مازال مفهوم النظام السياسي المراد تطبيقه في تونس محل جدل بين الطبقة السياسية وبعض النخب الوطنية وإذ يبدو النظام " شبه" "رئاسي برلماني" هو الأقرب الي التطبيق وذلك بالعودة الي خارطة الطريق التي طرحتها "الترويكا" الحاكمة خلال المدة الفارطة حيث تم التوافق بين ثلاثي الحكم علي ان النموذج "الأسلم" هو الجامع بين البرلماني والرئاسي . وقد وجد هذا الطرح توافقا واسعا حتي بين الأطراف السياسية خارج الائتلاف الحاكم في وقت كانت فيه حركة النهضة المساند المطلق للنظام البرلماني كنموذج سياسي لدولة ما بعد الثورة. ووفقا لعدد من المتابعين فإن تشبث الحركة بالنظام البرلماني راجع بالأساس الى إدراك الحركة مسبقا بانها ستكون الطرف الاغلبي في البرلمان القادم مما يعطيها "فرصة دستورية" لتشكيل حكومة. وتماشيا مع أولويات المرحلة في صياغة نظام سياسي متوازن وتوافقي عقد حزب الوفاق ندوة حول "اي نظام سياسي نريد". واستشهد بالتجربة البرتغالية كنموذج. واعتبر رئيس الحزب مصطفي صاحب الطابع لدي افتتاحه لأشغال الندوة امس بالعاصمة انه من حق كل تونسي ان يعي ويتعرف على النظام السياسي الذي سيحكمه وان من حقه كذلك ان تتوفر له مقومات الحياة الكريمة. وأوضح صاحب الطابع ان الاستئناس بالتجارب الأخرى ليس من باب النسخ المسقط على واقع مغاير انما هو محاولة للاستفادة من دروس التجربة لا غير. اما فيما يتعلق بمشروع قانون تحصين الثورة الذي تقدمت به بعض الكتل النيابية بالمجلس الوطني التأسيسي فقد اعتبره صاحب الطابع آلية للاقصاء المجاني الذي لا يتناسب وطبيعة المرحلة الانتقالية التي تتطلب اكثر ما يمكن من التوافق دون ان يخفي تأكيده بضرورة انسحاب "من خدموا" النظام السابق وعليهم أيضاً "ان يحشموا علي رواحهم" لان الشعب سيرفضهم من جديد. وفي ذات السياق أكد وزير الخارجية البرتغالي السابق خوسيه لاميجو هذا الموقف حيث اعتبر انه لا يجب إقصاء من عمل مع النظام السابق اقصاء تاما بل وجب التعامل معهم على أساس الحرفية والمهنية السياسية وهم بدورهم يجب ان يقفوا على مسافة من الفعل السياسي حسب ما تقتضيه الأخلاقيات السياسية. علي حد تعبيره. واكد لاميجو ان التجربة البرتغالية عاشت على وقع التحولات السياسية الراهنة تماما كالتي تعيشها تونس اليوم مبينا ان الحل الأنسب يكمن في الإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية وخاصة التوافق بين مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي التونسي من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني. واوضح انه لا يقدم دروسا الى السياسيين في تونس كما قد يتخيل البعض وانما زيارته ومداخلته هذه تندرج في اطار المساهمة كصديق لتونس لا غير. وعن تفاصيل التحول السياسي للثورة البرتغالية قال "ان وضع النظام السياسي البرتغالي جاء وفقا لاختيارات الشعب من حيث التطور التشريعي فقد كان لنا مجلس تاسيسي عمل لمدة سنة انتقل بعدها لبعث مجلس للنواب انطلاقا من توافق جمع بين شرعية الثورة والجانب القانوني وقد عرفت تجربتنا عدة متغيرات الى ان توصلنا الى وضع ديمقراطي يقوم على النظام البرلماني حيث للرئيس صلاحيات محدودة ولكنها مهمة. "ويذكر ان اشغال الندوة تواصلت الى حدود عشية امس وسط حضور لافت لعدد هام من الشخصيات السياسية والاكاديمية بالاضافة الى التغطية الاعلامية المكثفة لهذا النشاط الذي شارك فيه سفير البرتغال بتونس وعدد من اعضاء المكتب السياسي لحزب الوفاق الذي اكد امينه العام على ان ندوات الحزب ستتواصل وستتناول المواضيع السياسية الاكثر جدلا في تونس.