تلكم هي "الصفة" أو "المرتبة" التي أعلن أمس رسميا عن منحها لبلادنا في أعقاب اجتماع لمجلس الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي انعقد بمقر الاتحاد ببروكسال... و"الشريك المتقدّم" أو "المتميّز" هي مرتبة أو "لقب شرفيّ" يمنحه "الكيان" السياسي والاقتصادي الأوروبي لدول ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي يمكنها بمقتضاه الحصول على جملة من الامتيازات الاضافية الهامة (الاقتصادية خاصة) بهدف تمكينها من فرص اندماج اقتصادي أوسع ضمن الفضاء الأوروبي والأورو متوسطي... وإذا كان مجرد حصول دولة نامية على مرتبة "الشريك المتقدم" يمثل في حد ذاته "شهادة" أوروبية على سلامة الأوضاع السياسية والاقتصادية في عمومها في تلك الدولة فإنه لا يمكن أن يكون وبالضرورة بمثابة ضمانة نهائية ودائمة للوصول لاحقا بالمسار التعاوني/التشاركي بين الجانبين إلى مراحله المتقدمة... إذ "المسألة" تبقى دائما "مرتهنة" وفي علاقة مع سيرورة المسار الإصلاحي في الدولة المعنية في أبعاده الاقتصادية والسياسية (سيادة القانون ومعْطى الحريات وحقوق الإنسان(... ربما يحق لحكومة "الترويكا" الاحتفاء "بالحدث" لا فقط لأنه ستكون له انعكاسات ايجابية على عموم الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد ولكن أيضا لطبيعة دلالاته وأبعاده السياسية... فلطالما سعت مثلا حكومة الفساد والاستبداد في دولة المجرم بن علي وإلى غاية سقوطها للحصول على هذه "المرتبة" أوروبيا ولكن دون جدوى وقد سبقتها الى تحصيلها المملكة المغربية على الرغم من أن تونس كانت أول دولة من الضفة الجنوبية لحوض المتوسط توقع اتفاقية «شراكة وتبادل حرّ» مع الاتحاد الأوروبي (مارس 1998). على أن هذا "الاحتفاء" المشروع لا يجب أن يحجب عنا كمجموعة وطنية حقيقة التحديات والمخاطر التي لاتزال تتهدد الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس ما بعد الثورة وعلى رأسها قطعا مظاهر الانفلات الأمني والاعتصامات التي لاتزال تحول دون أن تستانف عجلة المردودية في مواطن العمل والانتاج دورانها الطبيعي... كذلك،،، لابد من أن نستحضر ونحن "نحتفي" بحصول تونس على مرتبة "الشريك المتقدم" مع الاتحاد الأوروبي ضرورة وواجب تفعيل اتفاقيات الشراكة مع دول الجوار المغاربي والعمل على تطوير علاقاتنا التجارية معها باعتبارها (دول الجوار المغاربي) تمثل متنفسا وعمقا استراتيجيا لنشاطنا الاقتصادي والتجاري... صحيح،،، أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لتونس... ولكن يبقى مطلوبا استراتيجيا أن ننوع في علاقاتنا الاقتصادية والتجارية وألا نغامر بوضع كل "بيضنا" في "سلة" طرف واحد بعينه !!!