لا يختلف اثنان حول الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تردت فيها البلاد منذ مدة والتي لاحقت مظاهرها من خلال تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين بمختلف فئاتهم الاجتماعية مما جعل العديد من المنظمات وفي مقدمتها منظمة الدفاع عن المستهلك تطلق صيحة فزع وتنذر وزارة التجارة بضرورة مراقبة الأسواق والضغط على الأسعار والتصدي لكافة مظاهر الانفلات وأنواع المضاربات والأسواق الموازية التي انتشرت في كافة الجهات وشكلت بممارساتها خرقا صارخا لكافة القوانين التي تنظم الأبعاد التجارية ونشاط الأسواق البلدية اليومية والأسبوعية. ولكن هذا الواقع المر والصعب الذي تردت فيه الحياة الاقتصادية فأثر على الحياة الاجتماعية يقابله مظهر استهلاك مفرط ولهفة في الاقبال على شراء الغلال وبعض أنواع الخضر وأنواع المكسرات والمرطبات ولحوم الدجاج والديك الرومي والسمك مع حلول رأس السنة والاحتفال بها، وكأنه لا أزمة اقتصادية تذكر ولا صعوبات يعيشها المواطن جراء غلاء الأسعار؟ فقد انبرى المواطنون منذ صباح يوم الاثنين في التوجه إلى الأسواق لإشتراء كافة اللوازم الخاصة باحتفالات رأس السنة، كما توجهوا إلى محلات باعة المرطبات التي شهدت اكتظاظا كبيرا لاقتناء خبزة " القاتو" ، وعمد العديد منهم إلى حجز أماكن في المطاعم، وآخرون استعدوا لشد الرحال وقضاء سهرات بالنزل والمرافق السياحية الأخرى. ولئن كان كل هذا جميلا بما فيه من إقبال على الحياة والفرح، لكنه في نظرنا يعكس صورة أخرى لمجتمع استهلاكي يعيش ليومه، ولا يفكر في غد قد يكون صعبا على كافة المستويات. فهل يثوب الجميع إلى رشد ووعي يكونان في مستوى واقع البلاد الذي بات صعبا؟