فاجأ وزير الداخلية لطفي بن جدو الفايسبوكيين ومستعملي وسائل الاتصال الحديثة بامكانية بعث مشروع رقابي على الشبكة العنكبوتية يمكن من خلاله رصد التجاوزات الممكنة في حال " الخروج عن النص السياسي والاخلاقي" . واعلن وزير الداخلية اول امس خلال جلسة مساءلة بالمجلس الوطني التأسيسي عن بعث مشروع "الوكالة الفنية للاتصالات حيث ستتكفل المؤسسة بكشف الجرائم التكنولوجية والالكترونية عبر شرطة مختصة يمكن ان نطلق عليها من الان اسم "شرطة الانترنات." و كان مقترح وزير الداخلية في الواقع هو تتمة لمشروع قانون نوقش في ديسمبر 2012 أي بعيد تسلم حكومة حمادي الجبالي لسدة الحكم حيث تم الاتفاق وقتها على تشكيل هيكل مستقل اسمه الوكالة الفنية للاتصالات يعنى بالجوانب القانونية والجرائم التكنولوجية . وإذ يرى البعض ان المشروع المقترح لا علاقة له بمبدأ حرية التعبير والإبحار على الشبكة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ويؤسس لبداية عودة القمع الفكري والسياسي والحجب فان اطرافا اخرى ترى في الامر ضرورة لإيقاف كل اشكال الانحلال الاخلاقي من ثلب وشتم وهتك للأعراض بما يتنافى مع حرية التعبير اصلا. وبين هذا الراي وذاك تقف اطراف اخرى على مسافة فاصلة بين الاول والثاني لتؤكد على ان الرقابة فرصة لرصد الاخلالات شرط توفر العنصر القضائي فيها حتى لا يؤاخذ البعض بجريمة البعض الاخر. فهل عودة عمار"404 " عودة للقمع ام لحماية المجتمع في هذه الفترة من تاريخ البلاد؟ قانون الارهاب من جديد!!?? من الناحية القانونية اعتبر استاذ القانون العام الدكتور رابح الخرايفي ان الجريمة الالكترونية موجودة في كل بلدان العالم بما في ذلك تونس التي لا يوجد بها نص جزائي يعاقب على الجرائم المرتكبة عبر الوسائط الاجتماعية كالتويتر والفايس بوك . وبين الخرايفي ان المشروع المقترح من قبل وزير الداخلية سيمكن من حماية اعراض الناس وحياتهم بعد ان اباحتها دعوات التحريض على القتل الصادرة اساسا من قبل اطراف ارهابية وبالتالي يصبح القانون الجزائي ضروريا لحماية الاشخاص والحد من الانتهاكات التي يتعرضون لها أمرا سيمكّن النيابة العمومية من تحريك الدعوى بسهولة." وقال الخرايفي ان للمشرع 3 خيارات اما ان يصدر قانون مستقل او ان يضيف فقرات او فصول للمجلة الجزائية او ان يفعل قانون الارهاب بيد ان الصواب هو الاتجاه نحو قانون مستقل." انتعاشة المأجورين من ناحية علم الاجتماع فقد اعتبر الباحث طارق بالحاج محمد ان مقترح وزير الداخلية سيفتح باب التضييق فبعد المحاولات الفاشلة لتكميم الاعلام يراد اليوم ضرب رقابة على المواقع الاجتماعية باعتبارها اكثر الفضاءات تعبيرا عن المزاج الشعبي وهو ما اقلق العديد من السياسيين الذين باتوا مكشوفين وفقدوا صلتهم بالواقع." واوضح بالحاج محمد ان هذا التضييق سيؤدي الى انتعاشة الصفحات المأجورة والقريبة من الاطراف الحاكمة حيث سيصبح لها نوع من الحصانة وهو ما سيفتح الباب امام كل اشكال التعدي والتمييز." هيكل مستقل ... من جهتها تساءلت رئيسة تحرير جريدة تانيت براس (جريدة الكترونية) شهرزاد عكاشة عن السبب الحقيقي للرقابة في حين ان القاصي والداني يعرف ما هي الصفحات والجهات التي تحرض على العنف وقلة "المعروف" . وقالت عكاشة ان دور المراقبة والردع لا يكفي فنظام بن علي كان ماسكا بخيوط لعبة الانترنات في تونس باسم مكافحة الجريمة الإلكترونية وهي ذات الحجة التي قدمها لنا وزير الداخلية بحكومة علي العريض. واضافت المتحدثة ان هناك اطرافا تسعى الى ارباك المشهد الالكتروني عبر صفحاتها للسمسرة باسم الدين والجهاد في سوريا والمتاجرة بشباب تونس بالاضافة الى صفحات مختصة في التشويه والثلب كما حصل مؤخرا مع زوجة الشهيد شكري بالعيد السيدة بسمة الخلفاوي. وختمت المتحدثة بالقول على وزير الداخلية ان يضع في الحسبان ان الهيكل الرقابي يتطلب اشخاصا مختصين وذوي خبرة للقيام بهذا الدور والا فان القمع سيعود من جديد ولكنه بنكهة اخرى.