ذكر زهير حمدي مدير ديوان الوزير المكلف بالاصلاح الاداري ان الفساد نخر جميع قطاعات الدولة من مؤسسات ومنشآت حكومية ومالية وبنوك مؤكدا ان الفساد لا يتجسد في الافراد بقدر ما يتجسد في المنظومة الادارية. وأكد ودير ديوان الوزير المكلف بالإصلاح الاداري خلال ملتقى نظمته أمس النقابة الوطنية لمستشاري المصالح العمومية بالاشتراك مع مصالح الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاح الإداري تحت عنوان» أخلاقيات العمل الاداري بين ضغوطات الممارسة ومتطلبات كسب الثقة»، وجود أزمة سابقة في المنظومة السياسية والقيم المجتمعية.
آليات عاجلة واعتبر زهير حمدي ان ثورة 14 جانفي جاءت للقطع مع الاستبداد ومع منظومة الفساد التى نخرت الادارة التونسية منذ عقود وساهمت في استفحال المحسوبية والرشوة والمحاباة في القطاع الاداري. كما اقر بان المنظومة الادارية فاسدة بعد ان تم اغراقها بعديد من الممارسات والتجاوزات وهو ما نتج عنه حالة من الانهيار القيمي والاخلاقي واستفحال العديد من الظواهر السلبية التى اضرت على اداء الادارة من جهة وعلى الموظف العمومي من جهة اخرى. وبخصوص استراتيجية الاصلاح الاداري أوضح مدير الديوان وزير الإصلاح الإداري ان الفساد الاداري والمالي موجود منذ بداية الاستقلال نتيجة اعتماد سياسات ومنظومات خاطئة وقد ورثت الحكومة الحالية تركة ثقيلة من الفساد في جميع المجالات. ونفى وجود استراتيجية واضحة حاليا لمكافحة الفساد باعتبار ان هذه الظاهرة مستفحلة في كل القطاعات بل آليات واجراءات عاجلة للتصدي للفساد داخل المؤسسات العمومية مؤكدا ان مقاومة الفساد تتطلب صياغة استراتيجية عامة نحو تطوير الادارة التونسية. وتساءل عن الحديث عن وضع استراتيجية واضحة المعالم في المرحلة الحالية في ظل غياب نظام سياسي وصياغة دستور للبلاد يمكن من العمل وفق نصوص وقوانين تساعد على التصدي للفساد الاداري. وأشار الى ان إستراتيجية الإصلاح الإداري ترتكز على مقاومة الفساد بتفعيل دور الهيئات الرقابية لمراقبة المصاريف العمومية وتطوير الخدمات الإدارية حيث تم في هذا الاطار احداث بوابة الكترونية لاستقبال العرائض والإبلاغ عن الفساد الإداري كما تم تشكيل خلية صلب وزارة الاصلاح الاداري لمتابعة ملفات الفساد الى جانب اعادة هيكلة لجنة الصفقات العمومية من اجل ارساء الحياد واحداث هيئة تفقد في رئاسة الحكومة للاشراف على عمليات التفقد في مختلف الوزارات، فضلا عن تحويل عدة مقرات للتجمع المنحل إلى فضاءات للخدمات الادارية بتمويل من الصناديق الاجتماعية. وأضاف مدير ديوان الوزير ان استراتيجية الاصلاح الاداري تحتاج الى ارساء منظومة تشريعية وقانونية مع ضرورة التنصيص على حياد الادارة والموظف العمومي في الدستور الجديد والعمل على التصدي للمحسوبية والرشوة. فساد وتجاوزات في غياب الاخلاقيات وخلال مداخلته حول الاخلاقيات المهنية في المنظومة القانونية في تونس طالب العميد الصادق بلعيد استاذ القانون بضرورة احداث هيئة مستقلة متكونة من اشخاص أكفاء ومستقلين لمراقبة رئاسة الحكومة ورئيس الدولة والوزارء والادارات مضيفا الى ضرورة صياغة قوانين جديدة وذلك في اطار ارساء اخلاقيات العمل الاداري. وفيما يتعلق بالفساد والتجاوزات في غياب الاخلاقيات كشفت القاضية شويخة بوسكاية عضو لجنة تقصى الحقائق ان الحديث عن الفساد تعتبر من أكثر المسائل تشعبا لكثرة المتدخلين في الفساد خاصة في ظل وجود كم هائل من اللجان التى تعنى بملف الفساد في مختلف الوزارات والمجلس التأسيسي واختلاف المفاهيم لمسألة الفساد. وذكرت بوسكاية ان اللجنة اكتشفت العديد من ملفات الفساد متراوحة الخطورة واحالت العديد منها الى النيابة العمومية بعد ثبوت ادانة للعديد من المسؤولين في تهم تتعلق بتلقي رشاوي وتبديد اموال عمومية وإبرام صفقات عمومية مشبوهة على غرار مشروع مدينة الثقافة اضافة الى تجاوزات تتمثل في التداوي والتنقل والإقامة بالخارج بأموال عمومية وسوء التصرف في العقارات العمومية والتفويت فيها بأموال بخسة وبالدينار الرمزي . وتطرقت كذلك الى ملفات الفساد في وكالة الاتصال الخارجي والتى اعتبرتها من جرائم الفساد الكبرى واستغلالها من طرف المسؤولين السابقين لتلميع صورة النظام السابق. كما صنفت القاضية ملفات الفساد الى جرائم صغيرة والتى لا تحدث اثار على الاقتصاد وتتمثل في عدم تحرير الأعوان للمخالفات الاقتصادية مقابل الحصول على مقابل مادي او اسداء بعض الخدمات الإدارية بمقابل وثبوت بعض المعاملات التى اضرت بالعلاقة بين المواطن والموظف مؤكدة ان الادارة التونسية تعاني من الاخلالات والتجاوزات في غياب الاخلاقيات وهو ما ساهم -على حد تعبيرها- في تفشي الظاهرة بشكل كبير في السنوات الماضية.