صوت أول أمس 67 بالمائة من الحاضرين في برنامج "الحوارات العربية الجديدة" لصالح المقولة "هذا الجمهور يعتقد بأن تونس تتجه للخروج عن السيطرة" وهي مقولة اختارها معد ومقدم البرنامج الصحفي البريطاني تيم سيبستيان عنوانا لحلقته الأولى من الموسم الثاني من البرنامج. فالملاحظ إذن أن مناقشة المواضيع ذات العلاقة بالعنف السياسي لم تقتصر على منابر الحوار بالقنوات التلفزية التونسية فحسب، بل سحبت بساطها أيضا على البرامج التلفزية الأجنبية التي اتخذت من تونس موقعا وموضوعا لإعداد برامجها وتصويرها وتسجيلها. واللافت للنظر أيضا أن هذه البرامج ركزت على الوضع السياسي بتونس بعد الثورة على غرار برنامج "الحوارات العربية الجديدة" الذي انطلقت أولى حلقاته في شهر أكتوبر 2011. جمعت الحلقة الأولى من الموسم الثاني التي صورت مساء الإثنين بأحد النزل بالعاصمة كل من النائبين نعمان الفهري عن الحزب الجمهوري وأمال عزوز عن حزب النهضة حيث كانت المواجهة ساخنة بين الطرفين. هذه الحلقة شهدت نقاشات حادة حيث أطلق الجمهور المواكب للحلقة موجة من الانتقادات ضد القيادات السياسية باتهامها بدفع البلاد إلى الإنزلاق نحو وضع خطر من عدم الاستقرار، فصوت بالتالي 67 بالمائة من الجمهور الحاضر لصالح المقولة المذكورة أنفا. فتعرض المتحاوران لضغط الجمهور ليشرحا أسباب استمرارهما في المجلس الوطني التأسيسي في ظل فشل أداء مهامهم وانتهاء شرعيته في نوفمبر الماضي، فلم يخرج النقاش من إطار الجدل والتهم المتبادلة فكان المنبر عبارة عن مرآة الشارع التي نعيشها بشكل يومي، ولم تسلم حركة النهضة في برنامج "الحوارات العربية الجديدة" من الانتقادات حيث جادلت إحدى الحاضرات النائبة أمال عزوز بأن الحركة منهمكة في "بلورة دكتاتورية جديدة" وهو ما لاقى استحسان بقية الحضور الذي رافق انتقاداتها بالتصفيق والتهليل. ذات التهليل والتصفيق رافق أحد المشتكين من أداء المعارضة "العلمانية" من استغلال جريمة اغتيال المناضل الحقوقي شكري بلعيد لحشد التأييد قبل الإنتخابات المقبلة، وهي صورة عاكسة لما يقع تداوله يوميا. وبينما أقرت بانطلاق التحريض على العنف من بعض المساجد، شدّدت النائبة أمال عزّوز على أن السلطات تعمل ما بوسعها للسيطرة على الخطابات في المنابر مضيفة "نحتاج إلى بعض الصبر، وعلينا البحث عن التوازن بين الحرية والمسؤولية"، وبينت الأستاذة الجامعية بأن "جميع المؤسسات تسعى إلى تحقيق الأفضل في مرحلة التحول هذه بما في ذلك أجهزة الأمن" مؤكدة على أن المعارضة ترفض القبول بأن السلطة باتت الآن في يد الإسلاميين. في المقابل لقي هذا الإتهام رفضا من قبل النائب نعمان الفهري الذي اعتبر أن تونس تحتاج الآن كلا من الإسلاميين والمعارضة عمودان ضروريان لضمان استقرار البلاد. من جهة أخرى قالت عزوز: "إن أردنا الخروج من هذه الأزمة، فعلينا اللجوء إلى الحوار ولا شيء سوى الحوار، ونحتاج إلى تقبل الآخر"..