تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة لا يمكنها ان تخطط للاعتداء على منظمة وطنية شريكة في التنمية
راشد الغنوشي ل"الصباح":
نشر في الصباح يوم 12 - 12 - 2012

ليس من مصلحة النهضة تهييج الناس وهي تحكم البلاد - ردة فعل الاتحاد مبنية على قراءة غير صحيحة.. وما حصل في سليانة كانت له انعكاسات - نحن نستنكر العنف وليس لدينا أي تحفظ في الإدانة المطلقة للعنف - البلاد في حاجة إلى التوافق بين نخبها وتياراتها - أقرأ "الصباح".. فيها افتتاحيات رائعة لكن ليست كلها - أجرى الحديث: رفيق بن عبد الله- خليل الحناشي - قال الأستاذ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ان ما حصل يوم 4 ديمسبر في بطحاء محمد علي"تقديرات خاطئة" نجمت عن رد فعل وغضب من قيادة الاتحاد على ما اعتبره"مسا من كرامته ومن هيبته"..
وتوقع أن يحول العقلاء دون تنفيذ الاضراب العام. ونفى في حوار خص به "الصباح" وجود تخطيط من قبل النهضة في الاعتداء على ما وصفها ب"المنظمة الوطنية المحترمة"، وقال إن اتحاد الشغل هو"شريك في التنمية وفي تحقيق أهداف الثورة، وشريك في استقرار البلاد. وأبرز الغنوشي أن لا علاقة بالنهضة بروابط حماية الثورة، وقال إن ما حصل من عنف كان نتيجة تجمع عدد كبير من المتظاهرين امام مقر الاتحاد للمشاركة في احتفال ستينية الاتحاد فهم خطأ من قبل قيادة الاتحاد. وقال إن المشادات الكلامية بين الجانبين قادت إلى اندلاع عنف.. وعبر عن استنكاره للعنف، وقال إن رابطات حماية الثورة ليسوا فوق القانون ويجب ان يطبق عليهم القانون كما يطبق على غيرهم. وإذا تجاوزته ينبغي ان تحاسب.. وفي ما يلي نص الحديث:

*هناك بوادر ايجابية للحوار بين الحكومة واتحاد الشغل، هل من مبادرة لمزيد دفع الحوار لتجنب الإضراب العام؟
-لا أظن أن عاقلا في البلاد يسرّه أن تنخرط في اضراب عام وهي في مرحلة انتقالية فيها قدر غير قليل من الهشاشة إن على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الأمني أو السياسي.
فالبلاد أحوج ما تكون في مثل هذه الحالة إلى الاستقرار وأن يسود التوافق بين نخبها وتياراتها.
معلوم أن الإضراب العام في العمل النقابي أداة من أدوات الاحتجاج لكنه أعلى مستوى من مستويات الاحتجاج. يعني لو انتقلنا لعالم الحرب يصبح الأمر اشبه بالالتجاء لقنبلة نووية وهو أفدح اشكال الحرب.. وبالتالي الوصول اليه في الأحوال العادية ينبغي أن يكون بعد استنفاد كل الوسائل وما دون ذلك. وليست هي الحالة اليوم. لأنه لم يفصل بين اعلان قرار الاضراب وتوقيع الاتفاق الاجتماعي الا بضع ساعات، لأن العمل النقابي أساسا الدفاع عن حقوق العمال.
اضراب 1978 الذي أزهقت فيه مئات الأرواح جاء بعد تصاعد للأزمة وانسداد لكل آفاق الحوار بين السلطة والاتحاد العام التونسي للشغل، بينما نحن اليوم يعلن الإضراب في يوم توقيع العقد الاجتماعي، يعني العمال حصلوا على امتيازات وزيادات غير مسبوقة لم يسبق ان بلغت ذاك القدر.
إذن هناك تقديرات خاطئة وأشياء غير طبيعية، هناك رد فعل غضبي من الاتحاد على ما اعتبره مسا من كرامته ومن هيبته..
