* أتدري أنّ تونس بكتك كمن لم تبك أمّ على ابنها من قبل اخترقتها كما اخترقتك رصاصات الغدر تلوّت.. صرخت في صمت وفى كبرياء أتدري أنّ لحظة مرور موكب رحيلك إلى العلياء بكتك السماء انتفض مقام بلحسن الشاذلى من أعلى ربوته لوداعك ومن خلفه سيول من الكادحين والمثقفين والبؤساء أطردت الخوف المتربّص بنا منحتنا عود ثقاب في ظلمة ليل طويل... أتدري أنّك تحمّلت أكفان الشجر لسنين وسنين وأنّ الزهرة والوردة البيضاء التي وعدتنا بها تفتّحت.. أينعت.. تحوّلت إلى بساتين... أتدري أنّه في زمن توقّف الطّير والحمائم عن التغريد ألفناك تعزف وتعزف على انفراد كنت تذكّرنا وكأنك تستعد للرحيل بأنّ رحيل الشهداء محظور وان رحيلك هو رحيلنا من أقبية العتمة إلى أجنحة النور... أزعم أنك تدري.. بل أنك تسمعني أجزم أنك في علياء وحشتك منشرحا تسرد لأحفاد أحفادي أجمل قصص العشق والخلود... أمّا أنتم دعاة الموت.. أعداء الحياة فإن كنتم تعتقدون أنكم نجحتم في زرع الخوف وأنّ التونسي أليف ودود إلى حدّ الخنوع فأنتم متوهّمون.. واهمون واعلموا أنّكم بفتح توابيت الموت ودفاتر الاغتيال أضأتم لنا الطريق منحتمونا ألف شمعة استنسختم ملايين شكري بلعيد فشكرا وألف شكرا يا شكري لقد حوّلت مأتمنا إلى عرس.. يا شهيد ثق إنّنا على الدرب.. درب الحرية لا ولن نحيد نم ابن تونس البار.. نم في هدوء قرير العين *مدير وباحث