صرح والي صفاقس فتحي الدربالي ل"الصباح" أن السنة الحالية ستشهد الانطلاقة الفعلية للمشاريع التي طال انتظارها من مواطني الجهة وتسويفها من السياسات السابقة على أهميتها التنموية وحيويتها المعيشية على غرار المستشفى الجامعي الثاني والمدينة الرياضية ومشروع "تبرورة" كاشفا النقاب عن التفكير الجدي في إحياء الطريق التاريخية الرومانية الرابطة بين صفاقسوقرقنة في سياق البحث عن حل جذري لفك العزلة المضروبة على الأرخبيل القرقني بفعل صعوبة الاتصال والتواصل والنقل والتنقل من وإلى قرقنة، مشيدا بما أسماه بوادر انفراج الوضع الأمني والسلم الاجتماعي بصفاقس في سياق التفاعل الإيجابي مع المنظمة الشغيلة لتطويق مختلف الأزمات منوّها بما أسماه بداية تعافي المشهد الثقافي في اتجاه إعادة تشكيل فواعله الأساسية. بوادر انفراج أمني.. وسجل الوالي ارتياحه إزاء ما اعتبره تحسنا للوضع الأمني ولاسيما على مستوى مدينة صفاقس بعد تراجع مستويات جرائم النشل والجرائم الفردية وتمكن الوحدات الأمنية من تفكيك عصابات الجرائم المنظمة في مجال سرقة السيارات والتهريب والمخدرات والتخفيض في عدد جرائم "الحرقان" واجتياز الحدود خلسة وغيرها من الجرائم التي تؤكد في نظره استعادة المؤسسة الأمنية لشيء من عافيتها والثقة في امكاناتها وبالتالي ثقة المواطن فيها بعد أن استهدفت هيكليا بحملة تشكيك واسعة لم تشهدها مؤسسة أخرى خلال وبعد الثورة بفعل ارتفاع القضايا المنشورة ضد أعوانها وهو ما أثر على أداء المؤسسة ككل واطمئنان المواطن لنجاعة تدخلاتها حسب رأيه. ونوه الوالي على صعيد آخر بما اعتبره تفاعلا إيجابيا بين السلطة الجهوية والمكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في معالجة الأزمات الاجتماعية الطارئة وتحقيق المصالحة الاجتماعية وتعليق عديد الإضرابات القطاعية أو إلغائها من ذلك ما تحقق من إنهاء الأزمات المزمنة للمؤسسات الكبرى ال5 ولاسيما البيترولية خاصة بريتش غاز وبيتروفاك وTPS علاوة عن سياب ومؤسسات المركب الكيميائي، واعتبر الوالي أنه ليس من حق أي جهة أن تنكر الدور التاريخي النضالي والنقابي والتنموي للاتحاد لذلك سيبقى محل إجماع كافة القوى بالبلاد، على أن حالة الإرباك الحالي متفهمة في سياق الوضع الذي اعترى عديد المنظمات الوطنية ما بعد الثورة والتي كانت لها ارتداداتها على المنظمة الشغيلة في سياق التجاذبات بين سائر القوى السياسية التي يستوعبها الاتحاد بل وحتى خارج مظلته حسب وصفه مشيرا بالقول " اننا نبحث في ظل المرحلة الجديدة عن منوال جماعي للتعايش والتوافق مع رموز الحركة النقابية وقواعدها على أساس عقدي، ومن هذا المنطلق فإن الحالة الاجتماعية في صفاقس مازالت تتطلب جهدا توافقيا أكبر من حل فك أزمات مصحة "مينياي" المعلقة منذ حوالي 7 أشهر ومؤسسة "لاريا" التابعة لمجمع "بولينا"، رغم أن صفاقس تعتبر الجهة الأولى من حيث نشر برقيات الإضراب ولكنها الجهة الأكثر نجاحا للحوار الاجتماعي والمصالحة التفاوضية". انطلاق 3مشاريع كبرى .. كشف الوالي ل"الصباح" أن السنة الحالية ستشهد الانطلاقة الفعلية للمشاريع التي طال انتظارها من مواطني الجهة على غرار المستشفى الجامعي الثاني والمدينة الرياضية ومشروع تبرورة بعد أن توفرت الإرادة السياسية الحقيقية. فقد أثمرت الجلسات في أواخر السنة المنقضية تحديد خطوط تمويل بين 20 و30 مليون دينار لهذا المشروع المبرمج انشاؤه على مستوى القاصة الحزامية رقم 11 من طريق قابس، بما في ذلك القرض طويل المدى من شركة النهوض بالرياضة الذي هو على وشك استيفاء إجراءاته حتى يتسنى انطلاق إنجاز المشروع خلال هذه السنة، بالإضافة إلى تمويلات أخرى في شكل هبات وقروض. أما المشروع المعطل الآخر وهو المستشفى الجامعي الثاني الذي سيقع انجازه في إطار التعاون التونسي الصيني بطريق المطار والذي ستشهد هذه السنة الخطوات التنفيذية له ، بالرغم من أن هذا المشروع ليس هدفا في حد ذاته لمعالجة المعضلة الصحية بصفاقس بفعل