تقديرات خاطئة تتمثل في أن ما تعرض اليه الاتحاد او قياداته فسر على أنه عمل مخطط من النهضة، فهم منه أن حزبا سياسيا دفع بجماعته إلى مقر سيادة الاتحاد وعقر داره لانتهاك حرمته وللاعتداء على قياداته، هذا هو التقدير الذي بني عليه رد فعل الاتحاد الذي لم ينطلق من مطالب اجتماعية خلافا للاضرابات التي تحصل في العالم يكون منطلقها اجتماعي أي انسداد آفاق الحوار مع السلطة. لكن هنا لم تنسد أبواب الحوار مع السلطة وانما رد فعل على قراءة او تقدير خاطئ لما حصل، ولذلك نحن أكدنا ولازلنا نؤكد أن لا صلة للنهضة، لم تخطط النهضة ولا يمكنها ان تخطط أو تفكر في ذلك في أن تعتدي على منظمة وطنية محترمة هي شريك في التنمية وشريك في استقرار البلاد.
منظمة وقعت معها في الصباح عقد اجتماعي، وفي المساء تقوم بغزوة.. الأمر لا يفهم لا يمكن من حزب حاكم ارتكاب حماقة مثل هذه.. فهمنا كيف ان الحزب الحاكم السابق عندما اصطدم مع الاتحاد لأنه كان في حالة قطيعة كاملة.
كأن النهضة تشوش على نفسها.. كأنها تعكر الصفوة.. مع أنه أي نظام يريد أن يحفظ السلامة والاستقرار وليس أن يعكر عن نفسه ولذلك قلت هناك تقدير او قراءة غير صحيحة لما حصل.
*وما هي القراءة الصحيحة؟
-القراءة الصحيحة لما حصل هو اناس جاؤوا في يوم احتفالي بمناسبة الذكرى الستين للاتحاد الذي يعتبر مظلة وطنية تجتمع حولها مئات الآلاف ممن ينتمون لتوجهات سياسية مختلفة، لقد جاء الناس بكثافة للمشاركة في الاحتفال، ففوجئت قيادة الاتحاد بهذا الجمع وفهمته على أنه غزوة ومن هناك انطلقت ردود الأفعال بناء على قراءة غير صحيحة.. ما وقع عدد كبير من الناس ذهبوا الى مركز الاتحاد أو إلى ساحة محمد علي فهموا على أنهم جاؤوا لاكتساح الاتحاد او اقتحامه، فوقعت مشادات كلامية.. وقاد ذلك إلى أعمال عنف وكان ذلك بخلفية سابقة.. لأن الجو أساسا متوتر فما حصل في سليانة كانت له انعكاسات..
*لكن هناك من يتهم حركة النهضة انها عاقبت الاتحاد على أحداث سليانة ؟
-انا قول أن ما حصل في سليانة أحدث توترا في ساحة الاسلاميين على اختلافهم، كان هناك توتر ولذلك حصلت مشادات كلامية في ساحة الاتحاد بين قيادات الاتحاد وبين هؤلاء المحتشدين الذين لم يكن -في ما بلغنا- يحملون أسلحة، لكن المشادات قادت إلى اندلاع عنف.. لذلك نحن نستنكر العنف وليس لدينا أي تحفظ في الإدانة المطلقة للعنف، العنف هو المشكل وليس الحل.
هناك قضية عدلية مفتوحة، ونحن ايدنا تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في العنف الذي حصل وتسليط الادانة على كل من يثبت تورطه في العنف. ليس لنا حماية للعنف ولا تعاطفا معه بل ادانة كاملة.
*هناك بعض قيادات الاتحاد لاموكم على بعض التصريحات التي صدرت عنكم خلال الندوة الصحفية التي عقد تموها قبل انعقاد الهيئة الإدارية؟ ما ردكم على ذلك؟
-حصلت ردود افعال لأن النهضة اتهمت انها هي التي نظمت هذا الهجوم على الاتحاد. فكان نوعا من الرد على هذا الاتهام، بأن عنفا حصل وأن لجان الحماية او التنظيم في الاتحاد تحمل عصيا واشتبكت مع المتظاهرين.
*هل تعني أن من بادر بالعنف هو أبناء الاتحاد؟
-انا لم أحقق في الموضوع، ما أعلمه ان عنفا كلاميا وتبادلا للسباب قاد إلى تبادل للعنف، من بادر الأول هذا ما سيبرزه التحقيق.
*هل من الطبيعي أن تذهب مجموعة لمقر الاتحاد، في يوم احتفالي وتبدأ في السب والشتم؟
-حصل أهم من السباب حصل تبادل للعنف، ولولا فضل الله لسقطت أرواح.
