تحركت كل القوى السياسية والاجتماعية في العاصمة بحثا عن حل وفاقي لتجاوز المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد، وسعيا لتأمين ووضع خارطة طريق للمرحلة القادمة واستحقاقاتها التي بات يعرفها القاصي والداني. وقد سعى الاتحاد العام التونسي للشغل إلى تنظيم لقاء وطني جمع معظم الأحزاب الوطنية ومكونات المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب، وقابلته الحكومة بمواقف عبرت فيها عن تجاوز الوضعية بتحديد تواريخ هامة تتعلق بالانتخابات التشريعية القادمة وبضبط روزنامة تحدد أهم الاستحقاقات والمواعيد الأخرى أيضا مثل اللجنة العليا المستقلة للانتخابات وملف الإعلام وغيرهما من الجوانب التي مثلت لحد الأيام القريبة الماضية مواضيع خلافية بين الفرقاء السياسيين. ولئن تم كذلك ولو بشكل مازال يتطلب مزيدا من الإجماع والالتقاء والتوافق، فإن المواطن في جهات عديدة من البلاد مثل سيدي بوزيد وتالة وتطاوين وبوزيان وغيرها من الجهات الداخلية الأخرى، مازال يعيش وضعا مغايرا تماما للوضع الذي تمر به العاصمة. وفي تلك الجهات مازالت تحصل تحركات واعتصامات واضرابات عامة تطالب بالحق في الشغل والتنمية وغيرهما من المطالب التي تتصل بحياة الناس وخبزهم اليومي. وبين الواقع في العاصمة وما تطمح له الحكومة من ناحية والأحزاب من ناحية أخرى، وواقع الجهات الداخلية واهتمامات سكانها يظهر البون الشاسع في الاهتمامات اليومية لسكان البلاد وقيادتها السياسية، فيغني كل ليلاه. وعلينا في هذا الواقع الذي يعكس اهتمامات مختلفة الا أن نقول بالاسراع بتعديل الساعة والبوصلة للبلاد لا فقط من قبل الحكومة التي تدير شؤون البلاد فحسب بل من كل الفاعلين السياسيين. ومن هذا المنطلق نقول كذلك أنه لا بد من الوعي بصعوبة هذا الوضع وبوجوب لملمة الأمور قبل فوات الأوان، خاصة بعدما تطور العنف السياسي وطال حصد الأرواح ورسم صورة مخيفة لكل المواطنين الذين باتوا يشعرون بأن البلاد أصبحت على فوهة بركان العنف الذي سوف يأتي على الأخضر واليابس ويدفع ثمنه كل المواطنين. فهل من صحوة تبدد هذه المخاوف وتضع البلاد على سكة العبور إلى المستقبل الباسم بعيدا عن كل المنزلقات والمخاوف، ودرءا لكل ما من شأنه أن يدمر حصاد الثورة في الحرية والكرامة والتعايش السلمي؟