ماذا أعدت وزارة الصحة العمومية لكي يبقى القطاع العمومي هو المرجع؟ تونس - الصباح: أيام قليلة ويسدل الستار عن عدد المضمونين الاجتماعيين الذين فضلوا في إطار نظام التأمين على المرض الانخراط في المنظومة العلاجية الخاصة أوفي نظام استرجاع المصاريف، عن المنظومة العلاجية العمومية.. إذ يرحب الكثير من الناس المواكبين لتفاصيل النظام الجديد للتأمين على المرض بهاتين المنظومتين لأنهما ستضعان حدا للمعاناة الكبيرة التي يعيشها المريض في المؤسسات الإستشفائية الحكومية جراء الاكتظاظ وعدم توفر العدد الكافي من الإطارات الطبية وشبه الطبية.. كما سيقلل هذا الأمر من كثرة الغيابات المرضية.. إذ أن العلاج في المؤسسات الصحية العمومية كان يتطلب في جل الأحيان من المريض الغياب عن مقر عمله أو عن دراسته وغيرها من الشؤون يوما كاملا وأحيانا أكثر من ذلك.. كما سيسّرع في نسق العلاج وسيحد من مدة الانتظار وطول المواعيد وغيرها.. ولكن في ظل دخول النظام الجديد للتأمين على المرض هل سيتغير الحال إلى الأفضل.. وهل ستتقلص ظاهرة الطوابير والازدحام أمام بوابات المستشفيات.. وهل سيؤثر اختيار الناس لمنظومتي العلاج الخاصة واسترجاع المصاريف على توازنات المؤسسات الاستشفائية العمومية وماذا أعدت وزارة الصحة العمومية لكي يبقى القطاع العمومي هو المرجع؟ في هذا الإطار تفيد المعطيات المتوفرة لدينا أن وزارة الصحة العمومية ضبطت عدة توجهات ستعمل على تنفيذها قبل سنة 2011 بهدف تأهيل القطاع العمومي للصحة.. فمن بين التوجهات الأساسية التي سيتم التركيز عليها وتجسيمها قبل موفى سنة 2011 نجد تحسين الاستقبال والإقامة واعتماد مقاييس مرجعية في ذلك وإتاحة الظروف المادية والتنظيمية الملائمة وإدراج الاستقبال في برامج التكوين الأساسي والمستمر لمهنيي الصحة. ونشير في هذا الصدد إلى أن هذا الأمر يتطلب تضافر جهود جميع العاملين في القطاع الصحي لأن الاستقبال مازال حاليا دون المأمول حيث يلاحظ زائر العديد من الأقسام وخاصة الاستعجالية منها أو أقسام التصوير بالأشغة أو تحليل الدم أن هناك عملا شاقا يجب القيام به للارتقاء بنوعية الاستقبال.. ومن التوجهات نجد "أنسنة الخدمات الصحية من خلال الإصغاء للمرضى وتوفير الظروف الملائمة لتلبية رغباتهم وإنتظاراتهم فيما يتعلق بتنشيط الحياة اليومية وإدخال عناصر التسلية والعناية بالحالات الاجتماعية الخصوصية". ولا شك أن تحقيق هذا المطلب لن يكون سهل المنال لأن الكثير من الإطارات الطبية وخاصة شبه الطبية تعودوا طيلة سنوات على نمط معين من العلاقات بينهم وبين المرضى.. "علاقات عدم ارتياح" فلا المريض راض بما يلقاه.. ولا العون الصحي قادر على تقديم أفضل من ذلك. وبالتالي سيكون تغيير السلوك مسألة صعبة تقتضي تحسين ظروف العمل.. وفي هذا الصدد يمكن أن نلاحظ وجود فرق شاسع بين المعاملات التي يتلقاها المرضى في المؤسسات الصحية الخاصة والمعاملات السائدة في المؤسسات الصحية العمومية فمشهد "التبشبيش" غالب