اتهمت كتلة «المؤتمر»، كتلة «النهضة» بخيانة العهد وخيانة الاتفاق الذي توصل اليه رؤساء الكتل في اجتماعهم أمس على إثر رفع الجلسة العامة اضطراريا نتيجة الخلاف الذي حدث حول رفض مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمصادقة على الاتفاقية المتعلقة بالمساعدة الادارية المتبادلة في المادة الجبائية المعتمدة من قبل مجلس أوروبا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يذكر أن هذا المشروع تم رفضه خلال الجلسة الصباحية لعدم حصوله على أغلبية الثلثين من الأصوات، حيث صوت لصالح هذا المشروع 108 نوّاب فقط في حين احتفظ 13 نائبا بأصواتهم ورفض هذا المشروع ثلاثة نواب. وقد أثار رفض هذا المشروع حفيظة أغلب النواب سواء من «الترويكا» أو من الكتل المعارضة، حيث اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية «سمير الطيب» أن هذه الاتفاقية مهمة جدّا لأنها اتفاقية تبرم مع منظمة دولية قصد الحدّ من الجريمة الجبائية، مبديا تأسفه لسقوط هذا المشروع ومحمّلا المسؤولية للنواب الذين غادروا قاعة الجلسة أثناء انطلاق عملية التصويت. البحث عن مخرج قانوني أحدث رفض هذه الاتفاقية بلبلة في صفوف نواب المجلس التأسيسي، فرئيس كتلة «النهضة» الصحبي عتيق أبدى غضبه الشديد لخروج بعض نواب الكتلة من القاعة أثناء التصويت وقال على النواب أن يتحملوا مسؤوليتهم في ذلك ولا مجال للتلاعب بالقانون. يأتي تصريح «عتيق» إثر تدخل النائبة عن كتلة المؤتمر «سامية عبّو» في إطار البحث عن مخرج قانوني لانقاذ هذه الاتفاقية وإعادة التصويت مجددا عليها، حيث أكدت «عبّو» بأن النواب صوتوا على الفصل فقط وطبقا للنظام الداخلي يجب أن تتم المصادقة على المشروع برمته. كذلك كانت مداخلة المقرّر العام للدستور الحبيب خذر الذي أكد على ضرورة تلاوة الفصل قبل المصادقة عليه. بيد أن محاولات بعض النواب ايجاد مخرج قانوني مهما كلّف الأمر، لم يجد صداه لدى نواب آخرين، فالنائبة عن الكتلة الديمقراطية «سلمى بكار» وإن أبدت تجاوبها مع هذا القانون إلا أنها دعت «الحبيب خذر» الى عدم اصدار فتاو، مشيرة الى أن النواب صوّتوا على هذا المشروع وما عليهم سوى احترام القانون الذي يقضي بعدم التصويت مجددا على المشروع وإعادته الى لجنة المالية. رفض الاتفاقية للمرة الثانية... وخيبة أمل ولأن الجلسة أخذت منعرجا آخر، إذ أن أغلب النواب أبدوا استياءهم لرفض هذا المشروع فإن تدخل النائب عن كتلة النهضة «زياد الدولاتلي» جاء كحلّ لهذه الاشكالية، حيث أكد أن قراءة القانون فيه وجهات نظر واقترح أن يجتمع رؤساء الكتل قصد الخروج بقرار يلزم جميع النواب، فما كان من رئيسة الجلسة «محرزية العبيدي» الا رفع هذه الجلسة ليجتمع رؤساء الكتل خاصة وأن رئيس كتلة النهضة «الصحبي عتيق» أكد أن الموضوع فيه خلاف حقيقي بعيد عن كل الحسابات السياسية. غير أن هذا الاجتماع وإن اتفق فيه رؤساء الكتل على التصويت لصالح هذه الاتفاقية فإنه لم يقدم الحل، حيث كانت المفاجأة حين صوت نواب كتلة «النهضة» ضدّ هذا المشروع ولم يتحصل إلا على 40 صوتا فقط. رفض المشروع للمرّة الثانية، مثل صدمة بالنسبة لأغلب النواب، حتى أن رؤساء الكتل ونواب التأسيسي واصلوا نقاشهم بعد رفع الجلسة العامة. إذ اعتبر النائب عن كتلة المؤتمر «عمر الشتوي» أن إرجاع هذه الاتفاقية الى لجنة المالية وإرجاء النظر فيها لعدم حصولها على التصويت الكافي لم يكن الاتفاق الذي توصل اليه رؤساء الكتل في اجتماعهم قبيل عقد الجلسة، حيث أكد أن رؤساء الكتل اتفقوا على أن يقع احترام الفصل 90 من قانون النظام الداخلي والموافقة على الانتقال الى مناقشة المعاهدة ثم التصويت لفائدتها، خاصة وقد أكد وزير الحوكمة حسب ما قاله الشتوي على أهمية هذه الاتفاقية بالنظر الى أن تونس مرشحة الى رئاسة لجنة التنمية بالاتحاد الأوروبي بعد المصادقة على هذه المعاهدة. غير أن رئيس كتلة «النهضة» الصحبي عتيق قال إن رفضهم لهذه الاتفاقية هو رفض مبدئي واحترام لقانون النظام الداخلي فضلا عن كونهم اقتنعوا بضرورة تضمين التحفظات الستة في هذه الاتفاقية والتي أيضا أكد عليها وزير الحوكمة ومقاومة الفساد على حدّ قوله. وفي هذا الاطار توجهت جريدة «التونسية» بالسؤال إلى وزير الحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم حول ارجاء النظر في هذه الاتفاقية بغية تضمين التحفظات قال الأدغم إنّ هذه الاتفاقية تتضمن هذه التحفظات وقد تبّنت تونس هذا المشروع جملة وتفصيلا على غرار بقية الدول (38 دولة) التي صادقت على هذه الاتفاقية. وأضاف أن هذه الاتفاقية من شأنها أن تعطي لتونس قيمة على المستوى الدولي فيما يتعلق بالشفافية ومحاربة التهرب الجبائي، مشيرا الى أن رفض النواب لهذه الاتفاقية يعود ربما إلى عدم فهمهم للموضوع. كما أضاف أن تونس أخرّت المصادقة على هذا المشروع طيلة ستة أشهر وهذا لا يخدم مصلحتها. النائبة عن كتلة «المؤتمر» سامية عبّو بدت غاضبة عند رفع الجلسة وتساءلت عن الرسالة التي أرادت كتلة «النهضة» أن توصلها من خلال رفض هذه الاتفاقية بعد الاتفاق حول التصويت لفائدتها متهمة كتلة «النهضة» بخيانة العهد وخيانة الاتفاق الذي توصل إليه رؤساء الكتل في اجتماعهم. من أعدّ هذا النص القانوني لا يتحلّى بالوطنية ولئن كان أغلب النواب، قد أبدوا تفاعلهم مع هذه الاتفاقية وعبّروا عن تأكيدهم على ضرورة المصادقة عليها على غرار النائب عن كتلة المستقلين الأحرار حسن الرضواني الذي قال إنّ هذه الاتفاقية تأتي في اطار محاربة الفساد وإطار الشفافية مطالبا بضرورة تطبيقها بحذر وأيضا النائب عن كتلة المؤتمر البشير النفزي الذي طالب باضافة التنصيص في هذه الاتفاقية على آلية دعم ومساندة لمجمل الهياكل الوطنية التي تسعى إلى استرجاع الأموال المهربة. فإن النائب عن الكتلة الديمقراطية كريم بوعبدلي اعتبر أن من أعدّ النص القانوني لهذا المشروع لا يتحلّى بالوطنية، ذلك أن المصادقة على هذه الاتفاقية من شأنها أن تزيد في نسبة البطالة على حدّ قوله نظرا إلى أن رجال الأعمال الأجانب لن يستثمروا في تونس.