضة    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 22 و29 درجة    سرقة اللوفر.. اعترافات جزئية ومصير مجهول لمجوهرات بقيمة 88 مليون يورو    وفاة شاب إثر سقوطه من عربة المترو رقم 4 بين باب العسل وباب سعدون    أليستْ اللّغةُ أمَّ الثقَافة؟    رَجّةُ مُتَمرّد    سيدي بوعلي: وفاة الطفل عمر اثر حادث سقوطه من حافلة    عاجل: حفل تكريم الفائزين بالبطولة الوطنية للمطالعة في بن عروس...لا تفوتوا الحدث!    تنشط بين هذه الولايات: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات تستغلّ سيارات إسعاف أجنبية    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    تونس: وزارة التربية تنشر فيديو توضيحي لعملية التسجيل في كونكور السيزيام والنوفيام    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاريع صغيرة في محمية طبيعية ثبتت السكان وحسنت مواردهم
رسالة عمان: في زيارة إلى أعماق ضانا الأردنية
نشر في الصباح يوم 12 - 10 - 2012

خالد المزايدة، شاب أردني يتقد نشاطا، وهو بطلعته الواثقة، ونظراته النافذة، وزي الحراسة الأنيق الذي يرتديه، يعطي الإنطباع لزائر محمية ضانا الطبيعية الواقعة بمنطقة القادسية على بعد 180 كلم من مدينة عمان، أنه مثل الصقر،
على استعداد في أي لحظة للانقضاض على كل من تسول له النفس الاستهانة بمحاذير مديره الدكتور عامر أرفوع، أو تجاوز الخطوط الحمراء لإدارة المحمية.
لكن بمجرد الحديث مع هذا الحارس ومديره وغيره من الموظفين والاستماع إلى أهالي هذه الأعجوبة الطبيعية الخلابة بجبالها الصخرية الضخمة، تسقط الأحكام الانطباعية، وتنتفي الهواجس من أن ساكني تلك الديار الحجرية المنغرسة في قلب المحمية، سجناء مسلوبي الارادة لا يقدرون على الرحيل، وفي الآن نفسه لا يستطيعون العيش طلقاء في الطبيعة البكر الزاخرة بشتى أصناف النباتات والحيوانات.
تسقط الانطباعات لتنتصر حقيقة مثيرة للدهشة وهي أن الحراس لا ينامون، ليس لأن الواجب الوظيفي يملي عليهم اليقظة ليلا نهارا، بل لأن الأهالي، وهم أهاليهم، استأمنوهم على رعاية محميتهم، لا لشيء إلا لأنهم أدركوا بالتجربة جدوى المحافظة على مخزوناتها الطبيعة وحمايتها من الرعي الجائر، والصيد العشوائي ومن استنزاف مواردها الخشبية.
ففي هذه المحمية التي تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة على مساحة تناهز 300 كم مربع تتداخل أهمية التنوع الجيولوجي بالتنوع البيولوجي بالتنوع الأركيولوجي لتكون الحصيلة مشهدا نادر الوجود.
تنوع أخّاذ
يقول مالك العوجي الباحث البيئي في المحمية :" تتميز جبال ضانا التي ترتفع أكثر من 1600 متر عن مستوى سطح البحر و1500 متر تحته بتنوع تركيبتها الجيولوجية وتباينها، كما أنها المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي على أربعة أنظمة حيوية وهي إقليم البحر الأبيض المتوسط شبه الجاف والإقليم الإيراني الطوراني وإقليم الصحراء العربية والإقليم السوداني، ولهذا السبب تعتبر أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية".
ومن جهته يفسر الدكتور عامر أرفوع مدير المحمية:"يوجد في ضانا 383 نوعا من النباتات 3 منها مصنفة باسم ضانا و38 نوعا من الثدييات و216 نوعا من الطيور إلى جانب 98 موقعا أثريا أبرزها موقع فينان". ويعد هذا الموقع وفق الدكتور أرفوع أهم المواقع الأثرية الأردنية بعد البتراء، لذلك مكنها هذا التنوع البيولوجي والأثري على حد تعبيره من أن تكون قبلة لنحو 120 ألف زائر العام الماضي، 80 بالمائة منهم سواح أجانب.
