الأيام الثقافية الروسية في تونس التي تم افتتاحها يوم السبت30 مارس بالمسرح البلدي بالعاصمة وستتواصل إلى غاية يوم5 افريل برنامجها متنوع فيه السينما والمعارض والصور الفوتوغرافية النادرة ومعرض لفن التزويق وعروض موسيقية لعازفين منفردين ومغنين ولوحات رقص لفرقة "لزغنكا" التي يزيد عدد أعضائها عن الأربعين فردا وعرض مشترك تونسي روسي للاركسترا السمفوني تابعه عدد كبير من الجمهور المنتمي اغلبه إلى أوروبا الشرقية والروسيين في سهرة الافتتاح. والأيام الثقافية الروسية في تونس هي حسب ما ورد في كلمات الترحاب للرسميين الذين افتتحوها امتداد للأيام الثقافية التونسية التي انتظمت بموسكو في السنة الفارطة وقد تم خلالها عرض أهم خصائص الموروث الثقافي التونسي لدى الأوساط الثقافية الروسية التي عرفت بذوقها الرفيع وهي كذلك فرصة لاطلاع الأوساط الثقافية التونسية على غزارة الموروث الثقافي الروسي وتبين أبعاده ذات الطابع الفريد. جسر تواصل انها وحسب ما جاء في كلمة السيد مهدي مبروك خلال الافتتاح ردا على كلمة وزير الثقافة لفيديرالية روسيا فلاديمير ميدنسكي والتي ألقتها نيابة عنه إحدى موظفات وزارته مذكرة بتميز وعراقة الصداقة بين الشعبين الروسي والتونسي وباطلاع التونسيين وإعجابهم بالأدب روسيا وموسيقاها الكلاسيكية :"حدث ثقافي هام وجسر آخر من جسور الثقافة التي ما فتئت تونس ما بعد الثورة تمده تجاه أشقاءها وأصدقاءها عموما وتجاه فيديرالية روسيا وهي شاهد آخر على عراقة كلا الثقافتين وتقاربهما." سفير فيديرالية روسيا في تونس استعرض بنفس المناسبة العلاقة التي ربطت تونسبروسيا منذ قرون من الزمن وركز على الفترة 1919 و1933 عندما لجا الروس إلى تونس ووجدوا الترحاب وعاشوا بيننا بسلام وبنجاح. تظاهرة إحياء المائوية الأولى لأسطورة الهجرة الروسية أناستاسيا شيرنسكايا التي حطت رحالها وهي ابنة أعوام ثمانية مع ستة آلاف شخص من بحارة أسطول القيصر الروسي، بعد ان هجروا وطنهم قسرا عقب استيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا في عشرينات القرن الماضي وعاشت شيرنسكايا في بنزرت. وأثنى على الاحترام الذي يجده الروس سواء منهم الذين يقيمون بيننا او الذين يزرون تونس كسياح-وصل عددهم إلى250 ألف سائح-. عزف اركسترالي ل"سيدي منصور" و"بابا بحري" اشتمل حفل الإفتتاح بالمسرح البلدي على فقرتين أبدع في الأولى المايسترو حافظ مقني وسارغي يوليانيتشكو في قيادة الأركستر السمفوني التونسي انطلاقا من النشيدين الرسميين التونسي والروسي مرورا بمقطوعات "حذاء الملكة" لتشيكوفسكي و"رقصة جولييت" لشارل غونود وغيرهما من كبار الملحنين الروس الذين سبق ان قدم الاركستر السمفوني التونسي العديد من انجح أعمالهم خلال حفلاته الشهرية العادية. اغلب المقطوعات الموسيقية العالمية رافقها عازف البيانو فلاديمير أوفشينيكوف والسوبرانو أوجينيا دوشينا والباريتون يوري لبتاف وعازفة البيانو افجينيا سميرنوفا وعازف الكمان نيكيتا بوريسو غلابسكي الذين وقف لهم الجمهور وصفق طويلا رغم عائق اللغة الذي لم يمنع من المتابعة والتمتع والإصرار على إبداء الإعجاب خاصة بعد ان عزف الاركسترا "سيدي منصور" و"بابا بحري" عزفا اوركستراليا رقيقا هادئا قريبا من النفس. انبهار برقص لزغنكا الفقرة الثانية لسهرة الافتتاح كانت مختلفة تماما عن الفقرة الأولى حيث تركت الآلات الوترية ذات الصوت الهادئ الرقيق المكان لآلات الإيقاع العالي والصاخب كالدربوكة والطبل والزكرة هذه الإيقاعات التي وجد الجمهور بعضها قريبا من الإيقاعات التونسية رقص عليها أربعون عازفا وعازفة رقصا مذهلا مثيرا للإعجاب ولموجات التصفيق العالية والتي تكاد لا تنتهي والحقيقة ان المجموعة الأكاديمية الفلكلورية لزغنكا لجمهورية داغستان والتي يديرها الأستاذ زولومهان هانغريف وجمبلاط محمدوف استحقت كل ذلك الإعجاب حيث قدم أعضاؤها رقصات شعبية ورقصات بالي وأدى الرجال خاصة حركات بهلوانية راقصة بقي الجمهور خلال بعض لوحاتها مشدوها. مجموعة لزغنكا ملأت الركح بهجة بالألوان الزاهية للملابس التقليدية لشعوب روسيا والقوقاز وشعب داغستان وبالنغم والرقص المتناسق الجميل وخفة حركات أعضائها وأجسادهم المستجيبة الطيّعة التي صهرت رياضة الجمباز مع الموسيقى والرقص فتكاملت الصورة حتى خيّل للحضور أنهم بصدد رؤية العصافير تعلو وترسو احتفالا بقدوم الربيع.