*هذا ما جعل الناس متخوفين من يوم 13 ديسمبر بسبب ما قد يحصل من عنف؟
-لديهم الحق.. ما أتوقعه أن يحول العقلاء دون الاضراب العام.
*لكنك انت واحد من هؤلاء العقلاء؟ والندوة الصحفية هي التي زادت من التوجه للإضراب العام؟
-لا، هذا حسب ما تأخذه أنت وما تريده، خطاب فيه جانب دفاعي عن النفس وتحميل الطرف الآخر المسؤولية وفيه الخلاصة، انا دعوت في الخلاصة إلى التهدئة ولكن الناس الذين لا يريدون يبرزون جانبا من الخطاب. وهذا معقول لا يوجد حزب حاكم يدعو إلى التوتر، كل حزب حاكم من مصلحته التهدئة وليس من مصلحته الدعوة إلى العنف وتحريض الناس على التقاتل، الكل خاسر والبلاد كلها خاسرة، ليس من مصلحة النهضة تهييج الناس وهي تحكم البلاد... وأنا اقول على كل حال في ذلك الجو التجاذبي يمكن للإنسان ان يتلفظ ببعض الألفاظ ليست في مكانها وانا لا ابرر نفسي..
*يعني تضع ذلك ايضا في خانة ردود الأفعال..؟
-اجواء التجاذب والاتهامات المتبادلة.. مع اني ذكرت الأستاذ العباسي بخير في تلك الندوة.. باستمرار تحدثت عنه باحترام ولا مرة نلت من السيد العباسي دائما كنت اتحدث عنه باحترام لأني انا صعب علي ان ألتقي مع أحد أكثر من مرة وان اسبه بعد ذلك والرجل استقبلني في مكتبه أكثر من مرة، فأنا ليس من أخلاقي أن اشرب مع احد قهوة او فنجان شاي وبعد ذلك اسبه..
*وانت لديك ذكريات مع الاتحاد..
-وأول زيارة قدم لي(العباسي) صورة مع مضربي الجوع سنة 1989.
انا أرى سوء تفسير، كل طرف فسر سلوك الآخر سلوكا تآمريا وبنى عليه وهذا مفهوم في مناخات التشنج والتوتر. ان يفسر كل طرف سلوك الآخر على أسوأ وجه ويبني عليه، هناك الفاظ نابية وشعارات غير منضبطة في ذلك الحشد انبنى عليه سلوك ورد فعل خاطئ ادى في النهاية إلى وجود شعور لدى قيادة الاتحاد ان هناك اهانة بالغة وجهت اليهم وعليهم ان ينتصروا للاتحاد.
فالجو الآن جو تفاهم وليس توتر، البارحة(أول أمس) كانت جلسة بين ممثلين عن الحكومة وممثلين عن الاتحاد. واستمرت اليوم (أمس(..
فيما افهم، الأجواء متجهة الى انفراج وليست متجهة إلى قطيعة. وكل واحد فهم خلفيات الطرف الآخر..
*ولماذا الآن؟
-نحن نعيش اجواء توتر في البلاد، مطلوب من العقلاء أن يهدؤوا الأوضاع..
*هل انت مستعد لزيارة اتحاد الشغل؟
-)مبتسما) انا مستعد حتى لزيارة القمر.. او الصحراء الكبرى إذا اقتضت مصلحة تونس ذلك، مصلحة البلاد قبل كل هذه الاعتبارات..
دعاني الأستاذ أحمد بن صالح للقيام بزيارة للاتحاد منذ 3 ايام، ووافقت على ذلك، لكن هو نفسه وقع بعد ذلك مريضا.
* هناك من يقول ان من له مصلحة في تعطيل عمل الحكومة وارباكها، وهناك من هو غير راض عن الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة.. في إطار صراع داخلي داخل الحركة بين الصقور والحمائم؟..
- هذا لا أساس له من الصحة، لا أحد في النهضة يدعو إلى الصدام مع الاتحاد قد يختلف الناس حول شروط المصالحة، حول الثمن، لكن لا أحد يدعو إلى القطيعة والحرب، لأن هذا ليس فيه مصلحة للثورة أو مصلحة للبلاد، هذا لا يحقق إلا مصلحة الثورة المضادة. أو الأعمال المضادة للثورة بصفة أدق.
