نجاح تجربة الانتقال الديمرقراطي في تونس سيكون مثالا لبقية الدول نفى السفير الفرنسي فرنسوا غيون أن تكون الندوة الصحفية التي دعا الى عقدها أمس مع ممثلي وسائل الاعلام قد جاءت للرد على تصريحات رئيس "حزب حركة النهضة" راشد الغنوشي حول عدم معرفة فرنسابتونس وبالاسلام. وقال السفير الفرنسي خلال اللقاء الذي عقد صباح أمس بمقر السفارة بالعاصمة بحضور كل من فاليري فريلاند مدير المعهد الفرنسي وكريستال بريدون مسؤولة العلاقات الاقتصادية وكيريل برتون مدير الوكالة الفرنسية للتنمية "أن الهدف من الندوة التعريف بما قامت وتقوم به فرنسا لدعم المسار الانتقالي بتونس"، موضحا أن اللقاء يأتي في مرحلة مهمة بالنسبة لتونس بعد اختيار وزير الداخلية علي لعريض لتشكيل الحكومة الجديدة. وأضاف السفير الفرنسي بأن تونس في حاجة أكثر من أي وقت مضى لكل شركائها وأصدقائها، مؤكدا أن بلاده ستظل الى جانب الشعب التونسي وأن خيارها في ذلك التعامل مع تونس معاملة الند للند وأنه لا مجال لبلاده للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد أو تجاهلها أيضا. ووصف العلاقات بين البلدين بأنها جيدة رغم كل ما يكتب أو يقال. وشدد غيون على أن بلاده ستواصل التعاون مع تونس مهما كانت تركيبة الحكومة القادمة مضيفا أنه لا وجود لشروط في تحديد هذه العلاقات وأنه ليس على فرنسا اختيار من يحكم التونسيين بل ان هناك قيم ومبادئ تحترم. وخلص الى أن حق اللجوء الذي تدور بشأنه تعليقات كثيرة في الاعلام والمواقع الاجتماعية يخضع لترتيبات وقوانين محددة. حول تصريحات وزير الداخلية الفرنسي وأوضح السفير الفرنسي أنه يجب وضع تصريحات وزير الداخلية الفرنسي ايمانويل فالز والتي أثارت جدلا حادا بعد تحذيراته مما وصفها ب"فاشية النظام الجديد في تونس"، في اطارها حيث جاءت غداة جريمة اغتيال المعارض شكري بلعيد وما أثارته من ردود فعل شديدة في فرنسا. وقال الديبلوماسي الفرنسي "لقد تحدثنا في الامر مع أصدقائنا في تونس ونود طي هذه الصفحة". وكشف أن علاقته بالغنوشي طيبة وكذلك بأغلب السياسيين في البلاد. كما نفى السفير الفرنسي في مجمل ردوده أن يكون الاعلام الفرنسي بصدد شن حملة على تونس وأن الاعلام في تونس أيضا بدأ يتمتع بالحرية منذ نحو سنتين وأن ذلك هو ثمن حرية الاعلام، وقال "سندعم المسار الانتقالي طالما رغب التونسيون في ذلك وإنه على التونسيين وليس على فرنسا اختيار من يحكمهم وإن فرنسا ستستمر في التعامل والتعاون مع تونس وفق قيم ومبادئ الشراكة المتعارف عليها". وأكد أن زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى تونس ستكون في ماي القادم وأنها ستكون ترجمة وانعكاسا للدعم الفرنسي للمسار الانتقالي بتونس بما في ذلك وضع الدستور وتنظيم الانتخابات الى جانب دعم للعلاقات بين البلدين، وأعرب عن أمله في نجاح التجربة الديموقراطية في تونس لتكون مثالا في بقية دول الربيع العربي. وأكد الديبلوماسي الفرنسي أن موقف فرنسا مبني على دعم المبادئ التي جاءت بها الثورة والى دعم وتعزيز موقع المجتمع المدني التي وصفها بالقوة الحيوية التي ما انفكت تتطور الى جانب تعزيز وحماية مبادئ وقيم الحريات وقوانين حقوق الانسان. اما الهدف الثالث الذي حدده السفير الفرنسي في دعم العلاقات التونسية الفرنسية فقد تمحور حول دعم الاقتصاد وفرص التشغيل والتوازن بين الجهات الى