قرر بحارة مليتة بجزيرة قرقنة مساء أمس حل الاعتصام المضروب على ميناء سيدي يوسف بعد 3 أيام عاشت فيها قرقنة عزلة شبه تامة.. وذلك بعد قبول الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس وبالتنسيق مع المركزية النقابية ترؤس وفد يضمّ البحارة في المفاوضات المقررة يوم غد السبت بوزارة الفلاحة.. وكان بحّارة مليتة قد قدموا إلى الاتحاد الجهوي للشغل لائحة مهنية تطالب بإدراج الجزيرة ضمن المحميات البيئية والاستجابة إلى مطالبهم في حل جذري لقضية الكيس مؤكّدين على ضرورة أن يتبنى الاتحاد العام التونسي للشغل مطالبهم والمشاركة في المفاوضات تحت مظلة المنظمة الشغيلة وضماناته. وكان الوضع في قرقنة قد شهد تعكّرا بعد انقطاع كل وسائل الاتصال والنقل البحري عبر شريان "اللود" وهو أسطول البواخر الرابطة بين صفاقسوقرقنة نقلا للأشخاص والبضائع والمرافق الحيوية وذلك بعد قيام مجموعة من صيّادي منطقة مليتة منذ 3 أيام بفرض طوق من مراكب الصيد والزوارق حول حوض ميناء سيدي يوسف الذي ترسو فيه تلك البواخر. وضع عطّل مصالح سكّان الأرخبيل القرقني منذ بداية الأزمة التي انطلقت بشدّ بحّارة ميناء القراطن الرحيل إلى الساحل الإيطالي كتعبير احتجاجي عن الأضرار اللاحقة بهم جرّاء الاستعمال المفرط والعشوائي للكيس والكركارة والصيد المجحف والذي أعقبه احتجاج مماثل من صيّادة الكيس في الساحل الصفاقسي وإلى حدود الشابة بفعل التلويح باستعمال القوة وتفعيل القانون ضدّ صيّادي الكيس إلى أن انضمّ إلى المحتجّين صيّادو مليتة الذين أغلقوا محطة سيدي يوسف التي يعبر منها وإليها كل الأهالي. في ظل هذا التصعيد تعددت المبادرات لتطويق الأزمة خاصة بعد اتصال أطراف من المحتجين بالمنظمة الشغيلة، فيما تدخّلت المؤسسة العسكرية من أجل نقل الطلبة القراقنة إلى صفاقس من أجل إجراء امتحاناتهم كما تمّ نقل جثمان أحد المتوفين من صفاقس إلى قرقنة عبر زوارق تابعة للجيش. عزلة قرقنة وفي تطوّر للأحداث قام جمع من أهالي قرقنة المقيمين بصفاقس صباح الخميس بالتجمهر أمام مقرّ الولاية مساندة لأهاليهم المقيمين بالأرخبيل في ظل حالة العزلة القائمة. المحتجون أفادوا "الصباح" أنّ لقاء جمعهم بالمعتمد الأول ومعتمد الشؤون الاقتصادية وشخصية أمنية بالولاية حيث طلب منهم تفويض من هو أهل للتفاوض مع الوالي ومن ثمة مع وزير الفلاحة مشيرا إلى أنه أبلغ مطالب المحتجين بالتعجيل بإيجاد حل لفائدة إغاثة الأهالي والقرى القرقنية المعزولة منذ 3 أيام في غياب المواد التموينية الأساسية. على صعيد آخرعلمت "الصباح" أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل ومنذ بداية الأزمة تدخّل عبر مكتبه التنفيذي والاتحاد الجهوي بصفاقس من أجل تطويقها لدى قيام مجموعة من بحّارة صيد الكيس مساء الجمعة المنقضي باحتجاز بواخر "اللود" عرض البحر في الاتجاهين بين يابستي صفاقسوقرقنة مما نجمت عنه حالة من الهلع في صفوف المسافرين نظرا لطول المدة التي تمّت فيها عملية الاحتجاز والتي تواصلت من منتصف نهار الجمعة إلى العاشرة ليلا من نفس اليوم مع ما رافق ذلك من ردة فعل أهالي قرقنة العالقين بمحطة صفاقس والذين أوقفوا حركة عبور القطارات على السكك الحديدية المتاخمة للمحطة والرابطة بين صفاقسوقابس وقفصة والجنوب وهو وضع تكرّر قبل يومين بعد التدخّل الأمني الذي فكّ الاعتصام. حلول مؤقتة عبد الكريم جراد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل وفي اتصال به أكّد ل"الصباح" استجابة السلطة وتعاونها من أجل فضّ الأزمة حيث أسديت التعليمات للسلط الجهوية بصفاقس من أجل فض الاعتصامين البحري والبري فضلا عن الوعود بالتفكير الجدّي في ضمان حقوق كافة الأطراف بما في ذلك صيّادو الكيس باعتبار أنّ الأزمة باتت أمرا واقعا ويجب التعاطي مع هؤلاء الذين يعتمدون على الصيد العشوائي كمورد رزق تغافلت السلطة في الماضي عنه مراقبة وحلولا مع ضرورة حماية الثروة السمكية. وعبّر عضو المركزية النقابية عن دعمه لكل المبادرات التوفيقية والحوار الذي يضمن حقوق كافة الأطراف بما في ذلك مبادرة الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس التي اعتبرها تُلزِم المنظمة الشغيلة مادامت في خدمة كافة الأطراف وتراعي كامل جوانب الأزمة. تصعيد جديد من جهته أفاد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الهادي بن جمعة "الصباح" بأن الاتحاد أخذ على عاتقه إطفاء فتيل الأزمة في شخص الأمين العام للاتحاد رغم وجوده في مهمة نقابية دولية خارج الوطن بعد الاتصال مع