* ماذا يعني أن تتهموا الإعلام بأنه جزء لا يتجزأ من الثورة المضادة؟
- أصلا معظم الثورة في الإعلام.. (يضحك).. في المال الذي يبذل في الإعلام.. لا يوجد مال صاف..
* وهل الإعلام كله منخرط في الثورة المضادة؟؟
- أنا لا أعمم ولا أقول كل الإعلام هذا ظلم.. انا اقرأ للصحفيين في جريدة "الصباح"، فيها افتتاحيات رائعة لكن ليست كلها..
* أنت تتحدث عن جزء من الإعلام أم كل الإعلام؟
- جزء كبير من الإعلام يعمل في اطار الثورة المضادة، يعمل ليلا نهارا على رسالة واضحة. ترسيخ الندم عند الشعب التونسي انه قام بثورة. وللانتهاء به إلى أن الماضي كان أفضل. نحن أخطأنا الماضي كان أحسن، وأن البلاد "ماشية في حيط"، كل شيء مظلم، طرقات مقطوعة، سياسيين يهاجمون بعضهم البعض، ترذيل صورة المجلس التأسيسي، والتركيز على بعض الجزئيات، وبعض النواب.. وإظهار ان ذلك حقا المجلس التأسيسي، وأن النواب "طماعين"، يجرون وراء المال. هم أهم ما أنجبت تونس، أول برلمان في تاريخنا منتخب.. حتى نزل عليه الإعلام حتى "تشلكت" صورة المجلس التأسيسي.
* لكن أستاذ لا يمكن تجاهل شطحات بعض النواب؟
- انت لو تلاحظ ما يحصل في البرلمان البريطاني وبرلمانات أخرى يحدث فيها حتى تبادلا للعنف.. هناك عملية تضخيم للسلبيات وتعتيم كامل على كل المنجزات..
* كيف نفهم تصرفات بعض أفراد من المنتسبين لرابطات حماية الثورة وصلوا حد اقتحام المجلس التأسيسي وتهديد بعض النواب؟؟ ألا ترى أنهم يرتكبون اخطاء ويمارسون العنف؟
- من يبرئهم؟ لا توجد أية منظمة مبرأة من التجاوز ينبغي للقانون أن يطبق على الجميع هم ليسوا فوق القانون يجب ان يطبق عليهم القانون كما يطبق على غيرهم. هذه جمعيات تعمل في اطار القانون مرخص لها، تتمتع بحريات في اطار قانون إذا تجاوزته ينبغي ان تحاسب.
لذلك قلنا لإخواننا في الاتحاد الذين طالبوا بحل رابطات حماية الثورة، قلنا هذا عمل قضائي، من لديه سلطة الحل هو القضاء.. يمكن لأي مواطن أو مجموعة التوجه إلى القضاء والمطالبة بحلها..
* لكنهم يعتقدون أنهم فوق المحاسبة وفوق القانون باعتبار انهم يستمدون قوتهم من شخصك؟
- كل واحد له أن يعتقد ما يشاء، ان تعتقد انك اله اعتقد.. انت حر. لكل ان يعتقد ما يشاء لنفسه لكن هذا لا يغير من حقائق الأمور أن القانون يطبق عليهم.
* هناك من يقول ان الحركة لم تبادر بتوجيه حتى مجرد لوم لهذه الرابطات؟؟
- من يتبع مسيرة هؤلاء يدرك ان اتهامهم بأنهم نهضويون او جناح من النهضة، هو اتهام اما يصدر عن قلة معرفة لمسيرتهم أو اتهام مجاني. لأن من يتابع مسيرتهم يدرك ان انتقادهم للنهضة ليس قديما قاموا بعدة حملات يتهمون فيها الحكومة بالتهاون في مقاومة الفساد، تتذكرون عندما وظف محافظ البنك المركزي، كيف كان موقفهم حملوا على النهضة لأنها عينته، اعتبروه تجمعيا ومن انصار العهد البائد.
هؤلاء يعتبرون انفسهم ضميرا للثورة، فإذا سلكت الحكومة مسلكا يتفقون معه ايدوها، وإذا سلكت ما يرونه امتدادا للعهد الماضي يحملون عليها.
*لكنك وصفتهم بضمير الثورة؟
- انا قلت انهم ضمير من ضمائر الثورة. وكررتها مرات.
