تطالعنا من وقت إلى آخر أخبار الزيادات المشطَة في الأسعار، إلا أن القطرة التي أفاضت الكأس كانت الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات بماهي تكريس واستمرار في آستبلاه عقول التونسيين، مع أن الحكومة تعرف بأن الشعب يعرف بأنها تستبلهه ومع أنها تعرف بأن الشعب التونسي يعرف بأنه لايمكن لحكومة أن تستغفله، فتقول الحكومة بأنه ليس هناك من حل إلا النهب من جيوب المواطنين وبأن صندوق الدعم قد ثقل كاهله وبأن أسعار المحروقات في السوق العالمية في ارتفاع مشط بما لا يمكنه المواصلة بنفس النسق. نحن نصدق هذا ولسنا ننكره، ولكننا نتساءل: لماذا يتم الالتجاء دائما ومباشرة إلى جيوب المؤمنين. والحال انه من الأجدي لو يقع التقشف في النفقات في هذا المجال وفي غيره. فعندما يري المواطن سيارات المصلحة الإدارية تتجول ليلا نهارا وسبعة أيام على سبعة، تنقل الأبناء إلى مدارسهم، وتنقل الأثاث والبضائع الخاصة، وتستعمل للسياحة والترفيه، دون خشية أو ريبة. ألا يعتبر ذلك عنفا مسلَطا على المواطن من طرف الدولة؟ والأمر هنا يتعلق بتجاوزات، من كثرتها وتكرارها أصبحت أمرا مألوفا وهذا ليس موضوعنا المقصود اليوم، ولكن الأمر منه ما يتعلق باستعمال السيارات الإدارية الوظيفية، وهو نهب لأموال المجموعة باسم القانون (انظر الأمر عدد 189 لسنة 1988 المؤرخ في 11/02/1988 المتعلق باستعمال سيارات الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية). إذ ينص علي أنه يتمتع بالسيارات الإدارية الوظيفية: الإطارات العليا من رتبة كاتب عام وزارة أو مدير ديوان أو رئيس ديوان أو مدير عام إدارة مركزية. كما إن الولاَة والمعتمدين والكتاب العامين للولايات ورؤساء البلديات. . .إلخ والقائمة طويلة يتمتعون بالسيارة الوظيفية «الفاخرة « كما انه يمكن إسناد رخص فردية في استعمال السيارات الوظيفية الإدارية للموظفين غير المنصوص عليهم أعلاه بقرار من الوزير الأول. ويسند لكل منتفع بالسيارات الوظيفية 400 لتر من الوقود في شكل قصاصات أو ينتفع بالمنحة الكلومترية وب:200 لتر وقود إذا لم تتوفر له سيارة وظيفية كما تخول التنقلات لفائدة المصلحة والتي تبعد 50 كلم فما فوق عن مقر عمل المنتفع بسيارة وظيفية، الحق في مقدار زائد من الوقود حسب الاستهلاك الذي تستوجبه هذه التنقلات (حسب طلبه) كما تجدر الإشارة إلى أن الإدارة تتحمل المصاريف المنجرَة عن السيارة الوظيفية. إن هذه الامتيازات الناتجة عن الخطط الوظيفية هي نزيف من المال العام، وهي السوس الذي ينخر ميزانية الدولة لأنها إثراء علي حساب مال الشعب فالمدير والوالي والمعتمد وغيرهم يتمتعون بمرتبات هامة عن عملهم في الوظيفة العمومية وهم في غير حاجة إلى أن تساعدهم الدولة بخلاص نفقات المحروقات ليتنقلوا إلى مقرات عملهم والمفترض إن عهد الامتيازات قد أدبر وولى فلماذا تواصل الحكومة في نفس السياسة؟ أليست الامتيازات من حق العون البسيط والموظف « الكحيان» لا العكس؟؟؟ أليست الثورة لأجل العزة والكرامة؟؟ وعندما تكرس الدولة تمايزا بين الناس فتعطي القوي وتحرم الضعيف. أليس هذا هو العنف بعينه؟ .