جانب دعم مجال الاتصالات والاعلام عبر تكوين ورسكلة الصحفيين، وقد استفاد من ذلك نحو 500 صحفي على حد تعبير الديبلوماسي الفرنسي. وقال السفير الفرنسي في مستهل كلمته أن صورة فرنسا قد تكون تضررت بسبب موقفها المتردد في بداية الثورة وأن تونس قد يكون لديها أيضا توجه لتوسيع دائرة شركائها وهو ما يعني أنه يتعين على فرنسا أن تكون الشريك الاول لتونس باستحقاق. وأضاف بأن بلاده تبقى الشريك الاقتصادي بصفة الند للند والمستثمر الاول في تونس على مستوى المبادلات التجارية والاستثمارات مع وجود 1300 مؤسسة فرنسية توفر120 ألف موطن شغل. أما عن تطويق السفارة الفرنسية بالاسلاك وقوات الامن وتأثير ذلك على صورة تونس في الخارج فرد السفير الفرنسي بأن المشهد الامني العام مرتبط بالوضع في دول الساحل وأن السفارة كانت طالبت في مرحلة سابقة تعزيز الامن حولها و أنه بالتالي ليس بالاخصائي في هذه المسائل وأن هناك من يتولى تقدير الأمور الأمنية وتعزيز الحماية حول السفارات في مثل هذه الحالات وقال ان السائح أو الزائر القادم الى تونس لن تكون وجهته مقرالسفارة الفرنسية حتى يؤثر ذلك على المشهد السياحي. وشدد على أنه ومنذ 2011 تواترت الزيارات من جانب المسؤولين الفرنسيين الى تونس وبينها زيارة الوزيرة المفوضة للفرانكفونية يامينة بن غيغي وجون بارييل رئيس المجلس الوطني الى جانب زيارات المسؤولين في تونس. وقال السفير الفرنسي أن لغة الارقام في مجال التعاون بلغت 000000 6 يورو في 2012 وهي بالتالي تعد الاعلى في العالم مقارنة بعدد سكان البلاد وقال ان تونس كانت و خلال العشرين عاما الماضية المستفيد الاول من تمويلات الوكالة الفرنسية للتنمية و ذلك في اطار شراكة دوفيل لمجموعة الثمانية الاقتصادية في قمتها لسنة 2011 التي تعهدت بدهم المسار الانتقالي لدول الربيع العربي وأن ميزانية التعاون للفترة 2011 و2013 قدرت ب 18 مليون يورو، وأشار الى وجود نحو 5700 تلميذ تونسي في المدارس و المعاهد الفرنسية الى جانب انتفاع 2000 من الطلبة بمنح للدراسة طويلة أو قصيرة الأمد. 60 مؤسسة فرنسية أقفلت أبوابها وعن انسحاب مؤسسات اقتصادية فرنسية من تونس نتيجة للاوضاع الامنية قال السفير الفرنسي أنه لم يسجل في السنتين الماضيتين اي انسحاب مهم يذكر ولكن كريستال بريدون أوضحت أن ستين مؤسسة اضطرت لغلق أبوابها بسبب صعوبات اقتصادية و أن هذا الامر يكاد يحدث بشكل عادي كل عشر سنوات و ليس حصرا على تونس. في المقابل أشار فاليري فرولاند مدير المعهد الفرنسي بتونس أن السنوات الثلاث القادمة ستشهد عديد المشاريع الاستثمارية وأن هناك خمسين مشروعا بميزانية تقدر ب400 مليون يورو في عديد المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية في الفترة 2011 و2013 والبنية التحتية والطرقات والتنمية الخضراء والطاقة المتجددة في الجهات والمناطق النائية. وحدد أولويات التعاون منذ انطلاق الثورة بخمس نقاط بالنسبة للمعهد الفرنسي أولها دعم المجتمع المدني و تعزيز مؤسساته في مختلف أنحاء البلاد و قد استفادت نحو مائة من المنظمات غير الحكومية بمساعدات قدرت منذ بداية الثورة ب1,7 مليون يورو الى جانب تبادل الخبرات و التجارب مع مؤسسات المجتمع المدني الفرنسي و دعم بناء دولة القانون الى جانب دعم التكوين الجامعي و البحث العلمي و المبادلات الثقافية و اللغة الفرنسية...