رغم مرور أكثر من شهرين على صدور القرار الحكومي القاضي بالترفيع في السعر المرجعي للطماطم الطازجة المعدة للتحويل ب15مليما بمفعول رجعي في التطبيق ينسحب بداية من موسم 2012 لم يفعل القرار إلى حد اليوم. وظل المنتجون يركضون وراء سراب في المطالبة بحقهم في التمتع بالزيادة بالنظر للظروف الصعبة التي تعرضوا لها خلال موسم الجني وتصاعد كلفة الإنتاج. ما أفرز وضعا خانقا ومحتقنا في صفوف الفلاحين. وأمام انسداد أبواب الحصول على مستحقاتهم باتوا يهددون بمقاطعة زراعة الطماطم في موسمها الجديد الذي بات وشيكا. ما ينذر بنشوب أزمة شائكة في مادة الطماطم تنضاف إلى سلسلة الإرباكات المسجلة في الحليب والبطاطا. فهل ستكون" شكشوكة" التونسي مهددة هي الأخرى؟ وهل يكون مستقبل المنظومة برمتها في خطر؟. يبدو أن عامل الوقت سيكون حاسما في تقرير مصير هذا المنتوج في حال تواصل التلكؤ في تفعيل الزيادة، وعدم قبول المصنعيين بالقرار الحكومي لما يحمله من تداعيات على كلفة التحويل -من وجهة نظرهم- تثقل كاهلهم ما دفع بهم إلى المطالبة بإقرار زيادات منصفة تراعي التبعات المالية للقرار الحكومي على حلقة التصنيع. حل توافقي في هذا السياق وللوقوف على مدى قابلية الوضع المتأزم الحالي للانفراج في أقرب الأوقات والمساعي المبذولة لحلحلة الإشكال وتجاوز وضعية الركود الغريب لقرار رسمي لم يجد طريقه نحو التجسيم. استوضحت "الصباح" مدير عام الصناعات الغذائية بوزارة الصناعة نورالدين العقربي الذي أبدى تفاؤلا بإمكانية تتويج المشاورات والمفاوضات الجارية بين المهنيين في قطاعي الإنتاج والتحويل بحل توافقي ينصف كافة أطراف المنظومة من فلاحين ومصنعيين دون إثقال لكاهل صندوق التعويض أو إنهاك للطاقة الشرائية للمستهلك. وسيتبلور ذلك في غضون الأيام القريبة القادمة، ولم يستبعد العقربي أن يتم الإتفاق قبيل نهاية السنة الحالية وفي أقصى تقدير خلال الأسبوع الأول من السنة الجديدة. يأتي هذا الإعلان في ضوء الجهود المارطونية المبذولة على مستوى الحكومة بالتنسيق بين وزارات الصناعة والفلاحة والتجارة للإصغاء إلى مشاغل ومطالب الصناعيين للخروج من الوضع الراهن وتفعيل قرارالزيادة في السعر المرجعي للطماطم الطازجة مع الأخذ بالاعتبار تبعاته على بقية حلقات المنظومة. ويضيف محدثنا بأن الوصول إلى حل يرضي الجميع بات ملحا بالنظر إلى أن موسم الإنتاج الجديد يبدأ التحضير له من الآن. وعن سؤال يتعلق بأسباب رفض الصناعيين الالتزام بالتسعيرة الجديدة منذ الإعلان عنها أورد ذات المصدر أن الزيادة تم إقرارها صلب جلسة عمل وزارية شملت الطماطم الطازجة بالترفيع في السعر المرجعي ب15مليما ولأول يوم يتم إعلانها بمفعول رجعي يعود إلى بداية موسم 2012. غير أن الزيادة الراجعة لحلقة التحويل لم ترض الصناعيين معتبرين أنها لم تأخذ في الاعتبار تصاعد الكلفة في بعض المدخلات في مرحلة التصنيع،وهذا ما يفسر رفض تطبيق القرار