على عكس ما كان متوقعا، وهو أن يحدّد رئيس هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد والناطق الرسمي باسم الهيئة الأستاذ فوزي بن مراد الطرف السياسي المتورط في اغتيال بلعيد خلال الندوة الصحفية التي انعقدت صباح أمس بدار المحامي، أكد هذا الأخير أن ثلاثة جزائريين كانوا وراء اغتيال الشهيد وأن له من الأدلة ما يؤكد صحة الخبر، دون أن يفصح عن الطرف السياسي المتورط في الجريمة النكراء، وهو ما أثار غضب واستنكار أغلب الحاضرين من صحفيين وسياسيين ورجال فكر باعتبار أهمية الحقيقة في الظرف الراهن ومدى تأثيرها على المسار الديمقراطي..باستثناء أعضاء هيئة الدفاع الذين كان لهم رأي آخر في مسألة الكشف عن "الأيادي الجبانة" المسؤولة عن اغتيال الشهيد في الوقت الراهن وتحديد هوية الجناة حفاظا عن سرية التحقيق والتزاما بالبحث الجزائي.. وقد بين عميد المحامين شوقي الطبيب في مستهل اللقاء أن "كافة المحامين على استعداد كبير لتوفير كل الإمكانيات من أجل كشف الحقيقة وإنارة الشعب التونسي فضلا عن مجهودات كل من حزب الوطنيين الديمقراطيين والاتحاد العام التونسي للشغل ورابطة حقوق الإنسان، و مؤسسي هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد". كما أكد شوقي الطبيب ثقة المحامين في القضاء التونسي وأن معرفة حقيقة اغتيال شكري بلعيد في الوضع الراهن "ستكون بمثابة النقلة النوعية للقضاء التونسي نحو اكتساب استقلاليته ورفع هذا التحدي..لذا يجب منح القضاء كل الإمكانيات اللوجستية والمادية وتوفير كل السبل من أجل كشف الحقيقة، خاصة ونحن مطمئنون لسير الأبحاث والتحقيق فضلا عن التعاون شبه الكامل بين هيئة الدفاع وقاضي التحقيق المكلف بالقضية". من جهته بين عبد الستار بن موسى رئيس رابطة حقوق الإنسان أنه "تكريما لروح الشهيد شكري بلعيد وإبرازا للحقيقة فإن الرابطة في الوقت الراهن على اتصال بالعديد من المنظمات الحقوقية العربية والعالمية قصد التعاون على إماطة اللثام عن لغز الجريمة وكشف الحقيقة بدليل أن اتحاد المحامين العرب قد تبنى القضية وانضم إلى هيئة الدفاع عن الشهيد، إضافة إلى تنظيم مؤتمر عربي في الأيام المقبلة سيكون محوره التصدي إلى العنف فضلا عن مؤتمر آخر في تونس في شهر مارس المقبل بالتعاون مع هيئة المحامين والاتحاد العام التونسي للشغل. ويضيف رئيس رابطة حقوق الإنسان "وبما أن قضية الشهيد شكري بلعيد تعد قضية عادلة فمن المنتظر أن تتكاتف جهود كافة المحامين في العالم العربي وأوروبا وأمريكا من أجل كشف الحقيقة". نقطة مفصلية محمد مسلمي (ممثل عن الاتحاد العام التونسي للشغل) أشار إلى أن "كشف حقيقة الاغتيال تعد نقطة مفصلية في مسار الانتقال الديمقراطي وأن الاتحاد كمنظمة وطنية تعتبر شكري بلعيد شهيد وطن وكل ما تأخرت الحقيقة فإن البلاد ستصبح في خطر..هذا وإننا على يقين بأن هيئة الدفاع سيكون لها دور رئيسي في الكشف عن الجناة". أما عضو المكتب السياسي لحزب الديمقراطيين الوطنيين محمد جمور فيقول "الحكومة هي المسؤولة الأولى سياسيا وأخلاقيا على عملية الاغتيال وليس لدينا ثقة في وزارتي الداخلية والدفاع وسنضغط على الحكومة الحالية من أجل معرفة الحقيقة وسنظم وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية الأربعاء المقبل تنديدا بمردود الوزارة". وفي ذات السياق وباقتضاب شديد أكد شقيق الشهيد شكري بلعيد على أن حركة النهضة "هي المسؤولة الأولى عن اغتيال الشهيد واتهمها مباشرة في عملية التصفية". الإدلاء بنصف الحقيقة! النقطة المفصلية أثناء الندوة الصحفية كانت شهادات رئيس هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد فوزي بن مراد. فقد استهل كلامه قائلا" ليس لي ثقة في قاضي التحقيق المكلف بالقضية لا لاعتبارات شخصية وإنما لعدم أخذه بعين الاعتبار الفرق بين فرقة مقاومة الإجرام وفرقة مقاومة الإرهاب التي وقع إقصاؤها للتحري في تفاصيل القضية..كما أن قاضي التحقيق لم سيتمع إلى شهادات أفراد عائلة الشهيد". أما عن التصريح الذي خص به "اكسبريس اف آم" والذي يفيد بأن له معطيات حول المتورطين في عملية الاغتيال فقد بين الأستاذ بن مراد أن "اتصلاتي الهاتفية مراقبة ولم أتمكن من تمرير أية معلومة " وبمجرد أن صاح العديد من الحاضرين مطالبين الإدلاء بالحقيقة واصل بن مراد "اتصل بي ليلا شخص وأفادني بمعلومات تؤكد أن ثلاثة جزائريين وقع إدخالهم إلى التراب التونسي عبر الحدود ليغتالوا الفقيد شكري بلعيد ويتم إخراجهم بنفس الطريقة علما وأن تونسيا ساعدهما على ذلك..وبمجرد أن أعلمت قاضي التحقيق بذلك رفض سماعهما". ولما كان الحاضرون متأهبين إلى سماع الجزء الثاني من الحقيقة ألا وهي تسمية الطرف السياسي المتورط في عملية الاغتيال سرعان ما صرخ الأستاذ بن مراد قائلا " أنا أتعرض إلى تهديدات الآن حتى من طرف أعضاء الهيئة" ليواصل في ما بعد بقية تفاصيل الأخبار لكنه ورغم تأكيده أكثر من مرة على أنه صاحب رأي شخصي ومخالف لبقية الأعضاء تفاجأ الحاضرون حين بين أن "من مصلحة الملف عدم ذكر الجهة السياسية المسؤولة عن اغتيال الشهيد". وكأنه تأثر بما وجه له من تهديدات من أعضاء الهيئة حسب ما جاء به-.
عبد المجيد بلعيد يوضّح.. "الصباح" اتصلت بعبد المجيد بلعيد شقيق الشهيد شكري بلعيد لتتأكد من صحة خبر سحب الثقة من الأستاذ فوزي بن مراد الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن الشهيد ليؤكد أن "الأستاذ فوزي بن مراد سيصبح عضوا من بين أعضاء الهيئة ليس إلا وستسحب منه رئاسة الهيئة باعتباره لم يكن جديا في أقواله صباح أمس بدار المحامي ولم يدل بحقيقة الجهة السياسية المتورطة في اغتيال الشهيد خلافا لما جاء به سابقا وهو التصريح بكل تفاصيل الواقعة". وعن مسألة الثقة في القضاء وكشفه الحقيقة في أقرب وقت بين شقيق الشهيد أنه "شعر بصدق كلام قاضي التحقيق وأنه بصدد بذل كل ما بوسعه لمعرفة مرتكبي الجريمة، لكن هذا لا يعني أني أثق بمسؤولي وزارتي الداخلية والدفاع".