انتقادات عديدة وجهت لاداء عدد من الوزراء جعلت اطرافا سياسية تدعو الى تحييد بعضها خاصة وزارات السيادة بل وجعلت ذلك من بين شروط الدخول في تفاوض او حوار وطني شامل حول جملة من المشاكل التي ارقت التونسيين وهي كثيرة. فهل فعلا وقع توظيف هذه الوزارات خدمة لحزب بعينه في «الترويكا» وتهيئة للارضية الانتخابية القادمة ام انها مجرد اتهامات تفتقر الى دليل واضح؟ وهل الاشكال الحاصل في تونس يتعلق باداء الحكومة التي وان واصلت على نفس النهج في اداراتها لشؤون البلاد ولو حتى بعد التحوير الوزاري ستكون 2013 مثل السنة الفارطة ان لم نقل مع مشاكل اكثر تفاقما؟ للاجابة عن هذه الاسئلة وغيرها اتصلت «الصباح الأسبوعي» بثلة من السياسيين. بين الداخلية والعدل يقول شكري بلعيد: «يسعى وزير الداخلية الى تكريس امن حزبي من خلال الكيل بمكيالين، فنراه يحرك قوات الامن بشكل فعال وسريع ضد كل الاحتجاجات الاجتماعية السلمية وتمارس اجهزته التعذيب المنهجي. في المقابل يغضّ الطرف على ميليشيا النهضة وعلى جرائم كبرى كحرق مقرات الاحزاب والاعتداء على الاتحاد العام التونسي للشغل. كما تحوّل الولاة والمعتمدون الى ادوات حزبية لها لا تختلف في شيء عن ايام بن علي. فوزارة مثل الداخلية ذات ثقل اداري ضخم ينعكس على الحياة العامة لا يمكن ان تكون في مرحلة انتقالية بيد حزب سياسي، وتزداد اهميتها بارتباطها المباشر بالعملية الانتخابية. فلا اتصور انتخابات نزيهة طبقا للمعايير الدولية في يد حزب سياسي». ويتابع محدثنا: «لقد كان وزير العدل العنوان الابرز في ضرب استقلال القضاء وتوظيفه حزبيا حيث عمد الى تعيين القضاة واسناد الخطط واجراء حركة نقل واعفاء قضاة طبقا لاجندا حزبية خاصة ولعل المحاكمات والقرارات القضائية وتهاطل بطاقات الايداع الاخيرة خير دليل على هذا التمشي، وهي وضعية تستدعي تطهير الوزارة من الخلايا النهضوية. اما عن سياستنا الخارجية فقد كانت سماتها تدخلا في شؤون داخلية لمجتمعات اخرى طبقا لمصالح النهضة والتنظيم الدولي للاخوان المسلمين والامثلة على ذلك عديدة». أين الدليل؟ من جهتها طالبت فريدة العبيدي النائبة بالمجلس الوطني التاسيسي عن حركة النهضة من قالوا بعدم حيادية وزارات السيادة بتقديم الادلة، معتبرة ان الحياد يقتضي حياد القرار واستقلاليته وليس الوزير، وتقول في هذا الصدد: «على الوزير ان لا يوظف الوزارة وما تقدم عليه وتطرحه من قرارات لمصلحة حزبه، وليس بالضرورة ان يكون الوزير مستقلا لان الحكومة لم تبتدع في تنصيبها لوزير منتم لحزب سياسي على راس وزارات السيادة، فهي مظهر في كل الديمقراطيات في العالم. مطالبة.. وتشدد العبيدي قائلة: «نطالب المعرضة بالكف عن التشكيك في اداء وزارات السيادة على غرار المسّ باستقلالية القضاء باتهام الوزير بالتدخل في هذه المؤسسة ومحاولته وضع يده عليها وهو امر مغلوط تماما، لان من يحاول الضغط على القضاة عبر المسيرات والوقفات الاحتجاجية وحتى اضرابات عدد من النواب للافراج عن شباب موقوف من جهتهم هو من يحاول تحويل وجهة القضاء. والحديث عن وزراء تكنوقراط على راس وزارات السيادة يدفعنا الى التساؤل عن أيّة خبرات يتحدثون؟ ومن هم؟ لان ما يعلمه الجميع ان الخبرة في التسيير كان السواد الاعظم منهم من رصيد نظام بن علي فالمعارضة لم تكن تحكم وقتها بل كانت صورية لذلك اعتقد ان الجديرين بالحكم هم من ناضلوا وقاوموا الاستبداد. أمر آخر علينا توضيحه يتعلق بالحديث عن تاثير دور وزارة الداخلية في الانتخابات، عموما اظن ان المتبنين لهذا الرأي قد نسوا او تناسوا الهيئة المستقلة للانتخابات التي صادق عليها نواب الشعب والتي ستعهد إليها العملية الانتخابية برمتها مع مساعدة لوجستية لا غير من وزارة الداخلية. يمتلك جميع الفرقاء الحق في حكم تونس لكن يبقى الوقت الكافي عاملا هاما في تقييم مردود كل طرف». المشكل الأساسي يرى المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في حديثه عن حيادية وزارات السيادة ان المشكل الاساسي ليس في هذه الوزارات وانما يرتكز بالاساس في تركيبة الحكومة ككل على حد تعبيره. ويقول الجورشي: «هل نحن في حاجة الى حكومة قائمة على المحاصصة الحزبية أم نحتاج الى حكومة كفاءات قد تكون مدعمة ببعض العناصر الحزبية؟». أعتقد ان ما تبقى من المرحلة الانتقالية في حاجة الى التنوع والانفتاح وتجميع الاشخاص الذين يريدون دعم هذا التوجه. فقضية وزارات السيادة جزء من مشكلة اكثر شمولا وهي تستوجب حكومة وطنية او حكومة إنقاذ وطني. والاكيد ان مواصلة سير الحكومة بنفس العقلية القائمة على المحاصصة لن نستشعر منها أيّ تغيير في السنة الحالية التي ستكون نسخة ل2012».