" -تواصل الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني بالتنسيق مع الشرطة الفنية البحث في ملابسات الحريق الذي شبّ في ساعة متأخرة من مساء يوم السبت الفارط بمقام الولي الصالح سيدي بوسعيد الباجي بالضاحية الشمالية للعاصمة وخلف خسائر فادحة بعد ان طالت ألسنة اللهب عدة مخطوطات ذات قيمة تاريخية هامة ومجموعة من المصاحف وما لا يقل عن الخمسين "حصيرة" وزربية وعدة آرائك خشبية. وفي هذا الإطار علمنا من مصدر مطلع أن الأبحاث تسير في اتجاه مسلكين (pistes) لا ثالث لهما، الأول يتعلق بفرضية العمل الإجرامي والثاني بفرضية الخلل الكهربائي، ولكشف الحقيقة رفعت الشرطة الفنية والعلمية حوالي 80 عينة من بقايا الكتب والمخطوطات والأرائك المحروقة وحتى من الحيطان بحثا عن مواد حارقة وسائلة سريعة الالتهاب، ولكن إلى حدّ كتابة هذه الأسطر لم يتمّ العثور على أيّ أثر لهذه المواد. مصدرنا أفادنا بأن الأعوان استمعوا في إطار الأبحاث لحوالي العشرة أشخاص كشهود من بينهم تجار بمحيط المقام، فذكر أحدهم انه لمح شخصا يستقل دراجة هوائية يفر هاربا وسانده شخص آخر، غير أن البقية نفوا مشاهدتهم لأي شخص غريب يستقل دراجة ويفرّ بعيد اندلاع الحريق، واستغربوا كيف لراكب دراجة هوائية أن يفرّ من ذلك المكان المرتفع دون أن يسقط أو يثير انتباههم. ورغم ذلك فإن الأعوان قاموا بناء على أقوال اثنين من الشاهدين برسم صورة تقريبية (portrait robot) للشخص المشار إليه، ولكن الأبحاث لم تتوصل إلى تحديد هويته، وبالتوازي مع ذلك أجرى أعوان "الستاغ" معاينة موطنية لموطن الحادثة بينت وجود إخلالات في الشبكة الداخلية للمقام دون أن يحسموا إن كانت سببا للحريق أو لا. وفي نفس السياق استمع الأعوان لامرأة تعتني بشؤون مقام سيدي بوسعيد، فأفادت بأن الحريق الذي شبّ بالمقام هو الثاني خلال عشرة أعوام، إذ سبق أن اشتعلت النيران في المقام إثر خلل كهربائي وتمكنت من إخمادها، مضيفة أنها قبيل الواقعة كانت ممددة على أريكة خشبية ثم نهضت لآداء الصلاة، ولكن فجاة انقطع الكهرباء، وعندما حاولت استجلاء السبب لمحت النيران تندلع قرب الأريكة التي كانت ممددة فوقها فحاولت إطفاءها لكن دون جدوى لتنتشر النيران في مختلف المقام. مصدرنا أفادنا بأن الخلل الكهربائي حصل في عدة مرات سابقا ويتسبب في انقطاع التيار الكهربائي فتتم إعادته بواسطة العداد، ورغم ذلك فإنه أشار إلى أن الخلل الكهربائي ورغم أنه السبب الرئيسي الأكثر ترجيحا في هذه الحادثة فإنه لا بدّ من انتظار تقرير الشرطة الفنية والعلمية حول العينات المرفوعة. من جانبه قال رئيس النيابة الخصوصية بسيدي بوسعيد في تصريح إذاعي إن مصدرا من الحماية المدنية أعلمه ساعة التدخل للسيطرة على الحريق بوجود سائل لمادة مشتعلة بالمكان، وهو ما يترك الاحتمالين مرجحين في انتظار التقرير النهائي للشرطة الفنية والعلمية وما ستكشف عنه الأبحاث الأمنية. يذكر أن حادثة احتراق مقام الولي الصالح سيدي بوسعيد خلفت ردود أفعال غاضبة ومنددة بعد أن وجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى المتشددين دينيا خاصة بعد تعدد عمليات الاعتداء وحرق زوايا الأولياء الصالحين في المدّة الأخيرة. صابر المكشر