بعد سنوات عديدة من الانغلاق والتقوقع في شبه قمقم فتح المسرح الوطني أبوابه وذراعيه للهياكل المسرحية التونسية الأخرى وللمخرجين والممثلين الذين لا ينتمون له للتفاعل والتبادل والعمل المشترك للدفع بالمسرح التونسي إلى آفاق أرحب رغم الاختلافات في الرؤى والتوجهات وبعيدا عن الوصاية وبمنطق المبادرة وحده . وهذا الانفتاح وهذه الرغبة في إعادة الانسجام لكل الهياكل المسرحية لا يعود إلى ان عدد عملة وموظفي المسرح الوطني أصبح يفوق عدد الممثلين والمبدعين فيه فقط ولا لان تجهيزاته وفضاءات العروض فيه قد تآكل بعضها ويكاد يندثر بعضها الآخر لطول فترة ركون تجهيزاته للراحة الإجبارية ولقلة الاستعمال وإنما رغبة من مديره أنور الشعافي -حسب ما صرح به -في العمل بنفس جديد واعتمادا على مقترحات فنية ذات إضافة إبداعية ولاكتشاف مواهب جديدة ومن اجل قراءة حديثة للآثار المسرحية المرجعية التونسية والعالمية . هذا ما حاول مدير المسرح الوطني وكاتبه العام تفسيره للحضور الإعلامي صباح أمس الثلاثاء بقاعة الفن الرابع بالعاصمة خلال ندوة صحفية حضرها مخرجو الأعمال المسرحية المبرمجة للموسم الحالي وكتاب نصوصها لتقديم العروض التي اقترحوها على لجنة الفرز التي أحدثتها إدارة المسرح الوطني لتتكفل بعملية اختيار الصالح منها لتبنيها وإقرارها ضمن برامج هذا الموسم . المبادرة ( أي القبول بثلاثة مشاريع من خارج المسرح الوطني )غير مسبوقة قال عنها المخرج منير العرقي: "أنا انتمي للمسرح منذ سنة 1986 وهذه أول مرة تفتح أمامي أبواب هذا الهيكل الوطني ". لجنة فنية استشارية بلا الإقصاء خلال هذه الندوة تم كذلك التطرق إلى الإصلاحات الهيكيلة والتنظيمية التي أدخلتها إدارة المسرح الوطني على طريقة العمل بغاية تغيير العقلية الموروثة والسائدة والتوجهات للحيلولة دون إعادة تشكيل دكتاتورية صلب الهيكل . ومن ذلك إحداثها للجنة فنية استشارية تقرأ الأعمال المقترحة دون إقصاء لأي جيل أو جهة أو اتجاه مسرحي . ستعمل إدارة المسرح الوطني كذلك على التكوين الذي يخدم صالح الهيكل بإحداث مركز مهني لتطعيم المسرح التونسي بإطارات متوسطة والتركيز خاصة على الجانب التقني إلى جانب العمل على تحديث قاعة الفن الرابع من ناحية المستلزمات التقنية والتجهيزات بصفة عامة والمرور بها من قاعة للعرض المناسباتي إلى البرمجة وتنظيم التظاهرات والمهرجانات والعروض اليومية .هناك كذلك اهتمام بالبوابة الالكترونية وبالجانب التوثيقي لمسيرة رواد المسرح التونسي وبتطوير العمل الحركي المعتمد على فن السيرك والخصوصية المسرحية . وبالمناسبة تحدث كاتب عام المسرح الوطني محمد بريك عن مشروع تم التقدم به الى وزارة التكوين والتشغيل لتشرف عليه هدفه تكوين ورسكلة الأعوان المنتمين للهيكل والنهوض بالمسرح الراقص والسرك الفني وعن مشروع لتطوير اختصاصات وتقنية متممات الركح وذلك بإحداث مركز مهن الفرجة الحية وسيتم فيه تكوين 80 تلميذا مستواهم التعليمي اقل من الباكالوريا وهو ما أثار تساؤلات وسط القاعة حول قدرة من لم يتجاوز مستواهم