علمت "الصباح" أن جمعية بحوث للانتقال الديمقراطي التي يترأسها العميد عياض بن عاشور ستكشف يوم 15 جانفي المقبل عن قراءتها لمضمون مسودة الدستور التي سيشرع في مناقشتها المجلس الوطني التأسيسي في غضون الأيام القليلة المقبلة. يذكر أن بن عاشور أعلن يوم 24 اوت الماضي عن حل لجنة الخبراء المتفرعة عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وتكوين جمعية بحوث للانتقال الديقراطي مكونة أساسا من خبراء في القانون الدستوري وذلك رفضا للإطار القانوني الذي اقترحته الرئاسات الثلاث لها والذي يضع لجنة الخبراء في موقع استشاري ثانوي.. وسيقدم عدد من خبراء القانون الدستوري -وجلهم تقريبا ممن كانوا أعضاء متطوعين في ما عرف بلجنة الخبراء المنحلة- مداخلات قانونية بشأن أبواب مسودة الدستور. ويبدو أن الندوة التي تستعد لها الجمعية ستكون -بناء على ما قدمه لنا خبير معروف عضو بالجمعية المذكورة- نقدية وستكشف عن عديد الأخطاء والثغرات القانونية والإجرائية وردت في مشروع الدستور، فضلا عن كشفها لعدة نقائص ومطبات دستورية وقانونية خطيرة وردت في عدة أبواب من مسودة الدستور. يذكر أن العميد عياض بن عاشور كان قد انتقد بشدة المسودة الأولى للدستور المرتقب في ندوة انتظمت خلال اوت الماضي خاصة في ما يتعلق بتغييب المبادئ العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. ومن المقرر أن يقدم خبراء في القانون الدستوري قراءتهم في مشروع الدستور بابا بابا، بدءا بالتوطئة، وباب الحقوق والحريات، وباب الهيئات الدستورية، وباب الجماعات المحلية..من ذلك أن الدكتور أمين محفوظ سيقدم مداخلة قانونية علمية تتناول العلاقة بين السلط في الدستور الجديد، والتي ستحدد طبيعة النظام السياسي الجديد في الجمهورية التونسية الثانية، خاصة في ما يهم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومعضلة صلاحيات كل من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة..وهي مسألة خلافية لم تحسم بعد.. كما يعد في ذات السياق الخبير رضا جنيح مداخلة حول الجماعات المحلية في مشروع الدستور، فيما يعكف الخبير ناجي البكوش على اعداد قراءة في باب السلطة القضائية، والخبير شفيق صرصار حول الهيئات الدستورية في مشروع الدستور..فضلا عن مداخلات أخرى حول الحقوق والحريات، والتوطئة العامة للدستور.. ومعلوم أن مختلف القراءات التي ستقدم خلال الندوة (التي سيواكبها دون شك سياسيون ونواب من المجلس التأسيسي) ستشفع بنقاش وتوصيات عامة، لكن المهم في الأمر هو أن المجلس الوطني التأسيسي سيستفيد حتما من تلك القراءات النقدية والملاحظات القانونية لمختلف مفاصل الدستور لأنها صادرة عن خبراء ضالعين في القانون الدستوري. مسودة ضعيفة ومليئة بالأخطاء يذكر أن عياض بن عاشور انتقد مؤخرا في بعض القنوات الفضائية مسودة الدستور، ووصفها ب"الضعيفة" ولاحظ أنها مليئة بالأخطاء ولا ترتقي لطموحات التونسيين..وأكد على ضرورة مراجعة الدستور وإعادة صياغة العديد من الفصول والأبواب التي كانت صياغتها ضعيفة وركيكة، على حد تعبيره. وحذر من بداية بناء ديكتاتورية جديدة تنطلق من المجلس التأسيسي مستندة على منطق الأغلبية، ملاحظا أن اكبر مشكلة ستعرفها تونس هي انتخاب اعضاء المحكمة الدستورية من البرلمان إذ ستتحول الأغلبية البرلمانية مهما كان انتماؤها الى متحكم في المحكمة الدستورية التي من المفروض ان تكون فوق الأحزاب جميعا ومرجع اي خلاف، وبالتالي يجب النأي بها عن التجاذبات السياسية. واعتبر ان عدم وجود محكمة دستورية او الاحتفاظ بالمجلس الدستوري الذي كان موجودا وترقيعه سيكون افضل لتونس من جهاز دستوري مشوه سيكون أداة لتشريع الاستبداد الذي قال انه يهدد البلاد بجدية. كما حذر بن عاشور من خطورة التنازع في الاختصاصات مستقبلا بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على صلاحيات كل منهما، ودعا إلى الابتعاد عن منطق توزيع الاختصاصات لأنها ستساهم في تكسير وحدة الدولة وفق تعبيره. ولاحظ يضا ان مشروع الدستور تضمن فصولا مستوحاة من التحويرات التي قام بها بن علي على دستور 1959 من ذلك ان الترشح لرئاسة الجمهورية مرهون بموافقة عدد معين من النواب، وعدد من رؤساء المجالس البلدية..وهي تقريبا نفس الشروط التي وضعها بن علي لمنع خصومه السياسيين من الترشح لرئاسة الجمهورية بعد أن تحكم حزب التجمع المنحل في البرلمان وفي المجالس البلدية..