العبء المسلط على المؤسستين الاستشفائيتين بالمدينة وارتباطهما ب10 ولايات مجاورة لصفاقس وهو ما أدى إلى حالة عجز مزمنة لأداء المستشفيين الجامعيين الهادي شاكر والحبيب بورقيبة في الخدمات العلاجية ناهيك عن العجز على استيعاب خريجي الاختصاصات الطبية في تربصاتهم وسائر المناظرات الاستشفائية وهو ما يقتضي تدعيم الخطوط الاستشفائية الأولى من المستشفيات الجهوية والمحلية بالجهة تجهيزات وموارد بشرية من أجل تخفيف من الضغط وذلك حسب السياسات الصحية للوزارة طبعا. وفي ما يخص مشروع تبرورة فقد أثمرت جلسة 20 نوفمبر 2012 على إعداد برنامج تنفيذي لإزالة النقاط السوداء المحيطة بالمشروع بالتنسيق مع كافة الوزارات بغاية تفادي هذه المعوقات لأنه في ظلها سيبقى المشروع عديم الجاذبية ومنقوص الجدوى، على أن المشكلة الوحيدة القائمة اليوم مع ديوان البحرية والمواني من أجل إخلاء منطقة الميناء القديم في إطار مشروع إحياء الشواطئ والمنتجعات القديمة بعد التوصل إلى نقل محطة الأرتال الحالية وغيرها من مكونات الشركة التونسية للسكك الحديدية مثل وحدة الصيانة وغيرها.. والمعيقة لامتدادات المشروع وارتباطه بالمكونات الحضرية لمدينة صفاقس". الأزمة المزمنة.. وعن سؤال "الصباح" حول ما شهدته قرقنة مؤخرا من اضطرابات واحتجاجات ما يعرف بأزمة الصيد بالكيس بوصفها جزءا من المعضلة التنموية للأرخبيل القرقني اعتبر الوالي أن قرقنة تتطلب رؤية شاملة لمستقبل الجزيرة ويستوعب متطلباتها ويفك عزلتها نهائيا والتي انكشفت ملامحها خاصة إبان مشكلة الصيد بالكيس، ويقترح الوالي بالتالي كبديل عن الحلول التي طالبت بنقل محطة الناقلات البحرية الرابطة بين صفاقسوقرقنة إلى سيدي فرج بدلا من محطة سيدي يوسف مليتة وهو إجراء غير مأمول النجاعة فضلا عن أن عملية جهر وتهيئة المحطة المهجورة منذ حوالي 20 سنة تتطلب تمويلات ضخمة قد تتجاوز ال70 مليون دينار، ويرى الوالي ان مثل هذا مبلغ قد يمكن استثماره ضمن مشروع أكثر نجاعة وهو ما يعرف بإحياء الطريق التاريخية الرومانية بين صفاقس القديمة وسرسينا وهو الاسم الروماني للجزيرة وذلك عن طريق ردم المياه الضحلة المميزة للساحل الصفاقسي القرقني ما بين الضفتين مع إقامة محطات استراحة سياحية ومنتجعات بحرية على امتداد الطريق فيما يقتصر دور الناقلات البحرية من نوع عبارات اللود على نقطتي ترابط محدودة يبلغ طولها ال5 كيلومترات فقط وهي المعروفة لدى الأهالي ب"الحي أو الوادي". وهو مشروع سياحي تنموي مندمج سوف ينهي مشكلة عزلة قرقنة نهائيا وبطريقة ناجعة تضمن الحفاظ على الخصائص البيئية والطبيعية التي ظلت تميز قرقنة وتحافظ على عادات وتقاليد الأهالي المتعايشين مع البحر فضلا عن رصد آفاق تنموية واستثمارية جديدة بعد تحويلها إلى نقطة جذب استثماري وسياحي وبيئة متكاملة ومستديمة على أن هذه الفكرة تتطلب تحمسا لإنجاحها وتفاعلا من كل الإرادات السياسية والمدنية والبحث عن خطوط تمويل جهات استثمارية ذات إمكانات. معضلة "الكيس" والحلول المرجوة وفي معرض إثارة "الصباح" لمعضلة الصيد بالكيس وما أعقبها من تصادم مصالح صيادي الجهة اعتبر الوالي أن مشكلة الصيد العشوائي والجائر والذي تتعدد مظاهره مثل الكيس والشنشون والحليقة والكركارة وغيرها من الوسائل والأدوات المهددة للتنوع البيولوجي تتجاوز جزر قرقنة لتشمل منطقة خليج قابس ككل كمنطقة تفريخ وإباضة محبذة ومميزة للأحياء البحرية في حوض المتوسط لذلك يتوجب عرض الأزمة في أبعادها الوطنية والدولية لا الجهوية والمحلية فحسب بيد أن مشكلة قرقنة تتأصل من الوجهة الاقتصادية الاجتماعية في ارتباط النشاط الاقتصادي الحيوي الرئيسي للجزيرة بالصيد البحري ولاسيما الصيد الساحلي التقليدي الذي يستبعد كل عمليات الصيد الجائرة التي تؤثر على مستقبل النشاط البحري والملاحة التقليدية القرقنية. ومن هذا المنطلق يطرح الوالي مقاربة جملية آنية ومستقبلية لحل الأزمة الحالية تستهدف المعالجة الجذرية لظاهرة الصيد العشوائي.