" كل الأطراف السياسية في ألمانيا متفقة على دعم الانتقال الديمقراطي في تونس وتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين" هذا ما صرح به أمس الأول السيد يانس بلوتنر سفير ألمانيا الاتحادية بتونس اثر المحادثة التي جمعته برئيس الحكومة السيد علي لعريض... تصريح ربما بدا للوهلة الأولى غير لافت ولا مثير اعتبارا لسياقه ولصبغته الدبلوماسية شكلا ومضمونا والواقع أن كلام السفير الألماني يوشك بالفعل أن يكون "تقليديا" لولا عبارة "كل الأطراف السياسية" التي افتتح بها تصريحه فالرجل يتكلم هنا وبإطلاق باسم كل الأطراف السياسية بما فيها المعارضة وليس فقط باسم "الحزب الحاكم" (الاتحاد الديمقراطي المسيحي) برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل. وأنا أقرأ تصريح السفير تساءلت باستغراب كيف يسمح سعادته لنفسه بأن يتكلم وهو الموظف الحكومي باسم كل الأطراف السياسية في ألمانيا.. لم أنتظر طويلا فقد جاءتني الإجابة واضحة عندما أضاف قائلا في نفس التصريح أن متانة العلاقات بين تونسوألمانيا ستتأكد من خلال الزيارة الرسمية التي يؤديها منذ يوم أمس الثلاثاء إلى بلادنا رئيس المعارضة بالبرلمان الألماني فرانك ستاينماير.. هكذا إذن الحكومة والمعارضة في ألمانيا الاتحادية تتكامل جهودهما ولا أقول مواقفهما فيما يتعلق بمسعى دعم الانتقال الديمقراطي في بلادنا وتعزيز التعاون الاقتصادي بين تونس والمانيا إلى درجة أن رئيس المعارضة في البرلمان الألماني هو من يتحول بنفسه الى تونس لتأكيد هذا المسعى !! أجل،،، يحصل هذا عندهم في الوقت ذاته الذي تنادي فيه بعض أطراف المعارضة عندنا باسقاط حكومة السيد علي لعريض الشرعية من خلال تكثيف الاضرابات والاعتصامات والاحتجاجات !!! أي فهم "تونسي" هذا لرسالة المعارضة السياسية ودورها في نحت صورة الدولة التونسيةالجديدة والمساهمة الايجابية في تحقيق أهداف الثورة؟ ! بل أية مراهقة سياسية هذه عندما يتوهم كائنا من كان أنه وحده "الثوري" وانه وحده "حبيب" العمال والفقراء وأن كل من سواه عملاء لأمريكا وقطر !!! في ألمانيا الاتحادية تجتمع الحكومة والمعارضة على ضرورة دعم التجربة الديمقراطية في تونس.. أما عندنا وفي زمن الفوضى والتسيب والعمى الايديولوجي والمراهقة السياسية فهناك من المعارضين من يعلن على الملأ وبكل وقاحة أنه سيعمل بما أوتي من حقد وجهل وعمى ايديولوجي على إفشال هذه التجربة الفريدة في التاريخ السياسي لبلادنا وشعبنا.. ثم ومن بعدها يأتون عشاء ليتباكوا في المنابر الإعلامية على غياب "التوافق" وتفشي مظاهر العنف.. و"التطرف" !