أليس هذا مخالف لروح الثورة، بما يوحي بأن حكومة الثورة ليست من الثورية في شيء؟؟؟. أما عن الامتيازات الأخرى التي تنخر الميزانية، فحدَث ولا حرج. وللتذكير لا غير فإن: المديرين العامين بالإدارات التونسية ينتفعون بالسكن الوظيفي، إذ توفر لهم الدولة المنزل سواء كان ملك دولة أو كراء وفي بعض الأحيان يتقاضون منحة السكن مضافة إلى الأجر. يكون المنزل مؤثثا وهذه بالطبع محاباة ومزايدة على النص القانوني . ينتفعون كذلك بخادمة المنزل آو خادمات على حساب الإدارة الراجعون إليها بالنظر ينتفعون في بعض الحالات بحجّاب أو حاجب على حساب الإدارة الراجعون إليها بالنظر وهو مخالف للقانون ينتفعون كذلك ب: « قضية الدار» من خضر وغلال ومشروبات غازية وماء معدني ومشروبات أخرى....وكل ما لذ وطاب، وفاتورة المعيشة تقدر بالملايين ينتفعون بسائق للسيارة الوظيفية على حساب الإدارة أن المديرين كذلك والكواهي ورؤساء المصالح ينتفعون ب:جريدة يومية أو جرائد ليتصفحها في المكتب، في وقت العمل، والناس طوابير أمام الإدارات تنتظر قضاء شؤونها. قهوة الصباح وما يتبعها.. الماء المعدني.. خط الأنترنات لأن المدير يحب « يشاطي « والناس طوابير أمام الإدارات تنتظر قضاء شؤونها. مكتب رئيس.. التكييف.. بالإضافة إلى هذا فان الكثيرين منهم ينتفع بما ينتفع به المديرون العامَون ينتفع الكثير منهم بحضور الاجتماعات والمؤتمرات بالنزل الفخمة داخل البلاد وخارجها على حساب ميزانية الدولة وينتفعون رغم ذلك بمنح الخروج في مهمة إلى جانب عديد المنح الأخرى. هل تعلم أن ميزانية الدولة تحملت كل هذا منه ما هو قانوني وما هو غير قانوني، وان القانوني هو في حد ذاته محل نظر ويستلزم الإصلاح لأنه وقع التلاعب بمبدإ المساواة ووقع الإثراء بدون سبب . هل تساوي هذه الامتيازات ما يقدمونه؟ من جهد لفائدة الدولة أم أنهم ينتفعون بدون جهد وهل يقدمون جهدا أكثر من الموظف العادي، البسيط ، المفلس حتى يتم غمرهم بالامتيازات وحرمانه في المقابل ؟ هل تحتاج الدولة إلى كسب ولاء هؤلاء حتى تصرف أموال المجموعة لفائدتهم؟ ألا تندرج بعض هذه التصرفات تحت طائلة النص الجنائي المتعلق باستغلال موظف لصفته للحصول علي امتيازات ؟ وهو الفصل 96 من المجلة الجزائية الذي ينص: يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة، الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكّلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب، استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما. لماذا لا توقف الدولة هذا النزيف وهو ما من شانه أن يؤدي إلى تخفيض هام في نفقات الدولة أم أن من سيتخذ مثل هذا القرار ستكون مبادرته في غير مصلحته هو مبدئيا ؟؟؟ لماذا الزيادات في الأسعار إذن والبحث عن الحلول عبر القروض المجحفة والحال أن وضعيتنا الاقتصادية استثنائية ولا بد بالتالي من إجراءات وحلول استثنائية للخروج من الأزمة لماذا الامتيازات المالية للموظفين تقرر يوميا بالرائد الرسمي التونسي وما فائدة الدولة من ذلك والحال أن الدولة في أمس الحاجة إلى هذه الأموال هل يمكن أن يصلح حال البلاد بعد هذا ؟ أليس هذا هو العنف بعينه؟؟؟