نحن قد نتفهم دوافع "بلاغ الطمأنة" الصادر عن وزارة الداخلية حول حادثة العثور على "جسم مشبوه" قابل للانفجار على متن حافلة ركاب كانت متجهة من القيروان الى سوسة... البلاغ حاول التقليل من شأن الحادثة من خلال التأكيد على ان "الجسم المشبوه الذي عثر عليه لا يمثل خطرا كبيرا في صورة انفجاره وأنه "يحدث فرقعة فقط"!!! طبعا،،، وبعيدا عن أي جنوح للتهويل او التخويف نحن نعتبر بالمقابل أن للحادثة دلالات جد خطيرة وأنه لا يجب جعل الرأي العام الوطني يمر عليها اعلاميا مر الكرام لا فقط لأنها المرة الاولى على حد علمنا التي يعلن فيها مصدر أمني عن العثور على "عبوة ناسفة" أو "قنبلة موقوتة" أو "جسم مشبوه" قابل للانفجار على متن حافلة ركاب في تونس وانما ايضا لأن محاولات ادخال الاسلحة والذخائر الحربية الى التراب التونسي قد تواترت على امتداد الاشهر الاخيرة... لا بل ان مواجهات تدور الآن بين مجموعة مسلحة مجهولة الهوية وعناصر من الجيش والحرس الوطني في المناطق الجبلية بولاية القصرين... وكان قبل ذلك بأيام قليلة قد اعلن عن ضبط "شحنة" أسلحة في مدينة تاجروين من ولاية الكاف.. وغيرها.. وغيرها... صحيح أن بعض "القراءات" والتحاليل تعتبر أن "الظاهرة" تكاد تكون طبيعية وانها في جوهرها مجرد تحد أمني منتظر بروزه اعتبارا من جهة لما جرى في الشقيقة ليبيا من ثورة مسلحة أطاحت بنظام الدكتاتور معمر القذافي.. واعتبارا من جهة اخرى لمحاولة استغلال تنظيم "القاعدة" في بلاد المغرب الاسلامي "للمستجد" الثوري في المنطقة من أجل توسيع رقعة انتشاره وربما ايضا نشاطه فيها.. وعلى الرغم من يقيننا الكامل بأن المعركة مع الارهاب هي معركة محسومة وأن النصر فيها سيكون لدولة الثورة في تونس ولأجهزتها الامنية ولقواتنا المسلحة الشجاعة فإن هذا لا يمنع من ضرورة التنبيه الى أن أية محاولة من هنا فصاعدا لارباك سير النشاط العادي لأجهزة الدولة من خلال محاولة التعدي مثلا على الأمن العام أو زعزعة الاستقرار والسلم الاجتماعية سيكون في رأينا بمثابة الدعم المادي والمعنوي لأولئك الارهابيين الذين يختبرون على ما يبدو هذه الايام مدى جاهزية ويقظة دولة الثورة في تونس.. أجل سيكون الأمر كذلك حتى لو لم يقصد أصحابه!!! لا نريد أن نهول.. ولكننا قد لا نكون مبالغين ايضا اذا ما قلنا أن خطرا جديا بات محدقا بعملية الانتقال الديمقراطي بفعل ظهور "ارهاصات" الارهاب المسلح في بعض المناطق الحدودية من وطننا العزيز.. لذلك يكون لزاما علينا كتونسيين أن نقطع اليوم مع المشاحنات والتجاذبات السياسية ومع خطابات التحريض والتخوين وأن تتحمل جميع الاطراف مسؤوليتها التاريخية من أجل الحفاظ على المكاسب الثورية ومن أجل المضي على درب البناء الديمقراطي والتمكين لدولة الحريات والقانون والمؤسسات... أجل،،، علينا ان نلتزم بذلك وإلا فإننا سنكون قد قدمنا "قصعة" ثورتنا وتضحيات شهدائنا الى اللئام والخونة والفاسدين والأزلام.