أكد محمود رضا ساني المخرج الإيراني وعضو بلجنة تحكيم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الحالية على أهمية هذا المهرجان الدولي الذي يختلف من حيث خصوصيته كمهرجان دولي عن أغلب المهرجانات الدولية العربية والإفريقية الأخرى لأنه حسب رأيه يولي أهمية أكبر للسينما العربية والإفريقية. وعلل ذلك بقوله:"أتاح لي مهرجان أيام قرطاج السينمائية الاطلاع على نوعية معينة من الأفلام التي لا يمكن أن نشاهدها في تظاهرات أخرى. فأيام المهرجان تتيح للعرب والأفارقة فرصة ذهبية للمشاركة وعرض أعمالهم خاصة بالنسبة للأفلام التي لم تشاهد كثيرا كما أن هذا المهرجان يعد مناسبة هامة لعرض الأفلام التونسية ودعمها". كما أكد أن وجوده ضمن لجنة التحكيم مكنه من الاطلاع على قدر هام من المنجز السينمائي التونسي خاصة والعربي والإفريقي عامة. وعبر في ذات الإطار عن إعجابه بالتجربة التونسية تحديدا في مستوى الأفلام القصيرة والوثائقية التي اعتبرها تحمل بصمة تونسية بحتة تجمع بين المدرسة الأوروبية ومراعاة الخصوصية التونسية التي تنهل من التجارب العربية. وقال في ذات الإطار: «الحقيقة التي اكتشفتها بعد مشاهدتي عديد الافلام التونسية في مختلف الأنماط هو ما تتميز به الأفلام الوثائقية من جودة عالية تجعلها في مرتبة متقدمة على مستوى عالمي وهو ما لم أجده في الأفلام الطويلة." من جهة أخرى عبر محمود رضا ساني عن إعجابه الكبير بالسينما المغربية التي اعتبرها مفاجأة والاكتشاف بالنسبة له نظرا لما تميزت به من حرفية وتطور على أصعدة مختلفة لم يألفها في السينما العربية التي سبق أن شاهدها أثناء مشاركته في المهرجانات وتحديدا في المشرق العربي. القاسم المشترك أما في مستوى المضمون فأكد المخرج الإيراني أن مواضيع أغلب الأفلام العربية بالأساس، المشاركة في المهرجان، تطرح هواجس وهموم المواطن داخل كل بلد وعلل ذلك بأن الأفلام تخضع عادة إلى نفسية المخرج وما يختلجه ويشغله من هواجس وأفكار في واقعه الاجتماعي والسياسي والثقافي وغيرها. لذلك رأى أن عددا كبيرا من الأفلام خاصة منها التونسية تعالج نفس القضايا لكن لكل طريقته في الطرح. كما هو الشأن بالنسبة للسينما الافريقية التي تغلب عليها القتامة ويطغى عليها الحزن والنظرة السوداوية للواقع المأسوي. في المقابل رأى أن ابتعاد بعض المخرجين عن واقع المواطن التونسي من خلال طرح قضايا تونسيين في بلدان أخرى لا يخدم سينما هذا البلد بل ينأى بها عن واقع التونسيين. لذلك دعا السينمائيين في بلادنا إلى ضرورة تقديم سينما وطنية تنقل هواجس ومشاغل التونسيين داخل الجهات من الشمال إلى الجنوب لأنه يعتبر هذا الخيار بمثابة الخطوة الصحيحة نحو تطوير الفن السابع. وهو الطريقة المثلى التي أعدتها السينما الإيرانية في مسارها نحو التطوير وبلوغ المستوى العالمي التي هي عليه الآن حسب تأكيده. كما اعتبر محمود رضا ثاني أن المشترك بين السينما في كل من تونس وإيران الذي يتجسد خاصة في الأفلام القصيرة التي تركز في مجملها على قضايا وطنية تعد من العوامل التي تؤشر لفرص تعاون على أوسع نطاق. واعتبر ما لاحظه من اهتمام لأهل الثقافة والفنون بالسينما خلال هذا المهرجان يعد من العوامل التي تجعل السينما ناطقة في مشاهدها ومضامينها وأشكالها بهواجس وتطلعات التونسيين. وأوضح محدثنا أنه في إطار السعي إلى توسيع التعاون بين التجربتين التونسية والايرانية يتوجّب توجه الطرفين إلى البحث عن المواضيع والمسائل المشتركة لأنه يرى أن مثل هذه المبادرات من شأنها أن تفتح آفاقا أرحب للتعامل وتقديم أعمال متميزة لاسيما بعد الاستفادة من الخبرات والكفاءات التي تتوفر عليها البلدين في مجالات مخالفة من الفن السابع. وبين في ذات الإطار أن السينمائي التونسي له تجربة هامة تعلمها من انفتاحه على المدراس في الغرب خاصة. فيما رأى المخرج الإيراني أن التعاون لا يقتصر على تقديم أعمال مشتركة وإنما يفترض أن يتم من خلال عقد لقاءات وندوات تتمحور مواضيعها حوال مسائل مختلفة مطروحة في واقع البلدين واعتبر تجربة رضا مير كريمي مخرج فيلم «مكعب سكر» عندما عقد لقاء على هامش هذه الأيام خصص لنقل تجربته الايرانية في تونس من الخطوات التي يجب تعزيزها لأن الاطلاع على التجارب والانفتاح على مدارس مختلفة يعد من أوكد الخطوات نحو التطور والتعاون المثمر والاستفادة.