بعض الساعات تفصلنا عن توجه علي العريض رئيس الحكومة الجديد إلى المجلس الوطني التأسيسي لعرض حكومته على المجلس للموافقة عليها، وهو إجراء قانوني وترتيبي لتتسلم الحكومة الجديدة مقاليد البلاد وتسيير دواليبها. هذا اللقاء يعتبر في نظر المتابعين للشأن السياسي تقليديا، ولا يخرج عن القرارات والإجراءات التي أقرتها القوانين والجوانب التنظيمية للدستور الصغير المؤقت الذي تسير عليه البلاد. غير أن الهام الذي ينتظره الجميع من الحكومة الجديدة ورئيسها هو البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي ستنفذه خلال هذه الفترة التي تفصلنا عن الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، وجملة الاستحقاقات التي ستؤمن هذه المرحلة والمتصلة ببقية الاستحقاقات التي طالب بها الطيف السياسي واعتبرها شرطا أساسيا لتجاوز الوضع الراهن الذي تمر به البلاد. وضمن هذا البرنامج المنتظر الذي يترقبه كل التونسيين على اختلاف الفئات الاجتماعية التي ينتمون إليها يأتي البعد الاقتصادي الذي تعقدت أموره بشكل هام، وبلغت فيه الأوضاع حالة لا تطاق أثرت على الجميع وفي مقدمتهم سكان الجهات الداخلية الذين باتوا عاجزين عن توفير لقمة العيش نظرا لوضع البطالة المتزايد في صفوفهم والفقر المدقع الذي أصابهم وانعدام مجالات التنمية التي تيسر مجالات الحياة في أوساطهم. كما ينتظر المجتمع التونسي بأسره جملة الإجراءات والتدابير التي سيعلن عنها رئيس الحكومة الجديد بخصوص البعد الأمني الذي تدهور بشكل لافت للانتباه، وأيضا وعلى وجه الخصوص حزمة القرارات التي ستتخذ لمقاومة مظاهر العنف والأطراف المتسببة فيه، وذلك علاوة على بعض القرارات الأخرى التي تتصل بخارطة طريق واضحة لأبرز المواعيد والتواريخ التي سيسير عليها المجلس الوطني التأسيسي في كتابة الدستور وتحديد تواريخ الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة. والخطاب المنتظر الذي سيتقدمه علي العريض بصفته رئيسا للحكومة الجديدة سوف يمثل في مجمله خطة الحكومة الجديدة العاجل لتجاوز الأوضاع التي تمر بها البلاد، ولذلك فهو يمثل الأمل الأخير الذي ينتظره الجميع، خاصة بعد الغموض الذي أحاط بتشكيل الحكومة الجديدة، و الإعلان مسبقا عن البرنامج المزمع اتباعه. فهل سيمثل هذا الخطاب منعرجا جديدا يمكنه أن يمثل الوفاق المنشود الذي طالما انتظره الجميع؟ ذلك هو المرجو الذي تعلق عليه آمال كافة المواطنين وفي مقدمتهم كافة الأطياف السياسية.