الجذور الإسلامية لباراك حسين أوباما.. لعنة أم رحمة للمرشح الديموقراطي؟ قبل اربعة عقود كانت اليس وولكر الكاتبة الامريكية من اصول افريقية تردد في كتاباتها انه من اصعب امور الحياة ان تكون امراة وان تكون سوداء في امريكا فذلك امرلا يمكن احتماله واليوم وبعد ان اصبح للامريكيين من اصول افريقية موقع لايستهان به في المجتمع الامريكي فقد بات من الواضح ان تاثير عنصر اللون بدا يتراجع ليفسح المجال امام عنصر العقيدة وتاثيرها المتزايد داخل المجتمع الامريكي المتدين الامرالذي بدا يتضح اكثر فاكثر مع الحملات الانتخابية الامريكية التي يبدو انها ستتخذ منعرجا جديدا خلال الاشهرالقادمة لا سيما بعد دخول الاسلام دون سابق انذار على الخط ليتحول الى متهم من الدرجة الاولى في انتخابات القوة الاولى في العالم بسبب الجذور الاسلامية لاحد المترشحين الديموقراطيين. ولاشك انه عندما بدات وسائل الاعلام تتحدث علنا عن المرشح الديموقراطي باراك اوباما وعن جذوره الاسلامية الخفية فقد بات في ذلك اكثر من اشارة على ضرورة ان يغير المرشح الديموقراطي استراتيجيته لاعلان صك البراءة من الاسلام والمسلمين والتمكن بالتالي من مواصلة السباق حتى النهاية. والحقيقة ان مجرد ارتباط اسم باراك حسين اوباما باسم جده للاب الكيني الاصل والمسلم العقيدة فقد كان ذلك كافيا لتوجيه اصابع الاتهام اليه الى حد وصفه في بعض المواقع الالكترونية "بالارهابي المتنكر" لاسيما وان الجزء الثاني من اسمه حسين ارتبط في اغلب التعليقات في الصحف الامريكية بايحاءات عن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وهو مايعكس في احيان كثيرة ما يمكن ان تصل اليه شراسة الحملة الانتخابية الامريكية من سقوط في محاولات تشهيرية لا تخلو من حسابات دنيئة. على ان المتامل في مثل هذه التوجهات ازاء الاسلام والمسلمين من شانه ان يدرك انها ليست بمعزل عن كثير من الاحداث المترابطة على الساحة الدولية اذ بين دعوة وزير الداخلية الالماني الصحف الغربية الى اعادة نشر الرسوم المسيئة للاسلام وبين الفيلم الدانماركي المعادي للاسلام وبين اتفاق البرلمان الاوروبي على تمويل الحماية للنائبة الهولندية السابقة الصومالية الاصل ما يشيرالى ان الدعوات للحوار وتنظيم الندوات بين الاديان والحضارات لم يحن موعد قطف ثمارها بعد، وان الصراع بين الشرق والغرب سوف يجد في الاحداث الدموية المستمرة من افغانستان الى العراق وفلسطين ودارفور ولبنان ما يغذيه لعقود طويلة بما يمكن ان يساهم في تحقيق وتنفيذ مخططات المتطرفين والمتشددين حيثما كانوا سواء في مغاور الجبال الافغانية او في اروقة البنتاغون والبيت الابيض... باراك التهمة..."مسلم" والمحاكمة مؤجلة فعندما سال احد الصحفيين باراك حسين اوباما مع انطلاق الحملة الانتخابية عما اذا كان اسمه يمكن ان يثير استياء الناخب الامريكي ويؤثر على النتائج النهائية للسباق الانتخابي رد اوباما انذاك بان الامريكيين لا يهتمون بالاسم العائلي الثاني وذلك قبل ان يكتشف اوباما مع تقدم السباق الانتخابي ودخوله مرحلة من التعقيدات المتواترة والسجال المستمر مع منافسته انه كان مخطئا في رايه لاسيما بعد ان تحول اسمه وعقيدته الى موضوع جدل لا يخلو من الاثارة في مختلف الاوساط الامريكية. حيث دخل سباق الانتخابات بين ابرز المتنافسين في الحزب الديموقراطي مرحلة تبادل الاتهامات والنبش فيما خفي من سجلات شخصية للمترشحين خاصة مع وصول السباق الى ولايات الجنوب الاكثر تدينا من بقية الولاياتالامريكية وربما كان في ذلك من الاسباب ما يكفي لدفع اوباما لاستباق الاحداث والحديث عن جذوره العائلية وعن والدته الامريكيةالبيضاء التي تزوجت من كيني مسلم قبل ان تنفصل عنه وتتزوج باندونيسي الامر الذي كان وراء تسجيل باراك اوباما في احدى المدارس باندونيسيا البلد المسلم قبل عودته للعيش مجددا مع عائلة والدته في الولاياتالمتحدة حيث درس وتخرج محاميا من جامعة هارفرد احدى اكثر الجامعات الامريكية شهرة. ولذلك فعندما سئل اوباما في المرة الثانية خلال المناظرة التي جمعته مع هيلاري كلينتون ان كان مسلما فقد رد بطريقة اكثر وضوحا بقوله "لا انا مسيحي " ولو ان باراك رد بغير ذلك او قال ماذا لو كنت مسلما لكان كلفه ذلك الكثير في بلد احتلت فيه العقيدة موقعا حساسا في سباق الانتخابات الراهن وقد ظل باراك يردد بعد ذلك وفي كل مرة انه مسيحي وانه ادى القسم على انجيل العائلة بعد انتخابه سيناتورا قبل سنتين. وكان