وفي نفس السياق يقول الحارس خالد باعتزاز: "ضانا، ليست مجرد أدغال وصخور بل هي قطعة من الروح".. ويضيف بطلاقة أكبر، بعد أن أذن له مديره بإجابة صحفيي برنامج سكوب التدريبي الذي يديره الاتحاد الدولي للصحفيين العلميين :" إنني أنا بدوري ابن هذه المحمية.. ولدت هنا ونشأت في جبالها وترعرعت في فيافيها.. وحرصي عليها هو من حرص أهلي على حماية هذه الدرة حتى لا تطالها أيادي العابثين الذين لا يلتزمون بالضوابط.. فهناك مناطق حددتها الإدارة للرعي، وأخرى للاحتطاب، وهناك مناطق أخرى ممنوع فيها ممارسة هذه الانشطة، كما ضبطت الادارة مواسم للصيد وقواعد لا يجدر تجاوزها، ومن يخالف يعاقب".
ويفسر :"إن درجات الالتزام باحترام خصوصيات المحمية الطبيعة تختلف بين الناس لكن لا أحد يمكنه أن يشك للحظة في حب جميع الناس هنا لهذه الأرض الطبيبة التي حبانا بنا الله ".
وتذهب أم شعبان عاملة ورشة الفضة الكائن هناك في قلب المحمية إلى أبعد من ذلك عندما تتحدث عن حبها لبلدتها التي تأوي نحو 25 ألف نسمة.. إذ تقول وقد ترقرقت في عينيها الدموع :"إن ضانا أغلى على القلب من "الضنى" (الأولاد) وإنني لم أفكر أبدا حتى في أحلك أيام حياتي وأشدها بؤسا في الرحيل عن ضنا.. فأنا لا أستطيع الحياة بعيدا عنها ولا أتخيل أنني قادرة على العيش دون تنسم هوائها الصافي".
وتضيف أم شعبان بعد أن ثبتت نظاراتها لتتفحص مليا قطعة الفضة قبل أن تسبكها وتصنع منها بمعية رفيقاتها حليا جميلا يتهافت عليه السياح :" كلنا في ضانا حراسا لضانا.. إذ نريدها أن تكون دائما مضيافة فاتحة ذراعيها لزوارها لذلك نتصدى بقوة لكل من يتعدى عليها".
جدوى تشريك الاهالي
ولا يختلف معها الدكتور عامر أرفوع في الرأي إذ يؤكد أنه اقتنع بالتجربة أن برامج حماية المحمية لا يمكن أن تنجح إذا كانت مسقطة على الأهالي وإذا لم يقع تشريك السكان المحليين في تصورها وادارتها وإذا لم يشعر هؤلاء بأهمية هذه البرامج ومردوديتها وانعكاساتها الايجابية على تنمية مداخيلهم وتحسين ظروف عيشهم.
ويضيف الحارس خالد إن اجتماعات دورية تقيمها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة مع أهالي ضانا، يتم خلالها تبادل الآراء والمقترحات والنقد أيضا من أجل البحث عن حلول لجميع المشاكل.. ويفسر أن الساكن إذا اقتنع أن حسن التصرف في المحمية يمكن أن يحسن مداخيله فإنه سيمتثل بسهولة.
ومن جهته يؤكد مدير المحمية أن قيمة المشاريع التنموية التي أقيمت في ضنا بلغت 800 ألف دينار أردني في السنة ( نحو 17 ألف دينار تونسي) في السنة استفاد الأهالي بنسبة 84 بالمائة من فوائدها الاجمالية إضافة إلى مساهمة تلك المشاريع في توفير 85 فرصة عمل لأبناء المنطقة.
وتقول زميلة لأم شعبان بورشة الفضة :"إنني أتقاضى 150 دينارا شهريا وهو مبلغ محترم يساعدني على إعالة أطفالي الأربعة وتوفير مستلزماتهم، وأعترف أن عملي في ورشة الفضة غير الكثير في حياتي، كما أن انفتاح ضانا على السياح جعل مداخيلنا الإضافية أفضل"..
وبعيدا عن ورشة الفضة والمباني الأثرية المحاذية للحفر الصخرية العملاقة وبيت الضيافة يوجد في عمق ضانا مخيم الرمانة ونزل بيئي يؤمهما يوميا العديد من السياح وهناك منهم من يقيم في تلك الفيافي يسهر حتى مطلع الفجر على أضواء الشموع تحت الخيام.
ورغم اقراره بنجاح تجربة بعث محمية بيئية مفتوحة وآهلة بالسكان لم يخف مدير المحمية انزعاجه من المخاطر التي تهدد المحمية خاصة الصيد الجائر والتحطيب واستخراج المعادن خاصة النحاس على مقربة منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.