اهتمت الصحف العالمية بحادثة اغتيال الناشط السياسي شكري بلعيد في تونس فقد أعربت الصحافة الفرنسية عن قلقها حيال مستقبل مهد الثورة التي قلبت العالم العربي رأسا على عقب حيث اعتبرت صحيفة (لوموند) أن مقتل المعارض شكري بلعيد شكل النقطة التي أفاضت الكأس لكون الوضع ما فتئ يتدهور منذ سنة بتونس التي تمرّ حاليا بأوقات عصيبة وخطيرة والتي يمكن أن تتحول إلى مأساة. ومن جهتها بينت صحيفة (ليبيراسيون) ان الأمر يتعلق بأزمة سياسية خطيرة منذ ثورة الياسمين التي يبقى الخروج منها محفوفا بالشكوك خصوصا بعد النزاعات الداخلية لحزب النهضة الذي ترفض أغلبيته الساحقة مغادرة الحكومة٬ وتظل متشبثة بشرعيتها التي أفرزتها الانتخابات. وفي السياق ذاته٬ اعتبرت صحيفة (لوفيغارو) أن البلاد بصدد الغرق في الفوضى والعنف٬ لأن حزب النهضة الإسلامي الذي يتولى السلطة غير قادر على ضمان ولو حدّ أدنى من الاستقرار في تونس. ومن جانبها٬ سلطت الصحف الإيطالية الضوء على تطورات الوضع في تونس عقب اغتيال زعيم المعارضة شكري بلعيد٬ فيما الغضب الشعبي يستفحل في الشارع بسبب الصراعات على المستوى السياسي التي قد تكون مرة أخرى أكثر حدة. الصحافة الأمريكية وتحت عنوان "غموض جديد فى تونس بعد اغتيال بلعيد" كتبت صحيفة "نيويورك تايم" حول رفض الحزب الاسلامى الحاكم في تونس اقتراح رئيس الوزراء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، قائلة أنه قد يفاقم من حدة الازمة السياسية التى تشهدها البلاد بعد يوم واحد من اغتيال شكري بلعيد، احد ابزر الشخصيات في المعارضة خارج منزله. وقالت الصحيفة أن الاعلان من قبل حزب النهضة الحاكم يكشف عن توترات جديدة داخل حركة كانت تروج لنهجها المختلط الذي يجمع بين السياسة الاسلامية والتعددية كنموذج تحتذى به المنطقة. وتحدثت الصحيفة كذلك عن تداعيات رفض المقترح الذي تقدم به رئيس الوزراء حمادي الجبالى العضو في حزب النهضة والذي من خلاله تكون الجماعة قد وبخت بشكل علني احد ابرز قادتها ورفضت المساعي الرامية الى تهدئة الاوضاع وحل الازمة السياسية. واضافت الصحيفة ان الاضطرابات فى تونس تعرض البلاد الى الخطر مقابل ذلك البعض كان ينظر الى المرحلة الانتقالية التى تمر بها تونس على انها مثالا يحتذى به، فى حين بحث الساسة في المنطقة حادثة الاغتيال ونظروا اليها على انها تدق ناقوس الخطر فقد تم النظر الى اغتياله على انه ضربة للمرحلة الانتقالية المتعثرة التى تمر بها البلاد، كما يزيد من احتمال ان يصل العنف السياسى فى تونس الى مستوى جديد خطير. وتحت عنوان" تونس النموذج للثورات العربية تنحرف عن المسار الصحيح" كتبت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية تقول: "بينما تغرق مصر وليبيا فى اعمال العنف والاضطرابات السياسية منذ اندلاع الثورة فى كل منهما، فان المرحلة الانتقالية فى تونس كانت تمر بسلاسة نسبيا حتى اغتيال شكري بلعيد احد ابرز الشخصيات في المعارضة التونسية". واضافت "يبدو ان الاحزاب السياسية الرئيسية تتفق على ضرورة تشكيل مجلس وزراء جديد، الا انها منقسمة حول كيفية القيام بذلك. ومن ناحية اخرى، فان حزب النهضة الحاكم فى البلاد يختلف مع رئيس الوزراء التونسى- الذي يعد احد اعضائه- بعد ان صرح الاخير بانه سيستبدل الحكومة باخرى تضم مجموعة من التكنوقراط". ويرى كاتب المقال ان مستقبل المرحلة الانتقالية الى الديموقراطية فى تونس سوف يعتمد الى حد كبير على قدرة زعمائها على ايجاد مخرج يتم الاتفاق عليه للازمة الراهنة. ويرى المحللون انه لم يتضح بعد ما اذا كانت الاحزاب سوف تتمكن من ايجاد ارضية مشتركة بينها قريبا من عدمه. وفي مقال آخر، اعتبرت "كريستيان ساينس مونيتور" أن قتل شكري بلعيد - العلماني والناقد الشرس لحزب النهضة الإسلامي المعتدل الحاكم في تونس - يعتبر مؤشرا على تصعيد العنف السياسي في البلاد ويثير الاتهامات بشأن إهمال الحكومة - إن لم يكن هناك تواطؤ بشكل مباشر في عملية الاغتيال كما أنه عزز المخاوف من أن التحول الديمقراطية في تونس سيكون أكثر فوضوية مما كان مأمولا. الصحف العربية ومن جانبها اهتمت صحف سعودية وإمارتية صادرة امس بالتطورات على الساحتين المصرية والتونسية في ضوء ما تشهده من تظاهرات وأحداث سياسية. فقد دعت صحف سعودية في افتتاحياتها القوى الوطنية المخلصة في الحكومات والمعارضة في مصر وتونس إلى سرعة العمل من أجل وحدة الصف وتعزيز منهج الحوار الجاد وتحقيق التوافق. وتناولت صحيفة "الرياض" تحت عنوان " إلى أين تتجه الثورة التونسية" تطورات المشهد التونسي بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد، معربة عن خشيتها من أن يتحول اغتيال شكري بلعيد إلى رمز جديد يجبر كل الأطراف، إما على حل قضاياهم بالتوافق والخروج بمشروع إنقاذ وطني يجنب البلد المنزلقات الخطرة، أو الفوضى غير الخلاقة. وقالت الصحيفة: "إن تونس تمر بأزمة لكن توجد بها قيادات عاقلة ومجربة" متسائلة: هل ينتصر العقل وتخرج من تونس من أزمتها إلى السلام الوطني الشامل؟ ذلك ما هو مأمول". وتحت عنوان "تونس ومصر.. حوار عقلاني لإنهاء العنف"، نبهت صحيفتا "الوطن" و"الشرق" إلى أهمية سرعة تدارك العنف الذي شهدته كل من تونس ومصر خلال الأيام القليلة الماضية .. وأكدتا أن الوعي مطلب هام يجب أن تتحلى به جميع الأطراف للوصول إلى مخرج من الأزمة. وفي أبوظبي، اهتمت الصحف الإماراتية كذلك في مقالاتها الافتتاحية الصادرة صباح امس بمايحدث في تونس من تطورات بعد اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، فقالت صحيفة "الخليج" تحت عنوان "الثورة وثقافة العنف" إن تونس بعد أن بشرت بالانتقال من الطغيان والاستبداد انتقلت إلى مرحلة أخرى ألا وهي مرحلة انسداد الأفق السياسي ودخول نفق التيه والضياع والانفلات الأمني والخروج على سياق الثورة وأهدافها، داعية إلى ضرورة أن يكون ماحدث في تونس من جراء اغتيال بلعيد درسا على خطورة الاغتيال والقتل وضرورة عودة العقل والتسامح إلى مسار الثورة الفعلي.