أثار حمل بعض الحكام في الجولة الأخيرة من الرابطة الاولى لشارة حمراء رمزا لتضامنهم مع الجريء في خلافه مع وزارة الرياضة ردود فعل كثيرة أغلبها جاءت في خانة إلقاء اللوم على الحكام المعنيّين باعتبار أنه كان من الواضح لعامّة الناس أنّهم كانوا مجرّد أداة وقع توظيفها بشكل مخجل في لعبة مفضوحة وأنه كان من الأجدر بهم عدم الزجّ بأنفسهم في موضوع لا ناقه لهم فيه ولا جمل. هذه الحركة أعادت إلى أذهاننا الأساليب والحيل البالية التي يستخدم فيها الضعيف الغافل ورقة للمزايدة على الخصم فيلتبس الحقّ بالباطل حتّى يتشتّت ذهن السامع وترجح في عقول البسطاء كفّة الباطل وقد زيّنته دموع الضعفاء، ولعل الجامعة هاهنا أشبه برجل أعمال أفلس وتقطّعت به السبل فمضى يدفع أجراءه المساكين إلى إمضاء عرائض وبيانات عسى أن يحمل السلط على إنقاذه من الغرق ومحو ديونه التي اجتباها من عرق ودم الشعب المسكين. فات هؤلاء الحكام الذين رفعوا شارة حمراء أنهم طرف محسوب على الجامعة فلا يعتدّ برأيه عاقل لأنهم في حكم المجرّح في شهادته ولأن القاصي والداني يعلم أنهم لا يلمّون ولو بجانب يسير من خبايا تصادم الجريء مع وزارة الإشراف، لكن كيف يفوت حكّامنا وهذا الأخطر، أنهم لم يروا من مكتب الجريء أيّ حسنة أو مكرمة تشفع لهم في الانتصار له؟ قطعا إن الحكام الذين رفعوا الشارة هم الحكام المدللون للجريء ولا يمثلون السواد الأعظم من حكام الجمهوريّة الذين يأبون الاتجار بمواقفهم مهما كانت الإغراءات والوعود، وحتى رافعوا الشارة فهم مساكين لا يخرجون عن أحد اثنين إمّا حكم محلّ تفقد دوليّ فهو طامع في خير سيأتي فلا يعتدّ بموقفه وهو في منزلة المكره وإمّا دوليّ شاكر لنعمة سيّده يهاب سطوته ذات يوم تفتح فيه الظروف ولا تغنيه عن النوائب إلاّ كلمة من الدكتور. الحمد للّه أن كثيرا من شرفاء التحكيم قد انتحوا غير منحى هؤلاء وآثروا إمّا الوقوف على الربوة أو الانتصار للحقّ الذي لا تشوبه شائبة. فقائمة إنجازات مكتب الجريء لقطاع التحكيم أهزل من الهزال لا فقط بالقياس مع ما تعهّد به أثناء الحملة الانتخابية التي يشاع أن بعض مسؤولي التحكيم قد اعانوه عليها، بل وأيضا بالقياس مع ما تعهّد به كتابيا مكتب أنور الحدّاد (الذي كان الجريء أحد أبرز أعضائه) أيام الإضراب المشرّف الذي نفّذه الحكام في أفريل 2011 استنكارا لتكرّر الاعتداءات والتهديدات الواقعة عليهم وعلى اللاعبين والممرنين بعيد الثورة. ولكم أن تحكموا أين نحن من الوعود التي أطلقت بخصوص تأمين الحكام من مخاطر الطريق ومخاطر المباريات وأين الوعود بالحرص على السلامة الجسديّة للحكام الذين صار اختطافهم وامتهانهم في عهد الجريء من قبيل الأخبار العاديّة التي لا يلتفت إليها أحد؟؟. أيعلم قارؤنا أنّ مستحقّات الحكام لم تصرف منذ أشهر وأنّ ملفّ تامين الحكام من المخاطر لم يحرز أيّ تقدّم منذ فترة الحدّاد وفي خضمّ كلّ ذلك لا يبدو أنّ قيراط ينوي مخاطبة وليّ النعمة في هذا الصّدد خاصّة انّ الرئيس منهمك بترتيب رحلة ممتعة للتفسّح في السيراليون مع النسور وأنه لم يضع قيراط على لجنة التعيينات وخصّه براتب سمين إلا ليقوم بالنيابة عنه بتكميم الأفواه لا بفتحها للمطالبات. وما المشكل لو بقي الحكام أعواما أخرى بلا تأمين وما المشكل ان بقيت دار الحكم حضيرة بناء لا تنتهي حتّى يرث اللّه الأرض وما عليها، ثمّ خبروني بربّكم ما الداعي لمخاطبة الجريء في مثل هذه المواضيع المزعجة ما دام هيثم الصغير معينا كلّ جولة والمدللون الثلاثة (الحشفي والقصعي وبن حسن) بالأطايب متخمين وما دامت الرواتب تصرف بانتظام والدروس والبعثات وجلسات المودّة في النصر والمروج ومقرين تؤنسنا، وليمت من يمت وليخطف من يخطف من الحكام ولنترك وديع في تركيزه على البيانات والتصريحات ضدّ وزير لم يطلب غير توضيح حول مقدّرات شعبنا في ما أنفقت وحول نتائج هزيلة لمنتخب "سهار" لم تجد معه صافرة زميلكم بينيت نفعا ولا أغنت عنه منح بالملايين لم يصلكم منها غير الفتات.