حلّ بولاية القصرين في الأسبوع المنقضي وفد من مكتب دراسات فرنسي وقع تكليفه من طرف البنك الأوروبي للاستثمار للقيام بدراسة نموذجية حول دور المركّب الصناعي والتكنولوجي بالقصرين في الحراك الاقتصادي لبناء أنموذج تنموي يلعب دورا مهمّا في التنمية المحلّية.. وقد حضرت كلّ الجهات المتدخّلة في مجال التنميّة من مؤّسسات وجمعيات ومعاهد عليا وخبراء في مجال التكوين والرسكلة والدراسات لبعث المشاريع... الدراسة هي محاولة لإيجاد منوال تنمويّ جديد يجعل من القطب الصّناعي والتكنولوجي قطبا تنمويّا أكثر إشعاعا ونجاعة ويمكّن الهياكل المساندة للفعل التنموي بالجهة بالاندماج وفكّ مظاهر التداخل بين عمل مكوّنات هذه الهياكل... نظام إداري مريض وهياكل تنموّية كثيرة دون جدوى خبراء مكتب الدراسات الفرنسي قدّموا عديد الأسئلة للجهات التنمويّة الحاضرة واستمعوا لمشاكل القطاع، فكشف المتدخّلون عديد الصّعوبات التي تواجه مراحل دراسة المشروع وإنجازه، وتداخل وظائف الهياكل التنمويّة المساندة وكذلك البيرقراطية والإجراءات الإدارية المعقّدة... وقدّ عبّر عن ذلك كلّ مكوّنات المجتمع المدني الذين تحدّثوا بإطناب على معيقات ومعضلات الواقع التنموي بالجهة والتي يمكن تلخيصها في: -غياب دراسات معمّقة لثروات الجهة الحقيقيّة بسب عدم وجود مؤّسسات بحث وهو ما جعل أغلب المشاريع المقدّمة منقولة ومستنسخة ولا مردوديّة لها على الجهة.. فثقافة بعث المشاريع لا تشترى وإنّما تحتاج إلى وقت كافي لترسيخها... - غياب النسيج الصّناعي الحقيقي لتحريك الهياكل المساندة للتنميّة ولتأطير وتنظيم تدخّلاتها في تسهيل إنجاز المشاريع وهو ما جعل عديد المتخرّجين من المؤسّسات الجامعية بالقصرين ينتصبون في ولايات أخرى دون أن تستفيد منهم الجهة... -نقص كبير في الموارد البشرية المتخصّصة وهو عائق حقيقي ساهم بنسب كبيرة في فشل بعض المشاريع، بالاضافة إلى كثرة التصنيفات لهذه الموارد (مكوّن، مرافق، موجّة، منسّق...) وهو ما خلق تشابكا وتداخلا بين هذه المهام فأثّر سلبا على نسق إنجاز المشاريع بالجهة -الكثافة البيروقراطيةّ وانكماش الإدارة على نفسها واعتمادها لنظام إداري مريض ومسقط وغياب التنسيق مع الجمعيات والهياكل المساندة، كلّ هذه العوامل ساهمت في تغذية الإجراءات الإدارية المعقّدة بطبعها، فيضيع المشروع بين الإجراءات وبين جهات متداخلة تعطّل أكثر مما تسهّل ويصاب صاحب المشروع بالإحباط... هذا بالإضافة إلى أنّ الجهات التنموّية ليس لديها السلطة الكافية لتحريك الأطراف المموّلة للمشاريع... -المشاكل العقّارية التي أصبحت أحد أهم المعوّقات التنموية بالجهة فأغلب الاراضي بالجهة اشتراكيّة مما يصعب التفويت فيها او استغلالها أو تحويل صبغتها... تدخّل الدولة وبعث الصندوق الخاص بالتمويل المتدخّلون الذين شخّصوا واقع التنميّة بالجهة تقدّموا أيضا بعدّة حلول استعجالية واستشرافية لدفع نسق التنمية بالجهة حيث تحدّث البعض عن ضرورة تفعيل الهياكل الجهويّة للتنميّة بتدخّل واضح للدولة كحلّ استعجالي وآني والعمل مستقبلا على رسم خارطة طريق من أجل تطوير العمل التنموي... وشدّد عدد آخر من المتدخّلين على ضرورة تغيير المنظّومات المنظّمة لعمل هذه الهياكلّ وإعطاء صلوحيات محلّية لها للتخفيف من التعقيدات الإدارية... ومن الحلول أيضا التي تفاعل معها الجميع هي ضرورة إحداث صندوق خاصّ للتمويل بالولاية لرفع نسق العمل التنموي وتعويض ما حرمت منه الجهة من حقّها في التنمية واعتبر آخرون انّ حلّ القضايا التنموية بالجهة لا يكون إلاّ بقرار سياسي وبتدخّل الدولة في مجال التمويل العمومي.