وزيري الداخلية والفلاحة علاوة عن أعضاء المكتب التنفيذي من المركزية النقابية خاصة نور الدين الطبوبي وعبد الكريم جراد والذين عقدوا اتصالات مع أطراف الأزمة من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار لفهم أسبابها والبحث عن حلول ترضي كافة الأطراف خارج إطار استعمال الكيس باعتبار استفحال هذه الظاهرة في غياب الحلول الناجعة منذ أمد بعيد. بن جمعة عبّر عن خشيته من الحل الأمني الذي قد يعمّق الأزمة ويبعدها عن مسار الحل المتوازن وهو ما بادر إليه أصحاب المراكب الذين أغلقوا حوض ميناء مليتة بعد شروعهم صباح الخميس في فكّ الطوق الحاجزي لبواخر "اللود" إلاّ أنّ تصريحات وزير الفلاحة على أمواج إحدى الإذاعات الخاصة التي وصف أعمال البحارة بالقرصنة ورفض التحاور تحت كل أشكال الضغط وهو ما جعل البحارة يعودون إلى اعتصامهم البحري. مبادرة نقابية للحوار الشامل وكان بن جمعة طرفا في خلية الأزمة التي تكوّنت بمقر ولاية صفاقس مساء الجمعة المنقضي والتي ضمّت والي الجهة فتحي الدربالي ومديري إقليمي الحرس والأمن الوطنيين وممثلا عن وزارة الدفاع والمندوب الجهوي للفلاحة حيث عُقِدت اتصالات عاجلة مع أطراف الأزمة تمّ التوافق فيها من أجل عرض حلول سلمية وعاجلة على المستوى الآني في انتظار البحث الإجمالي عن مبادرات تعالج الأزمة من جذورها في اتجاه الحرص على تطبيق القانون وضمان الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لأطراف الأزمة بين بحّارة قرقنة ولا سيما الجهة الشرقية ونُظرائهم على الساحل الشرقي بين صفاقس والشابة. وكانت "الصباح" قد تلقّت من عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي بصفاقس الهادي بن جمعة معلومات مفادها اعتزام الاتحاد الجهوي عرض مبادرة حوارية تضمّ مختلف أطراف الأزمة وخبراء وأكاديميين وممثلين للهياكل المهنية والسلط الجهوية من أجل التباحث حول ما يُعرف بأزمة صيد الكيس والكركارة وآثارها البيئية والاجتماعية. هذه المبادرة وغيرها عبّرت المركزية النقابية عن دعمها لها ولكل مبادرات التوفيق والحوار التي تضمن حقوق كافة الأطراف بما في ذلك مبادرة الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس التي اعتبرها تُلزِم المنظّمة الشغيلة مادامت في خدمة كافة الأطراف وتراعي كامل جوانب الأزمة كما جاء على لسان الأمين العام المساعد عبد الكريم جراد. لائحة بحارة مليتة على صعيد آخر قدم بحارة مليتة لائحة مهنية إلى الاتحاد الجهوي للشغل في جلسة ضمتهم إلى عضو المكتب الجهوي بصفاقس يوسف العوادني في ساعة متأخرة من مساء الخميس حيث طالبوا بضمان لكل اتفاق يتوصل إليه مع السلط الجهوية والحكومية معربين عن استعدادهم لفض الاعتصام في مقابل التوصل إلى حلول جذرية لأزمة الصيد بالكيس، اللائحة التي أفرد المعتصمون "الصباح" بنصها تضمنت الامتناع عن الصيد العشوائي في كامل سواحل البلاد التونسية: البلانصي، الشنشون، غزل، الشرفية، الحجر وكذلك مطلب تنظيم المواسم بالإضافة إلى المطالبة بإيجاد بديل للصيد العشوائي كدعم البحارة بمعدات لازمة وكافية من لوازم الصيد والمحروقات. اللائحة تضمنت مطلب حماية كافة مناطق الصيد البحري بخليج قابس من الصيد العشوائي وذلك بتوفير معدات المراقبة عبر الأقمار الصناعية والكفاءات البشرية المخولة لذلك. المطلب الخامس لبحارة مليتة طالب بتسوية وضعيات المراكب التي لا تتوفر لديها وثائق إثبات الهوية، علاوة على المطالبة بالعفو الجبائي ورفع خطايا المخالفات المسجلة قبل الثورة. المطلب السابع أكّد على ضرورة السماح لكافة مراكب الصيد الساحلي بالإرساء في المرافئ والموانئ بالساحل التونسي مع مطلب إفراد صيّادي مليتة بميناء للصيد البحري بسيدي يوسف بعيدا عن محطة ارساء باخرة "اللود" عوضا عن الميناء الحالي. كما دعا ملاّحو الصيد البحري الساحلي بمليتة إلى سحب كافة الرخص غير المهنية للمستثمرين في قطاعات أخرى من غير القطاع على غرار أصحاب المهن الحرة الذين باتوا يمتلكون أساطيل من مراكب الصيد التي تضيّق عليهم قوتهم. البحارة شدّدوا على أنّهم وعلى خلاف ما يروّج في حقهم من أنهم ينتهكون المنظومة البيئية البحرية بل إنّ تعدد الدخلاء في القطاع يضطرّهم في ظل استشراء ظاهرة الصيد العشوائي ومنذ أمد وفي غياب الرقابة إلى النسج على منوال غيرهم مطالبين في هذا الصدد بتحويل أرخبيل قرقنة إلى محمية طبيعية متوازنة يتعايش معها الاهالي وفق التقاليد الموروثة منذ عهود الاجداد فضلا عن البحث عن حلول للأزمة التنموية لأهالي الجزيرة المقيمين بها.