لا تناقض بين الإسلام والديمقراطية في قصر النجمة الزهراء أو قصر البارون ديرلانجي مركز الموسيقى العربية والمتوسطية اختار وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عقد اللقاء الصحفي الذي جمعه قبل مغادرته تونس بعدد غفير من الصحفيين والمراسلين الأجانب... الذين حضروا اللقاء وهو اختيار قد يعكس طابع اليوم الثاني والأخير لزيارة المسؤول الفرنسي والتي اكتست صبغة ثقافية وسياحية واقتصادية وأخرى اجتماعية حيث تنوعت محطاتها بين زيارات شملت مؤسسات اقتصادية فرنسية ولقاءات مع منظمات المجتمع المدني وجولة سياحية بين قرطاج وسيدي بوسعيد ودعوة من الوزير الفرنسي للسياح الفرنسيين بتحويل وجهتهم مجددا الى تونس التي يعرفونها. وقد نفى آلان جوبيه ان تكون فرنسا بصدد فقدان موقعها في تونس بعد الثورة وقال أنه حظي باستقبال حار يعكس إرادة مشتركة واضحة في تعزيز التعاون بين الجانبين وأضاف جوبيه "لسنا الطرف الوحيد الذي يهتم بتونس ثم ان تونس أيضا لديها اهتمام بشركاء آخرين". وخلص المسؤول الفرنسي الى أن رسالته الى التونسيين مع الذكرى الاولى للثورة تؤكد "تجديد ثقة فرنسا لمسارها الانتقالي ودعمها لمختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية". وقال جوبيه "نحن سعداء برؤية قيم ومبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق المرأة ومكانتها وهي القيم التي نشترك فيها جميعا". وقد خلا اللقاء الصحفي الذي استمر سبع عشرة دقيقة من لغة الأرقام والإحصائيات، ولكنه كان زاخرا بالرسائل الديبلوماسية والإشارات حول متانة العلاقات التاريخية والحضارية بين البلدين, وقال جوبيه "إن عدد المؤسسات الفرنسية التي غادرت تونس بعد الثورة محدودة جدا"; وشدد المسؤول الفرنسي على أن "أغلب المؤسسات الفرنسية أكدت رغبتها في مواصلة نشاطاتها في البلاد"; مضيفا أنه "سيسعى الى حث السياح الفرنسيين على التوجه الى تونس مجددا". وأضاف بأن بلاده تبقى المستثمر الاول في تونس مع وجود 1300 مؤسسة فرنسية، واعتبر أن مواصلة الاستثمارات يستوجب توفر مناخ قانوني واستقرار اجتماعي. وقال جوبيه ان بلاده تحتضن نحو15 ألف طالب أجنبي وهو ما يجعلها في المرتبة الثالثة عالميا وأشار المسؤول الفرنسي الى أن بلاده ستواصل تعزيز تواصلها مع المجتمع المدني والجمعياتي الذي شهد تطورا مثيرا مع الانتخابات التي شهدتها تونس والتي اتصفت بالحرية. واعتبر جوبيه أن الديمقراطية ليست انتخابات فقط ولكنها ثقافة تكتسب. وأعرب جوبيه عن استعداد بلاده للتعاون لدعم قطاع السياحة وأشار الى أنه لا بد من فهم التطورات التي تمر بها المجتمعات وقال انه يغادر تونس وكله ثقة بما يتمتع به شعبها من طاقة مثيرة لمواصلة المسيرة دون استهانة بحجم التحديات القائمة.
البعثة العربية والأزمة السورية
وقد تفادى جوبيه الرد حول سؤال تعلق بما اذا كان قد أجرى أو الوفد المرافق له اتصالات مع إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة ولكنه في المقابل أكد دعم بلاده لحل الدولتين وشدد على أهمية العودة للمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لتحقيق التقدم المطلوب. وقد سارع أحد ديبلوماسيي السفارة الى نفي وقوع أيّة اتصالات بين جوبيه وهنية او الوفد المرافق له. وعن الإزمة السورية جدد جوبيه دعم بلاده مبادرة الجامعة العربية ومهمة بعثة المراقبين الى سوريا واتهم النظام السوري ب"الوحشية" واعرب عن أسفه عدم تمكن المجموعة الدولية من الحصول على ادانة واضحة للاعتداءات في مجلس الامن الدولي محملا المسؤولية لبعض الاطراف في اشارة واضحة للموقف الروسي والصيني من الازمة السورية وأشار الى أن بعثة الجامعة العربية لها أهداف واضحة تدعو لعودة الجيش الى ثكناته والسماح لوسائل الاعلام العربية والدولية بنقل الاحداث الجارية في سوريا قال جوبيه ان بلاده سبق و"نددت قبل شهر بالممارسات البربرية للنظام السوري الذي تسبب في مقتل أكثر من خمسة الاف ضحية حتى الآن", وأشار الى حاجة بعثة الجامعة العربية الى الدعم وعن المبادرة العربية أشار جوبيه الى دعم فرنسا للجامعة العربية ولكنه أشار الى أن بعثة الجامعة العربية تحتاج للمساندة لانهاء مهمتها ودعا الى ضرورة انسحاب الجيش من المدن وفتح المجال أمام الاعلاميين والملاحظين..
التطرف
وعن ظاهرة اليمين المتطرف في فرنسا أشار جوبيه الى أن الظاهرة لا تقتصر على فرنسا وأن صعود المتطرفين أمر بات قائما في عدد من الدول الاوروبية وحتى في غيرها وأنه لا أحد يمكن أن يكون في منأى منها, واشارالى أن المخاوف وسوء الفهم الذي يمكن ان يرتبط بهذه الظاهرة لا يمكن معالجته الا عن طريق البيداغوجيا والتربية ثم الحوار واعتبر أن الاسلام دين منفتح على عديد القراءات وأنه كما يوجد اسلاميون متطرفون فان هناك أيضا المعتدلون الذين يشتركون في المبادئ والقيم الديمقراطي مع الغرب وهؤلاء يمكن التحاور معهم. وأبرز تمسك فرنسا بالحوار بين الثقافات والحضارات والاديان رافضا فكرة التناقض بين الاسلام والديمقراطية.
زيارات
يذكر أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي تاتي بعد أسبوع على زيارة السيناتور الامريكي ليبرمان وهي تتزامن مع زيارة وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرسي دي سنتاغانا وزيارة اسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة, ومن المنتظر ان تسجل تونس زيارة وزير الخارجية الالماني غيدو وسترويل نهاية هذا الاسبوع وربما زيارة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الذكرى الاولى لثورة 14 جانفي. وكان جوبيه التقى في اليوم الاول من الزيارة كلا من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسي وشدد على الشراكة الحقيقية من الندّ الى الندّ بين تونسوفرنسا. واشار جوبيه الى وفاء فرنسا بالوعود التي كانت أعلنتها في الاسابيع الاولى التي تلت ثورة الرابع عشر من جانفي. وكان المسؤول الفرنسي قد كشف في زيارته الاولى في أفريل الماضي خلال حكومة الباجي قائد السبسي عن مساعدة فرنسية بقيمة 350 مليون يورو لتونس. وقال ايضا "لقد تم صرف 180 مليونا منها، وسيصرف القسم الآخر في 2012". وشهدت العلاقات بين فرنساوتونس إبان اندلاع الثورة مرحلة من التوترات بسبب مواقف وزيرة الخارجية السابقة ميشال إليوت ماري التي عرضت تزويد نظام بن علي بالمعدات الأمنية لقمع الثورة..