اللجوء الى الانترنت لنشر صور شخصية لباراك اوباما بلباس صومالي تقليدي وايحاءات بجذوره الاسلامية ايذانا بدخول السباق منعرجا جديدا الامر الذي جعل باراك اوباما يغير استراتيجيته ويعلن الدخول في معركة مفتوحة لا لمهاجمة منافسيه كما يعتقد الكثيرون ولكن لاعلان براءته وابعاد الاتهامات الموجهة له والتاكيد على عدم ارتباطه بالاسلام باي شكل من الاشكال وهو مايفسر رفضه تاييد زعيم امة الاسلام لويس فرخان له. ولعل ذلك ما دفع بباراك اوباما في مرحلة لاحقة الى اللجوء الى صحف اسرائيلية لتثبيت ولائه لاسرائيل وامن اسرائيل ولتكذيب ما يحاول منافسوه ترويجه بشان انتمائه الديني فالولاء الى اسرائيل يبقى افضل طريقة للتبرىء من الاسلام. والحقيقة ان الحديث عن الاسلام والمسلمين لم يكن ليغيب عن مختلف المراهنين على سباق البيت الابيض بدءا من الجمهوري المنسحب رودي جولياني الى القس السابق مايك هوكابي الذي كان يردد بان" الفاشية الاسلامية " وهي المصطلح الذي تردد مرات في هذا السباق يعد التهديد الاكبر الذي واجهته امريكا على الاطلاق ، وقد ظهرت في السنوات الاخيرة وقبل حتى هجمات الحادي عشر من سبتمبر موجة معادية للاسلام والمسلمين وتركزت بالخصوص لدى الانجيليين المتشددين وعودة مصطلح "الاسلاموفوبيا "او الخوف من الاسلام لتوظيفه في معركة سياسية بالدرجة الاولى. فوز بوش وتاثير المتشددين... على ان الحديث بشان تاثير العقيدة في سباق الانتخابات الرئاسية الامريكية ليس بالامر الجديد ولم يظهر مع ترشح باراك اوباما الكيني الاصل وكما ان الرئيس بوش الاب كان له ارتباط وثيق بالعقيدة تعود الى التجربة التي مر بها عندما سقطت طائرته وهو في مهمة ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية فقد كان للرئيس الاسبق جيمي كارتر ايضا انتماؤه الوثيق للكنيسة وكان حريصا على التدريس بالكنيسة خلال فترة رئاسته اما بوش الابن فان علاقته بالدين والكنيسة ولئن انطلق في سن متقدم نسبيا وبعد ان مر باكثر من تجربة فاشلة في لعبة النفط والمال فهو يصنف ضمن اكثر رؤساء البيت الابيض تدينا والاكثر قدرة على اجتذاب اصوات اليمين الامريكي المتدين الصاعد. بل ان ستيفن ماتسفيلد يعتبر في كتابه "عقيدة بوش "ان فكرة ترشحه للرئاسة راودته خلال حضوره الصلاة في الكنيسة في تكساس حيث تخيل بوش بان الله دعاه الى خوض الانتخابات. كما يذكر الكتاب ان الرئيس بوش حريص في حياته اليومية على الصلاة وقراءة الانجيل يوميا حتى عندما يكون على متن الطائرة. وتؤكد تقارير امريكية ان فوز الرئيس الحالي في الانتخابات الامريكية كان بفضل اصوات المترددين على الكنائس وبفضل مواقفه المعارضة لزواج المثليين والمبادىء الاخلاقية بل ان البيرت مرنيندز يذهب الى ابعد من ذلك في تاكيده ان بوش ما كان بامكانه ان يفوز بدون اصوات الانجيليين، وقد اظهرت استطلاعات الراي التي نظمتها شبكات تلفزية ان الرئيس بوش استمد التاييد الذي يحظى به من المتدينين وانه حصل على 78 في المائة من اصوات الانجيليين البيض وهو ما يبلغ 23 في المائة من اصوات الناخبين. وقد اظهر استطلاع للراي ان اكثر المسائل التي يمكن ان تحدد اختيارات الناخب الامريكي مرتبطة بالمبادئ الاخلاقية بالدرجة الاولى بنسبة 22 في المائة يليها الاقتصاد بنسبة 20 في المائة فالارهاب بنسبة 19 في المائة فالعراق بنسبة 15 في المائة. ومن هذا المنطلق فان اصوات الناخبين العرب الامريكيين وان كانت لها اهميتها بالنسبة للمترشحين في سباق الانتخابات فانها لم ترتقي بعد الى موقع اصوات اليهود الامريكيين وقدراتهم على التاثير على القرار السياسي في واشنطن ناهيك عن اصوات الناخبين السود والناخبين من اصول اسبانية ممن اكدوا في اكثر من مناسبة واحدة مواقفهم. ولاشك ان الناخبين العرب الامريكيين الذين يعدون من مليون الى مليون ومائة الف ناخب يمارسون حقهم في الانتخاب ينتظرهم الكثير قبل ان يتمكنوا في فرض موقعهم على الساحة السياسية وتغليب مصالحهم والدفاع عن قضاياهم وانتماءاتهم وحسب استطلاع اجراه معهد زغبي فان 56 بالمائة من هؤلاء من اصول لبنانية مقابل 14 بالمائة من السوريين و11 بالمائة من المصريين و4 بالمائة من الاردنيين و2 بالمائة من العراقيين و4 في المائة من اصول عربية مختلفة، وباعتبار كثرة القضايا العربية المرتبطة بالسياسة الخارجية الامريكية واختلاف وتباين المواقف ازءها فان الوصول الى موقف متقارب للناخبين االامريكيين من اصول عربية امر ليس قريب المنال...