اعتبر العديد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أن عملية التصويت للمصادقة على مشاريع القوانين إذا ما تواصلت على هذا النحو فان ذلك يمثل خطرا محدقا على الدستور المرتقب استنادا إلى أن آلية التصويت تشوبها حسب البعض إشكاليات عديدة. يرى بعض النواب أن من بين الاشكاليات عدم الالتزام بالنتيجة الأولية للتصويت وإيجاد ثغرات صلب النظام الداخلي لإعادة عملية التصويت لا سيما إذا كانت النتيجة لا تتماشى مع ميولات الحزب الفائز بالأغلبية على غرار ما حدث أول أمس فيما يتعلق بمشروع اتفاقية تتعلق بالمساعدة الإدارية في المادة الجبائية. وبالتالي فان الخطر بات يهدد فصول الدستور على حد تعبير احد النواب بما أن عدم الرضا على النتيجة الأولية للتصويت يفضي دائما إلى إعادة التصويت ثانية كما انه يهدد مسار العملية الديمقراطية برمتها. فقه الحيل لاحظ النائب محمد براهمي أن "ما يحدث اليوم داخل المجلس الوطني التأسيسي يسمى بفقه الحيل"، وفسر في هذا السياق انه كلما كانت نتيجة التصويت غير مناسبة للأغلبية إلا وتحاول هذه الأخيرة البحث عن حيلة ما والعودة مجددا للتصويت. وهو ما يعد من وجهة نظره مؤشرا خطيرا جدا استنادا إلى انه يهدد المستقبل (الجلسات المخصصة لمناقشة فصول الدستور) من جهة والعملية الديمقراطية برمتها من جهة أخرى. وحذر البراهمي من وجود ثغرات قانونية تفسح المجال أمام حركة النهضة للتراجع في كل مرة عن فصل يتم الحسم فيه وهو أمر لا يهدد الدستور فقط وإنما المسار الديمقراطي برمته. ويقترح في هذا الصدد أن يتم الالتزام بنتيجة التصويت والتثبت في الفصول المعمول بها في النظام الداخلي قبل عملية المصادقة. كما عبر النائب منجي الرحوي عن مناهضته لهذا الإجراء فالمفروض أن يتحمل المجلس التأسيسي نتيجة التصويت ويتعامل معها بنضج مشيرا إلى أن ما حدث أول أمس (الاتفاقية التي أعيدت للجنة المالية ) يعد سابقة خطيرة من شانها أن تهدد النقاشات المتعلقة بفصول الدستور حيث باستطاعة أي كتلة لم تتحصل على الأغلبية الكافية أن تستعمل القانون للمصادقة.وهو ما يعد من وجهة نظره مخالفة اعتبارا أن التصويت احدى أسس الممارسة الديمقراطية داعيا في السياق ذاته المجلس الوطني التاسيسي الى تحمل مسؤوليته. تعسف على القوانين من جهة أخرى يرى النائب ايمن الزواغي ان "قبة التاسيسي تعيش تعسفا على القوانين وعلى فصول النظام الداخلي من خلال اللجوء إلى التأويل رغم ان الفصول واضحة." وأوضح أن مداولات المجلس الوطني التاسيسي يلاحظ من خلالها إعادة التصويت مرات عديدة وهو سيناريو تكرر مرارا وهو ما يعتبر إساءة لتطبيق القانون لا سيما انه لا وجود لأدنى اعتراض قبل مباشرة عملية التصويت. وأشار إلى أن "هذا السيناريو اذا ما طبق على فصول الدستور فان ذلك سيكون الطامة الكبرى"، مؤكدا ان الجلسة العامة لا يمكن أن تتفق على مخالفة القانون . في المقابل ذكر النائب هشام حسني ان العملية تنختلف بين المصادقة على اتفاقية والمصادقة على فصول الدستور موضحا في هذا الشأن أن الاتفاقية تقتضي العودة إلى الفصل 90 من النظام الداخلي أما فيما يتعلق بمناقشة فصول الدستور فان المسالة تقتضي النقاش فصلا فصلا ثم المصادقة عليه بأغلبية الثلثين. غير أن التجاوزات الحاصلة من وجهة نظره تتمثل في استثناء بعض الفصول في النقاش على غرارا ما حصل اثر مناقشة مشروع قانون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اذ تم استثناء الفصل 6 وارجاءه للنقاش لاحقا وهو ما يمثل خرقا للنظام الداخلي