تصل في غضون الأسبوع القادم الدفعة الأولى من كميات الحليب المقرر توريدها والمقدرة إجمالا ب5 مليون لتر منها 3 مليون مؤكدة و2مليون تبقى اختيارية وفق ما يستوجبه الوضع. يأتي قرار التوريد في ظل تواصل ارتباك السوق على مستوى التزويد رغم التحسن الطفيف الملحوظ مقارنة بالنقص الحاد المسجل قبل عيد الأضحى والذي عجل حينها بتفعيل قرار الزيادة في أسعار هذه المادة على صعيدي الإنتاج والبيع للعموم. وتعود آخر عملية استيراد الحليب بكمية محدودة جدا خلال سنة 2009 إثر الأزمة الحادة التي أربكت التزويد. فهل من مبرر هذه المرة لهكذا إجراء؟ والحال أن التصريحات الرسمية ما فتئت تؤكد طوال فترة اضطراب التزويد الأخيرة أن الإنتاج في مستوياته العادية والكميات التي تضخ في الأسواق تفوق حاجيات الاستهلاك اليومي. وتظهر مؤشرات بيانية حول نسق الإنتاج الموجّه لتصنيع الحليب المعقم على مدى النصف الثاني من العام تحسّنا نسبيا في هذا المستوى . وأعزت الاضطراب إلى ضغط الطلب الذي ولدته هواجس الخوف من تاريخ 23أكتوبر وإلى اختلال في مستوى حلقة التوزيع. أجمعت مصادر من وزارة التجارة ومن المجمع المهني المشترك للألبان واللحوم الحمراء على أن قرار التوريد يكتسي بعدا احتياطيا ويهدف إلى تخفيف الضغط على التزويد خاصة أن الكميات المنتظر وصولها موفي الشهر الجاري ستضخ مباشرة في الأسواق بنفس الأسعار المدعّمة المتداولة محليا. ويبدو من خلال المعلومات التي توفرت لدينا أن المنتوج المستورد والذي ستدر علينا به البقرات الحلوب لإحدى دول أوروبا الشرقية سيساهم بصفة غير مباشرة في الحدّ من استنزاف المخزون التعديلي من الحليب الذي تشير التوقعات إلى استقراره في نفس مستوى السنة الماضية مع حلول موفى نوفمبر الجاري (في حدود 7مليون لتر) وقد بلغت مخزوناته إلى 13نوفمير 2012أكثر من9 مليون لتر وبحكم الاستنجاد بالمخزون للترفيع في نسق التزويد يترقب أن يتراجع مستواه ببلوغ نهاية الشهر إلى معدل السنة الماضية. وتعتبر فترة ذروة انخفاض الإنتاج الطبيعي للحليب طوال الخريف حسب مصادرنا من بين الأسباب التي أملت على الأطراف الإدارية المؤتمنة على التزويد اتخاذ إجراء التوريد تحسبا لأي طارئ . غير أنه بانطلاق العد التنازلي لتجاوز مرحلة تراجع الإنتاج والدخول في بدايات موسم الذروة الإيجابية للتلبين بحلول منتصف ديسمبر قد تصبح الفاعلية المرجوة من قرار التوريد غير ذات جدوى سيما على مستوى توقيت حلولها بفعل الشروع في تجاوز فترة الضغط المسلط على التزويد عبر استعادة الإنتاج نسقه المعتاد بتدرج، ما يؤشر لانفراج الوضع. على كل وبعيدا عن التدابير الظرفية تبقى منظومة الألبان في حاجة إلى هيكلة جذرية لتجاوز الهزات التي تزعزع استقرارها ولن يكون ذلك إلا بجلوس كافة المتدخلين إلى طاولة واحدة للحوار وتبادل المقترحات والآراء.