* الا ترى أنهم لا يتحركون الا لمساندة الحكومة؟؟
- انا ذكرت لكم أنهم مرات كثيرة تحركوا ضد الحكومة، وقاموا بحملات "اكبس"، مارسوا ضغوطا على الحكومة، واتهموها بالتقصير في مقاومة الفساد.
* عدد من المشايخ والأيمة قالوا ان لديهم الحق في التدخل في العمل السياسي، إن كان ذلك حق، فلماذا تعيبون على اتحاد الشغل الاهتمام بالشأن السياسي.؟
- الأصل أن تتوزع الأدوار في المجتمع، وهذا لا يعني أن تصبح هذه الأدوار جزرا معزولة، السياسيون معزولون عن الثقافة، وجماعة الثقافة معزولون عن السياسة، لكن المطلوب نوع من التخصص لا يعني عدم تطلع الانسان خارج جزيرته او خارج اهتمامه الأساسي. لأننا نعيش في بلاد واحدة، فالاتحاد عمله الأساسي الدفاع عن منظوريه لأنه جزء من الوطن.
* إذن انت لا تعيب عليه الاهتمام بالشأن السياسي؟
- لا اعيب عليه كما لا أعيب على الآخر الذي دوره الوعظ والارشاد الاهتمام بالجانب السياسي، كما لا أعيب على المثقف ان يهتم بالسياسة.. لكن هذا لا يمنع التخصص أن يكون لكل منا في المجتمع دور أساسي وأدوار ثانوية.
* يقال أن روابط حماية الثورة عوضت السلفيين في استعمال العنف بالنسبة لحركة النهضة، ما ردك على هذا القول؟
- هذه التهمة طلعت بعد ان انكشفت ورقة السلفيين انها ليست ورقة نهضوية كم اتهمنا بأن السلفيين هم جناح النهضة لكن لما بلغ الصراع خاصة في السفارة الأمريكية اوجه وسقوط قتلة، وسجن، أصبح القول صعب التشدق به. القول بأن السلفيين جناح من النهضة ورقة احترقت سياسيا. حين يظهر احدهم ويبرز كفنه أمام الجميع ويتحدى وزير الداخلية كيف يتم التصديق أننا في حركة واحدة.
للناس عقول، ثم خرجت تهمة جديدة هي روابط حماية الثورة، وهذا كله استمرار في اختلاق سيناريوهات وهمية ترسخ فكرة الازدواجية، وانها تعمل بوجوه مختلفة، هي تتسلل للإدارة وكأنها جسم اجنبي، وتسلل للنقابة.. كأننا جزء غريب من المجتمع، نحن جزء من المجتمع لماذا نتسلل، لسنا خارجا حتى نريد التسلل اليه. نحن حركة حصلت على مليون ونصف صوت هل هؤلاء غير موجودين في المجتمع؟
هذه لغة في الحقيقة لغة العهد البائد، بن علي كان يقول أن المعارضة والنهضة تتسلل وتصوير النهضة انها جسم غريب عن المجتمع، أي انه ليس لها مشروعية الوجود، جسم طفيلي مثل المرض الذي يتسلل للبدن.
المشكل الأساسي أن النهضة التي غابت أكثر من عقدين ولا تذكر الا كما تذكر الجنائز، هذه النهضة أصبحت دفعة واحدة تحكم، مثلت بذلك صدمة لم يستوعبها الكثير من الناس ومازالوا ينكرون هذه الحقيقة ويفسرون على اننا تآمر أمريكي وأجنبي.
* ماذا تقول في بعض المشايخ الذين تعمدوا اصدار فتوى تحريم الإضراب على غرار الشيخ بشير بن حسين؟
- هذا بحث ديني هذه الفتوى صحيحة ام خاطئة، هذا بحث ديني، أما الحكم السياسي أقول أن الإضراب الآن لا يمثل مصلحة وطنية، ولا مصلحة للثورة، وهو رد فعل غضبي لاستعادة اعتبار لمنظمة محترمة وينبغي أن تظل محترمة.
* اذن انتم لستم مع فكرة تقزيم الاتحاد؟
- لا نحن لسنا ضد تقزيم الاتحاد، قلنا أن الاتحاد شريك في النهضة والتنمية لذلك في الأصل ان تكون علاقتنا علاقة تعاون وليست علاقة صدام، لما فيه خير البلاد وخير الثورة.
