ليت الخفافيش التي لا تعشّش إلا في الظلام تدرك أن القدر لم يظلمها عندما حرمها من نعمة النور. ليتها تدرك كم أن القدر بريء منها عندما جعلها تخشى شعاع الضوء ولا تفرد أجنحتها إلا في جنح الظلام لأن من يحمل بداخله ذلك الكم من الظلمة يجهر الضوء بصره فيكون قدره العتمة وسواد حالك على الدوام. والحقيقة فإنّ كل المجالات في بلادنا لا تخلو من خفافيش الظلام لكن لعل قطاع الإعلام من أكثر المجالات التي تعشش فيها الخفافيش التي تتخفى كامل اليوم لتطل من مغاراتها كلما اشتد سواد الليل لتنعق في صوت أتعس من صوت الغربان. تلك الخفافيش وتلك الغربان التي عجزت في أن تجد لنفسها أمكنة في النّور ولفظتها كل المؤسّسات التي تخشى من الأمراض المعدية مهابة أن يتسبب هؤلاء في نشر مرض الحقد الذي يأكل أحشاءهم بين العاملين بالمؤسّسة فتضيع ويضيع العاملين فيها، عثروا على خرق بالية وجدت في مناخ الحرية بعد الثورة فرصة لتطلّ برأسها مثل الحيّة الرقطاء تبث سمّها كيفما اتفق وتلدغ كل من مر بها صدفة وعلى حين غفلة منه. لقد لفظتهم المؤسسات المسكونة بهمّ المهنة والمعنية بأخلاقياتها لأنهم لا يملكون لا كفاءة ولا أخلاق وليس لهم ما يقدّمونه للناس إلاّ حقدهم ورغبة مرضيّة في التشفي من خلق الله وها هم اليوم يطرحون أنفسهم على أنهم في خدمة الحقيقة والحقيقة عندهم تعني البقاء أمام باب السلطان أذلة على أمل أن يتفطّن السلطان المنشغل عنهم بكبار القوم في يوم ما إلى وجودهم وإلى استعدادهم إلى آداء ما يطلب منهم بأرخص الأثمان. إنهم على باب الحاكم يمرّغون أنوفهم في التراب عارضين عليه تجارتهم الرخيصة التي تتمثل في نصوص لا شكل لها لأنها لا تصنف في خانة العمل الصحفي لأن للعمل الصحفي تقنيّاته وقوانينه وآدابه في حين أن هؤلاء لا علم لهم يتسلّحون به ولا دراية لهم بتقنيّات الصحافة لأمّيتهم المعلومة للجميع ولا أخلاق لهم لأنّ الخفافيش لا تفقه في معنى الأخلاق. أقصى ما يمكن أن يقدموه لصاحب الجاه تزلفا وتقربا وتمسحا على أعتابه نصوصا تمس من الأعراض وتختلق التهم وتروّج الأكاذيب وتسب وتلعن وتقذف وتشتم وتثلب غير آبهة لا بأخلاق ولا بقوانين ولا تخشى وهي التي تطرح نفسها مدافعة عن تيارات اسلامية وتفتري على الناس كذبا وبهتانا، لا تخشى العاقبة, عاقبة قول الزور وترويج الأقاويل وضرب المحصنات وبث الإشاعات حول الرجال. تلك الخفافيش وهي على درجة عالية من خسة النفس وقلة الذوق تريد ان تكون نموذجا في الإعلام ما بعد الثورة. كيف ذلك؟ إنّ هذا يدخل فعلا في خانة المضحكات المبكيات لماذا لأن هذه الخفافيش التي تفزع حتى من ظلّها تتوّهم أنّها من الأسود والحال أنّها أضعف حتى من النعاج. تحتمي بالليل وتعشّش في الأماكن المهجورة. إنها وهي التي تتشبّث بالخرق المرميّة في الفضلات تتمسّك بها وترتزق منها فلا يخرج منها إلا الرائحة الكريهة تتوهمّ وهي من فصيلة الكائنات العفنة أنها قادرة على أن تصبح القاعدة وهي المثال الحي على ضعف الرأي وقلة الحيلة متوهمة أن عرض خدماتها على السلطان بتوجيه سمومها إلى كل من تسول له نفسه من بين الإعلاميين استعمال حقه في حرية التعبير والنقد والتحليل كافية لينالها كرمه فيغدق عليها بدون حساب. إنّها تنهال على كلّ من تتصوّر أنه وهي الجاهلة بقيمة الناس ضد السلطان الذي تتزلف له لمجرد أنه مارس حقه في التعبير بحرية سبا وشتما وتستعمل كل ما لديها من سموم الحية وتمعن في قضم الأجساد وهتك الأعراض منتشية انتشاء الضباع بقدرتها على أن تفشي من حولها ذلك الكم من البذاءة ومتوقعة أن ينالها بذلك رضاء السلطان فيفتح لها خزائنه ويغدق عليها من بيت مال المسلمين. ليت هذه الخفافيش تدرك كم أن اسمها مطابق للمسمّى. ◗ حياة السايب