التعليمي التاسعة أساسي على فهم واستيعاب ضروريات التكوين في مجال يشهد يوميا تطورات على كل المستويات وخاصة منها التقنية( انفتاح على فن الصورة والملتيميديا واللغات ) إضافة إلى شروط الحصول على بطاقة الاحتراف. تظاهرة "الشعب يريد مسرحا 3 " في هذه الندوة أيضا تناول الكلمة معز مرابط رئيس الجمعية التونسية لخريجي معاهد الفنون الدرامية واستغل الحضور الإعلامي ليذكر بمرور 10 أيام على إضراب الجوع الذي يقوم به طالب وطالبة احتجاجا على عدم فتح باب انتداب خريجي معهد الفنون الدرامية في وزارة التربية والاكتفاء بتعيين خمسة خريجين فقط . ثم وقدم فكرة عن تظاهرة "الشعب يريد مسرحا 3 " التي تنظمها الجمعية بالاشتراك مع المسرح الوطني كامل يوم 24 مارس الحالي للمرة الثالثة وسيشهد فقراتها الشارع التونسي ( أمام المسرح البلدي وفي فضاء المترجلين بالتقاطع مع شارع مرسيليا ) وتشتمل على عروض موسيقية ومسرحية وكرنفال للأطفال وعروض للكبار وورشات . أما عن برنامج الجمعية بصفة عامة فقد صرح معز ل "الصباح" بأنه يتمثل في ثلاثة محاور هي الإنتاج والإبداع لخلق ديناميكية على مستوى الإنتاج والممارسة الفعلية للمسرح ولخلق شبكة علاقات وثيقة مع هياكل الإنتاج داخل الجهات وتطوير القدرات عن طريق الورشات والتربصات للذين تخرجوا من معاهد الفنون الدرامية ولم يعملوا بعد وتوزيع البرمجة عن طريق المهرجانات المتنقلة داخل الجهات ودعم كل مراكز الفنون الدرامية." حالة..الرهيب .. والمحاكمة وتحدث المخرج عماد جمعة عن عرض "حالة " الذي اعدده خصيصا للمسرح الوطني وسيقدمه قريبا فقال: ان "حالة " عرض لسبعة ممثلين وموسيقيين يعتمد على الرقص المسرحي والتعبير الجسماني يتكون من أربعة أجزاء أردتها متسلسلة بدون نص وهي: - المجتمع الاستهلاكي وغلاء المعيشة - الحواجز الحديدية التي استقرت اما وزارة الداخلية واغلاق شارع الحبيب بورقيبة وبالتالي تفريق المجتمع - العنف والفوضى - شعار تونس داخلة في حيط ومن العروض التي تبناها المسرح الوطني نجد عرضا لمسرحية إبراهيم ابن الأغلب التي قد يتحول عنوانها إلى " الرهيب " كتبها الروائي عبد القادر اللطيفي سنة 2009 عن ملك عادل أصبح بسبب الحاشية مستبدا عنيفا وحولها من النص إلى الركح المخرج منير العرقي ولا احد فيهما على ما بدا في إجابتهما عن سؤال تقدم به المخرج حمادي المزي يعرف ان سيد العلاني كتب نص إبراهيم ابن الأغلب وانه تم تناولها مسرحيا سنة 1973 وعرضت في المسرح البلدي وشكلت وقتها الحدث وأضاف المزي ل"الصباح" ان:" ولكن وسيلة زوجة الرئيس الراحل بورقيبة " صنصرتها وأمرت بإيقاف عرضها."أما المشروع الثالث فعنوانه " المحاكمة " وهو للممثل المسرحي رياض حمدي. مسابقة النص المسرحي وفي برنامج المسرح الوطني كذلك تنظيم مسابقة للكتابة المسرحية تأليفا وابتكارا وتحفيزا للكتاب على اثراء تجاربهم وتطوير خطابهم وخروجا بالنص من الحدود المغلقة الى أفاق ارحب ستحمل هذه السنة وفي إطار سنّة تكريم رواد الكتابة المسرحية بتونس اسم المرحوم محمود الجعايبي . علياء بن نحيلة