على الأولى ومشهد "الصراخ غالب على الثانية" وذلك لأن ظروف العمل مختلفة.. فتحقيق هذه "الأنسنة" يستدعي توفير ظروف عمل جيدة تجعل العاملين في القطاع الصحي العمومي يشتغلون في ظروف جيدة وبعيدا عن الضغوطات. وفي هذا الإطار سيكون على وزارة الصحة العمومية وقبل موفى سنة 2011 تحسين ظروف العمل بمزيد توفير المعدات الضرورية وفتح أفق أوسع في مجال الرسكلة والتكوين مع توفير الحوافز المادية والإحاطة الاجتماعية.. أما إدخال عناصر التسلية فهذا أكثر يسرا وإن كان بدوره مكلفا.. وفي هذا الإطار شرعت عديد المؤسسات الصحية العمومية في تجهيز قاعات الانتظار فيها بأجهزة تلفزيون يشاهد فيها المريض برامج تونس 7 وهناك منهم من يهتم بها لكن أغلبهم لا يبالون بوجودها لأنهم في وضع صحي صعب. ومن الأهداف الأخرى ستعمل وزارة الصحة العمومية على تحقيقها هي تحسين جودة الخدمات الطبية وشبه الطبية من خلال اعتماد المراجع العملية للممارسات الطبية وشبه الطبية والمقاييس الفنية لحسن سير الأقسام الطبية ووضع آليات داخلية لتقييم الأداء الطبي وشبه الطبي ودعم تنفيذ إجراءات حفظ الصحة الإستشفائي ولجان مقاومة التعفنات الاستشفائية وإعطاء الأولوية لأقسام الخدمات الاستعجالية والإنعاش والتوليد. كما ستعمل على تأمين السلامة الصحية وذلك من خلال ضمان السلامة العامة للمرضى ومجابهة التعفنات الاستشفائية والوقاية منها إضافة إلى تيسير امكانيات سهولة منال الخدمات الصحية من خلال ضمان استمرارية واندماج وشمولية هذه الخدمات بتطوير الشبكات الجهوية العمومية للخدمات الصحية وتوسيع العيادات الخارجية بعد الظهر وتدعيم الموارد البشرية باعتماد منهجية لتقييم احتياجات القطاع من هذه الموارد البشرية والاستغلال الأنجع للموارد المتاحة. منظومات في حاجة إلى الدعم من المهام الأخرى التي يجب على وزارة الصحة العمومية تنفيذها نجد تطوير أداء منظومة التكوين والرسكلة ومنظومة الصيانة من خلال تطبيق إجراءات التصرف فيها واقتناء تجهيزات جديدة ذات جودة تسمح باستغلال أمثل لعمليات الصيانة الحماية إضافة إلى النهوض بالمنظومة الوطنية للمعلومة الصحية من خلال إعداد موقع واب لكل مؤسسة وتحسين الاتصال الداخلي بها مما يساعد على تنظيم آليات جمع وتصنيف ومعالجة ودمج المعلومة الطبية وغير الطبية وإعداد كل ملف طبي رقمي موحد وملف تمريضي رقمي موحد ووضع دليل إجراءات خصوصي بالنسبة للمؤسسة العمومية للصحة والمستشفيات الجهوية. كما سيتم الحرص على المحافظة على التوازنات المالية للهياكل الاستشفائية من خلال توفير الموارد اللازمة لتغطية النفقات الصحية مع الملاءمة بين التعريفة والكلفة الحقيقية للخدمات وملاءمة الميزانية للأنشطة الفعلية وتحسين قدرة القطاع الصحي العمومي على الاستجابة من خلال تأطير حقوق المريض ونشر ثقافة وأخلاقيات الممارسة المهنية في القطاع الصحي العمومي. ومن التوجهات نجد تطوير الجهاز القانوني للمنظومة وتأمين حسن التدبير والتصرف في القطاع الصحي العمومي.