متوقعا تجاوز الإشكالات القائمة وقرب انفراج الوضع. المنتجون يحذرون.. الانشغال البالغ لمنتجي الطماطم بعدم تفعيل التسعيرة الجديدة لم يتوقف التعبير عنه بأشكال مختلفة سواء عبر التحركات الاحتجاجية للفلاحين في أكثر من منطقة إنتاج أو عبر بيانات الاستنكار والتنديد الصادرة عن الهياكل المهنية سواء من الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أوالنقابة التونسية للفلاحين وسجلت صبيحة أمس صدور بيان عن الهيئة التنفيذية لنقابة الفلاحين ضمنته انشغالها الكبير بمسألة تفعيل سعر الطماطم الذي ظل حبرا على ورق. رغم الحاجة الملحة لهذه الزيادة لضمان دخل لائق للفلاحين بعد الارتفاع المذهل لكلفة الإنتاج على حد التوضيح الوارد بنص البيان. الذي يضيف بأن"الترفيع ب15مي في الكلغ عند الإنتاج يمثل حدا أدنى لضمان ديمومة العملية الإنتاجية وتحقيق الأمن الغذائي. من هذا المنطلق تعتبر النقابة أسباب الجهات المبررة لتأخير التفعيل لا يمكن أن تفرض على المنتجين وتحرمهم من حق مكتسب. كما يشدد البيان على خطر تواصل المماطلة التي لا تخدم مصلحة أي طرف وتلقي بظلالها على موسم 2013 وتهدد كامل المنظومة بالانهيار.ويؤكد على ضرورة إسراع الحكومة في تطبيق قرار الترفيع المعلن عنه. مع التلويح ب"احتفاظ النقابة بحقها في الدفاع عن المنتجين الذين باتوا مترددين في تعاطي زراعة الطماطم طالما لم يقع الاستجابة لمطالبهم." وفق ماجاء في البيان. حيرة وزارة الفلاحة في مستوى وزارة الفلاحة تسيطر حيرة شديدة بشأن عدم تفعيل الزيادة وهو ما تعتبره المديرة العامة للإنتاج الفلاحي سامية سعيدان سابقة أولى من نوعها لم تعرفها القرارات الحكومية من قبل. مستغربة تواصل تعليق تنفيذ قرار الترفيع في السعر المرجعي رغم صدور قرار حكومي شكل محور جلستي عمل وزاريتين ولم يجد إلى اليوم طريقا للتطبيق بتعلة عدم حصول توافق من أصله بين الهياكل المهنية التابعة لاتحاد الصناعة واتحاد الفلاحين. وبينت المتحدثة أن غياب التوافق بين المنظمتين أمر مألوف وليس بالمستجد حيث أن الحكومة ممثلة في الوزارات المعنية بالملف كانت دائما تتدخل وتأخذ تعلى عاتقها تسوية المسألة بعد تلدد الأطراف المعنية في الوصول إلى التفاهم. وهذا ما حصل هذه السنة حيث حاولت الجهات الحكومية تنفيذ الأمر المنظم لموسم الطماطم المعدة للتحويل لكن عدم التوصل إلى حل وفاقي حول الزيادة أملى تدخل أربع وزارات هي الفلاحة والصناعة والتجارة وانضافت لها المالية بعد أن دخلت الطماطم قائمة المواد المدعمة منذ موفى2010. ولئن أبدت المتحدثة حيرة في كيفية الخروج من المأزق الذي تردى فيه قرار الزيادة في السعر المرجعي فقد أشارت إلى أنه لا يمكنها إلا الترجي والتمني في تجاوز الوضع الراهن خشية أن تلقي حالة الاحتقان الشديد في صفوف المنتجين إلى تهديد مستقبل المنظومة خاصة أن موسم زراعة الطماطم على الأبواب ولم يبادر الفلاحون بالاستعداد له.