* الأستاذ مورو صرح مؤخرا أنه ضد مشروع تحصين الثورة، ومع حل رابطات حماية الثورة، كيف تقبلتم تلك التصريحات؟
- رأي الأستاذ مورو أحترمه. هو رأي شخصي وليس موقف الحركة.
* برزت في اليومين الأخيرين تهديدات ارهابية من قبل تنظيمات مسلحة حاولت اختراق الحدود.. ألا يعتبر تزايد نشاط هذه المجموعات نتيجة التجاذبات السياسية في البلاد؟
- هذه صرخة في وجه كل سياسي، ان لا يطمئنوا، المشكل اليوم في البلاد صراع على السلطة، الأمن الوطني مهدد، وعندما يكون الأمن الوطني مهدد كل الصراعات الأخرى تؤجل، فنحن الآن على طول حدودنا الجنوبية هنالك اقتتال، هناك جماعات مسلحة لم تستطع الدولة الليبية حتى الآن أن تجرد هذه الجماعات من الأسلحة. وهذه الجماعات عابرة بالحدود ولا تبالي بالحدود، حدود الدولة الوطنية لا تعني لهم شيئا هم يعتبرون أنفسهم ينتمون للأمة الاسلامية.
وبالتالي فهم ينتقلون عبر الصحراء الممتدة من ليبيا ومالي إلى الجزائر ولهم انصار، وبالتالي هناك خطر حقيقي ونحن نقدر عاليا دور جيشنا الوطني والأمن، لكن لا يمكنهما العمل بنجاح دون استقرار سياسي ودون التفاف وطني وراء قواتنا المسلحة..
* مسألة التحوير الوزاري إلى أين وصلت؟ خاصة ان التنسيقية لم تحسم أمرها؟
- كل مرة يطرح هذا الموضوع الا وتأتي مشكلة تؤجله، ان شاء الله يطوى موضوع الإضراب العام لنتجه إلى تناول المشكلات المؤجلة التي تتعلق بالدستور وبالتحوير الوزاري.. أول جلسة بعد موضوع الإضراب سيكون على جدول اعمالها التحوير الوزاري.
* ومن هم الوزراء الذين سيتم تعويضهم؟
- من جهة النهضة حتى الآن لم يتخذ قرار ما عدا امكانية التحوير الوزاري، لكن لم يتخذ قرار في الوزراء الذين سيتم تعويضهم؟
* بمناسبة زيارتكم للولايات المتحدة ألم تناقش امكانية انشاء قواعد عسكرية أمريكية في تونس؟
- هذا أمر متروك لمسؤولي الحكومة انا لم أدخل في أي نقاش رسمي في شأن يتعلق بأمن تونس.
* هل تؤكد وجود صراع أو خلافات عميقة بين قياديي حركة النهضة؟
- حركة النهضة كبيرة وواسعة، لا يمكن أن تستمر الا بأمرين، أولا أن يكون فيها مجال للرأي واسع جدا تتحمل وجود أمزجة متعددة، ورؤى كثيرة تتحاور وتتناقش حتى تتصارع داخلها. وثانيا وجود أرضية فكرية مشتركة تتمثل في ان الاسلام هو سقف الجميع. ماذا نطبق وما لا نطبق هذه مسائل فقهية متعلقة بالواقع وما يطيق هذا الواقع..
الجانب الآخر هو أن منتسبي الحركة يلتقون على النظام الديمقراطي. وتأصيل فكرة التوافق بين الديمقراطية والإسلام والتعددية التي لا تقصي حتى الشيوعي. لا أحد في النهضة يقر العنف سبيلا للوصول إلى السلطة او للبقاء فيها. بحيث تجد من هو قريب لليبرالية ومن هو قريب للسلفية. ويجمع النهضة أيضا أن الجميع يخضع لقرار المؤسسات. وهذا ما يفسر أن تجد في النهضة الحبيب اللوز والشيخ مورو.
*يعني شيوعي او مسيحي يمكنه الانخراط في النهضة؟
نعم يمكنه ذلك.
*ماهو ردك على أنك الحاكم الفعلي لتونس؟
نعم سمعتها مرات، فكرة تصدر اما من موقع الجهل بالنهضة او من موقع استصحاب الماضي بالحاضر. يعني بعضهم لم يستطع التخلص من ثقافة الزعيم الأوحد. انتهى زمن الزعيم الأوحد نحن في زمن التعددية. ليس من واحد أحد الا من في السماء لكن كل من في الأرض متعدد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.