بعد اي دعوة قد تصدر عن هذا الامام او ذاك او اعتداء يكون مصدره تحريض متات من على منبر احد الائمة ولعل من ابرز الامثلة ما تعرّض له الاستاذ عبد الفتاح مورو من شتم وعنف من قبل اشخاص بمدينة جمّال وهو الاعتداء الثاني الذي يتعرّض له بعد اشهر، تعود مشكلة الخطاب الديني والحديث عن السياسة المسجدية غير الواضحة للحكومة بعد اكثر من سنة من توليها ادارة شؤون البلاد تطفو على السطح من جديد. لن تنكر وزارة الشؤون الدينية استهداف المساجد من قبل بعض الأطراف والتيارات لأغراض معينة وهو ما يمس بحيادية بيوت الله عن أي نشاط ديني، وفي حديثه ل«الصباح الأسبوعي» في العدد الفارط اكد الوزير نور الدين الخادمي ان هناك تيارات مضادة تخترق المساجد غايتها اجهاض الثورة وتحويل مسارها الى مهاترات مذهبية. في المقابل يتساءل الشيخ البشير بن حسن عن المساجد التي يعمد ائمتها الى الخطابات التحريضية والتي تستغل لاغراض حزبية بحتة، حيث يقول:»اعتقد انه في حال وجد امام يرتكز خطابه على التحريض والدعوة الى استعمال العنف المادي الذي ينتج عنه تكفير اشخاص بعينهم فلا بد من منعه من الخطابة واعتلاء المنبر، فمن واجب الخطيب بل ودوره الاساسي نصح الناس وتوجيههم طبقا للشرع لانه في نهاية المطاف جزء من المجمتع وهو غير معزول عنهم بل من حقه ابداء الراي الديني في قضية يومية حياتية للمصلين». منذ البداية اما الحقوقي والاعلامي صلاح الدين الجورشي فهو يرى بان الحديث عن المسالة المسجدية يعود بنا الى البداية حيث قال:» بعد انهيار نظام بن علي ابان هروبه حصل ارتباك واسع في البلاد شمل كل المستويات خاصة منها الامني، لكن عندما اتجهت الاوضاع نحو اعادة الترتيب والاستقرار ركز التونسيون على الجوانب الاقتصادية والسياسية وبالتوازي مع ذلك وجدت جماعات لها تكوين عقائدي ديني رات في الثورة فرصة لتحرير المساجد من هيمنة السلطة السياسية. وبما ان المجال اضحى مفتوحا امامها فقد وجدت في اقتحام بيوت الله والقيام بتغييرات غير مقننة سبيلا لعملية التغيير، وهو ما جعل المساجد تنتمي الى مجموعات مختلفة فيما غابت السلطة السياسية التي لم تكن حازمة ولم تعط ملف المساجد ما يستحقه من الاهمية وها نحن الان نحصد البعض من نتائجه». تداعيات.. ويتابع الجورشي قائلا :» في حال استمر وضع عدد من المساجد على ما هو عليه فان له تداعيات عديدة من بينها استمرار ضعاف الدولة ومؤسساتها في ادارة الشان الديني الذي سيصبح موزعا على عدة اطراف لا تستمد مشروعيتها من التوافق او القانون مع ان بعضها تستمد قراراتها وسلطتها من القوة والعصبية. كما يخشى ان تصبح بعض المساجد مركزا لتوجيه خطاب ديني لا علاقة له بفلسفة الاسلام وسماحته عبر خطاب يكون قائما على البغضاء والتحريض على العنف الايديولوجي والمادّي وهو امر خطير. عموما تحتاج تونس اليوم الى خطاب ديني متطور يتماشى وطبيعة المرحلة من داخل المساجد وخارجها، غياب.. بدوره اعرب الدكتور علية العلاني المختص في الجماعات الاسلامية عن ان غياب سياسة دينية للدلوة منذ الثورة يعد احد الاسباب في تعقيد الملف السلفي وتدعياته في الداخل والخارج،ويقول في هذا الصدد:»كان من المفروض ان يكون لوزارة الشؤون الدينية اشراف على كل المساجد ومراقبة خطب الائمة لكنها عجزت عن فرض سلطتها على بعضها خاصة تلك التي بقيت تحت نفوذ السلفيين الجهاديين. وتداولت عدد من وسائل الاعلام تجييش بعض الائمة لشبابنا للجهاد في سوريا وفي مناطق اخرى والنتيجة تاثر صورة تونس بشكل سلبي في الخارج خاصة بعد حادثة 'عين اميناس' بالجزائر ، وذلكل ما يروج حول مائات الجهاديين التونسيين في سوريا. اعتقد ان بقاء هذه الصورة سيضر حتما بالسياحة وبقدوم المستثمرين و لو اننا نستهجن ما بثته بعض البرامج التلفزية الفرنسية التي صورت تونس وكانها تحت رحمة السلفيين، وهذا موقف مجانب للحقيقة لكن لا احد ينكر ان ملف السلفية وخاصة الجهادية ما يزال يثير العديد من الاشكاليات والمخاوف في مقدمتها موقفها من نظام الحكم والدستور والمسالة الديمقراطية عموما. ومن الغريب ان السلطة التي كانت تردد باستمرار رغبتها في التحاور مع السلفيين بمن فيهم الجهاديون لم نجد اثرا لهذا الحوار». ليس الخطرالحقيقي ويواصل محدثنا: «ان الخطر السلفي كما صورته بعض وسائل الاعلام لا يشير الى الخطر الحقيقي في رايي والذي يتمثل في تواصل الغموض حول ملامح السياسة الدينية للدولة والتغاضي عن نشاط روابط حماية الثورة التي تشكل الخطر الحقيقي على مستقبل الديمقراطية والعملية الانتخابية في تونس».