- لئن اعتبر صلاح الدين الجورشي أن القرن الواحد والعشرين هو قرن الجمعيات على اعتبار أنها بمثابة التعبير التنظيمي للمجتمع المدني الذي يعطي للديمقراطية التوازن المطلوب وذلك من خلال الدور التربوي والتأطيري والسياسي الذي تقوم به، فإنه قد نوه بالدور الكبير والهام الذي تقوم به الجمعية التونسية للثقافة والتربية من خلال الأهداف التي رسمتها وتراهن على تحقيقه ا لاسيما في ظل الخوف القائم من الخطر المحدق بالثورات العربية التي اعتبرها مهددة برِدّة على أصعدة مختلفة. وأرجع سبب ذلك إلى كون بلدان الثورات تفتقر للحاضر والحاضن الثقافي إضافة إلى أزمة الفكر التي يعيشها مجتمعنا مقابل الحاجة الملحة إلى خطاب تنويري من ناحية وخطاب ينسّب الأشياء ويدعو إلى حسن الاختلاف مع الآخر. كان ذلك خلال تظاهرة نظمتها الجمعية التونسية للتربية والثقافة نهاية الأسبوع المنقضي بالمركز الثقافي والرياضي بالمنزه السادس حول التربية والثقافة في مشروعنا المجتمعي الجديد. وهي تقريبا نفس الأهداف التي عددها رضا كشتبان رئيس هذه الجمعية الفتية خلال كلمته بنفس المناسبة. وحضر ممثلون عن المجالات الثقافية والتربوية والسياسية والفنية والاجتماعية التظاهرة خاصة وأنها تكتسي أهمية بالنسبة للجمعية فهي تسعى من خلالها إلى التعريف بأنشطتها وأهدافها وقد حضر بالتالي عدد كبير من أهل الفكر والتربية والثقافة والسياسة والفنون إضافة إلى التلاميذ والطلبة. فكان تسلسل عملية تبادل الأدوار في طرق المشاركة في هذا اليوم الاحتفالي تأكيدا على أهمية وجدلية تواصل الأجيال من ناحية وأهمية التنوع والاختلاف من حيث القطاعات والمجالات الممثلة للمجتمع التونسي من ناحية ثانية. وقد خصص جانب من هذه المناسبة لتكريم بعض رموز الثقافة والفكر والفنون والسياسة باختيار بعض من ساهموا، في لحظة تقاطع الثقافي مع التربوي، في مشروع "الثقافة والتعليم" باعتباره جزءا من مشروع الجمعية اليوم. وكرّمت الجمعية في هذا اليوم الاحتفالي كل من الجامعيين شكري المبخوت وصلاح الدين الشريف ومنصف وناس وصلاح الدين الجورشي وفاضل موسى. كما تم تكريم كل من الفنانتين سنية مبارك ودرصاف الحمداني والشاعر سوف عبيد وعدد من المربين. واختارت الجمعية في هذه المناسبة أن تربط السابق بالحاضر في محاولة للتحسيس والتذكير بالدور الكبير للمربين في المشهد الجديد لتونس الثورة من خلال تكريم شهيد ثورة الحرية والكرامة حاتم بالطاهر بصفته أستاذ جامعي في الإعلامية وذلك بعرض فيلم وثائقي حول الراحل أخرجه صالح الجدي وتضمن شهادات حية من عائلة الشهيد وأصدقائه وزملائه وطلبته سواء بالجامعة التونسية بقابس أين كان يدرس قبل استشهاده بمسقط رأسه بدوز أو بالجامعة الفرنسية أين درس المرحلة الثالثة وتابع البحوث والدروس. وتكفي الإشارة إلى أن الفيلم قد أعاد إلى الأذهان المشاهد الدامية والمأسوية التي عاشها التونسيون أيام الثورة حيث بدا التأثر واضحا على الحضور المتنوع من رجالات التعليم والتلاميذ والطلبة والمهتمين بالشأنين التربوي والثقافي. وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية التونسية للتربية والثقافة جمعية فتية تأسست منذ شهر أفريل الماضي يرأسها رضا كشتبان وتضم ثلة من أهل الثقافة والفكر والتربية. وهي بمثابة منتدى يرعى كل ما هو ثقافي ويحسس في أبعاده وأهدافه الناشئة ومؤسسات المجتمع المدني بأهمية التربية والثقافة على اعتبار أنهما صنوان ومجالان أساسيان لبناء المجتمعات على أسس تربوية وثقافية قويمة. كما أن الجمعية تسعى لتكون رافدا لثورة الفعل الثقافي في أبعاده الإنسانية مثلما أفاد بذلك رئيسها خلال نفس المناسبة. شمولية وتنوع وتكامل كان إصرار الجمعية التونسية للتربية والثقافة على أن تكون هذه المناسبة احتفالية بدرجة أولى وبمثابة تعريف بمشروعها الثقافي والحضاري الشامل واضحا مما يرغّب كل الجهات في المشاركة في إنجاح هذا المشروع وقد تحولت الاحتفالية إلى ما يشبه لحظة مواءمة بين ما هو نافع وما هو جميل في تونس اليوم. فجمع البرنامج في واقعيته وبعده الرمزي بين الموسيقى والغناء والسينما والشعر والفكر والسياسة والتعليم من ناحية وجمّع في إطار نفس الهدف مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية والثقافية. فقدم تلاميذ من المعهد الثانوي بالمنزه السادس معزوفات موسيقية وأغاني للشيخ إمام والهادي الجويني وغيرهما. وقدمت مجموعة "طوق الياسمين" أغاني وأناشيد للأطفال عربية وفرنسية. وحضرت القراءات الشعرية خلال هذه المناسبة. فسوف عبيد أحد المكرمين في الاحتفالية قرأ قصيدة "المحفظة" وهي آخر ما كتب بعد إعلامه بنهاية مزاولته للتعليم. كما هو الشأن بالنسبة للشاعر ناجح الحجلاوي وغيرهما من الشعراء المشاركين في اليوم الاحتفالي للجمعية التونسية للتربية والثقافة. من جهة أخرى كان للفن السابع حضور في هذه المناسبة من خلال المساندة التي قدمتها الجمعية للمخرجة ندى حفيظ في مشروعها السينمائي الجديد"سيكاتريس أو ندبة" الذي سيقوم بدور البطولة فيه بطل العالم في الكونغ فو عصام البرهومي باعتبار أن مخرجة الفيلم تبحث عن الدعم اللازم لانجاز هذا الفيلم. ووعد رئيس الجمعية بالعمل على تنفيذ البرنامج التربوي والثقافي الذي رسمته من أجل المساهمة في بناء تونسالجديدة على أسس تنويرية وديمقراطية وذلك بتخصيص مجالات للحوار والتباحث حول قضايا تنهض بهذه الأهداف بمشاركة مختصين في مجالات مختلفة. نزيهة الغضباني