أعلن كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن عدم ترشحه هو وزملائه الحاضرين معه أمس خلال ندوة صحفية التأمت بمقر الهيئة الفرعية العليا المستقلة للانتخابات تونس1، وذلك لقناعة راسخة لديه بأن القانون المنظم لها لا يوفر الحد الأدنى من الضمانات لقيام هيئة مستقلة شفافة ونزيهة. وقال في هذا الشأن :"خيرت تقديم المصلحة الوطنية ذلك لأنني لا يمكن أن اقبل تحمل مسؤولية هيئة غير مستقلة وعديمة الفعالية لتكون مطية للتلاعب بإرادة الشعب إذ أفضل الحفاظ على ثقة التونسيين أكثر من المناصب التي لا تدوم لأحد." وحّمل الجندوبي في نفس السياق المسؤولية لحمادي الجبالي الذي عمل على حد قوله على "تكسير" عمل هذه الهيئة التي تمثل مؤسسة من مؤسسات الدولة. وفي تقديمه للأسباب التي تحول دون ترشحه لرئاسة الهيئة ذكر الجندوبي أن الآجال التي تستوجبها الإجراءات المنصوص عليها لا تتناسب مع الوقت الذي يفصلنا نظريا لإجراء الانتخابات القادمة. واعتبر أن الانخراط في عملية المصادقة على القانون وعلى السلم التقييمي في مسار توافقي يعتبر "مغلوطا" و"مغشوشا" ومن شانه التأثير سلبا عل الهيئة المستقلة للانتخابات استنادا إلى كونه يحتكم إلى منطق المحاصصة الحزبية. وأوضح الجندوبي من جانب آخر أن القانون الذي تمت المصادقة عليه لإحداث هيئة الانتخابات صلب المجلس الوطني التأسيسي لا يوفر الضمانات اللازمة لتكون الهيئة بالاستقلالية والحيادية الكافية أو بالفعالية والنجاعة المطلوبة لانجاز انتخابات حرة وشفافة. ولكن السؤال المطروح اليوم من وجهة نظر الجندوبي: هل أننا بحاجة إلى هيئة انتخابية دائمة في الوقت الذي تعتبر فيه كل هياكل السلطة مؤقتة بحكم التنظيم المؤقت للسلط العمومية؟ ورغم قراره بعدم الترشح لرئاسة هيئة الانتخابات فقد وجه الجندوبي أول أمس مراسلة إلى أهم الأحزاب الفاعلة سياسيا ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني يعلمهم فيها أولا بعدم ترشحه للرئاسة، ويضمنهم فيها ثانيا بعض المقترحات على غرار تفعيل عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسنة 2011 باعتبارها هيكلا مؤقتا قادرا على ممارسة مهامه على خلاف الهياكل القارة التي تتطلب آجالا اكبر لتركيزها كما أن هذه الهيئة تمثل حكما إذ سبق لها النجاح ونالت ثقة الجميع. كما اقترح على الأحزاب والمنظمات إعادة تركيز هياكل الهيئة السابقة في أسرع الآجال الممكنة أي الهياكل المركزية والفرعية فضلا عن الشروع في عمليات واسعة النطاق في تسجيل الناخبين بعد ضبط ميزانية تصرف لها من الخزينة العامة للدولة والعمل على تحقيق تفاعل واسع النطاق بشان موعد الانتخابات المقبلة على ان يتم تحديد يوم 27 اكتوبر 2013 موعدا للاستحقاق الانتخابي القادم. والاهم من ذلك وفقا للجندوبي هو وضع روزنامة مدققة وعملية والا فانه لا يمكن الحديث عن انتخابات في الاجال القريبة. وتساءل الجندوبي خلال هذا اللقاء قائلا:" ما الذي تحتاجه تونس اليوم بالنظر إلى الوضع السياسي للبلاد"؟ مؤكدا أن ابرز ما تستحقه البلاد هو إرجاع الثقة لدى المواطن فضلا عن إرجاع الثقة في المسار الديمقراطي وفي العملية الانتخابية إلى جانب إرجاع الثقة في الدولة وفي أجهزتها وفي طرق عملها وهو ما يقتضي توجيه رسائل طمأنة لتونس وللناخبين من خلال استحضار تجربة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ونجاحها في تنظيم انتخابات المجلس الوطني التأسيسي على اعتبارها الحكم الذي حظي بثقة التونسيين وكل الأحزاب مشيرا إلى ضرورة أن تكون الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قائمة الذات ومستعدة من الآن لاستكمال تسجيل الناخبين إما لإجراء استفتاء على الدستور أو لإجراء الانتخابات ويجب ان يتم ذلك في اجل محدود وهو ما يضع السلط العمومية أمام تحديات عديدة. من جهة أخرى انتقد سامي بن سلامة العضو السابق للهيئة المركزية المستقلة للانتخابات السلم التقييمي المصادق عليه صلب المجلس الوطني التأسيسي المعمول به حيث تم تهميش معيار الخبرة والتجربة في مجال الانتخابات مشيرا الى ان هذا السلم تم اعتماده بهدف اقصاء اعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهو أمر مستغرب لكنه يتلاءم ورغبات من وضع هذا القانون على حد قوله.