قال شفيق صرصار أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية ان الحاجة تقتضي في الوقت الراهن تفكيك مشكلة العنف بعد تصاعد وتيرته في المجتمع خاصة ان العنف الذي تعيشه البلاد في الاونة الاخيرة يندرج ضمن الإرهاب السياسي الذي قد يعصف باستقرار بلادنا ويعيق مسألة الانتقال الديمقراطي. واعتبر صرصار أمس خلال اللقاء الحواري الثاني في اطار المشروع الذي ينفّذه المعهد العربي لحقوق الإنسان بالتعاون مع معهد الصحافة وعلوم الإخبار وبدعم من مؤسسة كنراد اديناور والاتحاد الأوروبي تحت عنوان: "دعم مكونات الديمقراطية من خلال دعم قدرات الأحزاب السياسية في مجال التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان" بمشاركة ممثلين عن الأحزاب السياسية على غرار حركة النهضة الجبهة الشعبية وحركة الشعب وحركة نداء تونس ان العنف متلازم مع الانتقال الديمقراطي وينقسم الى عنف رمزي وعنف كلي و الذي أصبح موجودا وبارزا للعيان بعد سلسلة الاحداث والاعتداءات التى طالت الشخصيات الوطنية والاحزاب السياسية مشيرا ان الحاجة اليوم تقتضي التفكير في اليات لتجاوز العنف السياسي والمحافظة على مسار الانتقال الديمقراطي. تأثير العنف على المسار الانتخابي وذكر ان تأثير العنف على المسار الانتخابي قد يؤدي الى عزوف المواطن عن المشاركة في الحياة السياسية و قد يعيق الانتخابات ويتسبب في وقفها والغائها على اعتبار انها قد تجرى في ظروف غير سليمة وغير مستقرة مثلما حدث ذلك في الجزائر وما نتج عنها من تبعات نتيجة العتف السياسي الذي طغى على الاجواء في الجزائر في تلك المرحلة. وعن أساب تفاقم ظاهرة العنف أشار استاذ القانون ان فشل السلطة في التغيير الجذري في المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفي تحقيق المطالب الشعبية ساهم في تصاعد وتيرة العنف السياسي.. ومن جهته اعتبر الاستاذ لزهر الجويلي ان العنف ليس مجرد سلوك بل يعبر عن تصور كامل فردي وجماعي مشيرا ان خطورة العنف تتمثل في التهديد الجدي للانتقال الديمقراطي باعتباره يقوض جسور التواصل بين الدولة والاحزاب ويؤدي الى ظهور اقطاب تنافس الدولة من جهة و الى زعزعة وخلخلة الامن الاجتماعي من جهة اخرى. واعتبر ان مقاومة العنف السياسي مسؤولية مشتركة ومرتبطة بالثقافة السياسية وبالتالي من الاجدر -حسب تعبيره- ايجاد حلول جذرية بناء على مشاركة بين الاحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني مع تدخل الدولة لمنع العنف ومستعمليه وايقاف هذا النزيف. وثيقة التعامل السلمي بين الاحزاب وفي نفس السياق أوضح الدكتور عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان إن اي مبادرة من اجل اعلاء التعايش السلمي تكون ذات اهمية لايقاف ظاهرة العنف التى طغت على الساحة في الاونة الاخيرة، مبينا ان السلم الاجتماعي أصبح مهددا بفعل تراجع هيبة القانون والدولة واستشراء العنف وظهور جماعات موازية تسعى الى الغاء دور الدولة والمؤسسات. وقدم الدكتور بن حسن مشروع وثيقة تتعلّق بنبذ العنف حول مبادئ التعامل السلمي بين الأحزاب السياسية التى تم الانطلاق في إعدادها منذ جويلية 2011 و تتضمن التزام مجموعة من الاحزاب وينص المشروع المشترك بين المعهد العربي لحقوق الإنسان ومعهد الصحافة وعلوم الإخبار بالتعاون مع منظمة كونراد آديناور على احترام الاراء السياسية المختلفة في اطار التنافس النزيه وقواعد التداول السلمي على السلطة والامتناع عن تكفير المنافسين او تخوينهم او اقصائهم او التعرض لانشطتهم او التحريض على عرقلتها أو تعنيفهم رمزيا او ماديا او التحريض على ممارسة اي شكل من اشكال العنف ضدهم وتحييد الادارة والمؤسسات التربوية ودور العبادة والنأي بها عن كل توظيف وعن التجاذبات السياسية. كما تضمن نص المشروع ارساء منظومة العدالة الانتقالية يحترم فيها دور المجتمع المدني مع نبذ كل اشكال العنف والامتناع عن التحريض على الكراهية والتعصب والتمييز بكل أشكاله إلى جانب نشر ثقافة التعبير و الاحتجاج السلمي دون المساس بالحرمة الجسدية والمعنوية للاشخاص ونشر ثقافة التعايش والقبول بالأخر والاحتكام إلى قواعد الديمقراطية في كل المواقف والقضايا.