تباينت وتعددت مواقف خبراء الاقتصاد في ما يتعلق بتقييم محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري للوضع الاقتصادي خلال ندوة صحفية عقدها للغرض أول أمس حيث اعتبر البعض بان تصريحاته لا تعدو أن تكون سوى مغالطة للرأي العام فيما اعتبر شق آخر أن بعض القرارات المفصح عنها هي تنازل للهيئات المالية الدولية... اعتبر عبد الجليل البدوي أستاذ الاقتصاد في تصريح ل"الصباح" أن تصريحات محافظ البنك المركزي فيما يتعلق بقلقه من التأويلات والأرقام المغلوطة والتحاليل المجانبة للصواب على حد تعبيره لا تسمح له بان يعطي دروسا لغيره فالمغالطة لا يمكن أن ترد من طرف محللين اقتصاديين يعلقون على أرقام معلنة فالخبراء لا يخلقون الأرقام.وأضاف البدوي فيما يتعلق بتصريح العياري بأنه سيلتزم بحل جميع المشاكل الاقتصادية بأنه غير مؤهل لذلك بالنظر إلى تجربته وأدائه في السابق كما انه بعيد كل البعد عن حل أي مشكل فهو معروف بامتثاله ل"تعليمات" صندوق النقد الدولي على حد تعبيره. مغالطة بعينها كما أوضح البدوي فيما يتعلق بتصريحات الشاذلي العياري التي كشف فيها ان التعامل بين تونس وصندوق النقد الدولي مختلف حيث أن طلب الإقراض جاء من قبلهم مع تسهيلات دون شروط بان ذلك يعتبر مغالطة بعينها استنادا إلى أن صندوق النقد الدولي على حد تعبيره كان دائما ولا يزال وسيبقى يمنح القروض بشروط واعتبر البدوي أن هذه المغالطات مردها بأننا لم نتعود بعد على مسؤولين لديهم من النزاهة والكفاءة ما يكفي لان يكونوا موضوعيين مشيرا إلى أن الواقع الاقتصادي صعب جدا وهذه الصعوبة تعود إلى الجانب السياسي لا سيما التدهور الأمني وانعدام الكفاءات على مستوى جميع المؤسسات المالية للدولة. من جهة أخرى أكد الخبير في المخاطر المالية مراد حطاب في تصريح ل"الصباح" أن كل الأرقام المفصح عنها من قبل معظم الخبراء هي أرقام مصرح بها رسميا وكان الأجدر بالسلط النقدية قبل التشكيك في أرقام الخبراء البحث عن تناغم أرقام مختلف الجهات الرسمية الراجعة لها بالنظر والتي تعاني تناقضا كبيرا على حد قوله. مناورة كبرى وفيما يتعلق باحتمال دمج البنوك العمومية في قطب مالي واحد أو خوصصة جزء منها ذكر الحطاب بان هذا المشروع يعتبر غير متلائم حتى على مستوى التفكير فيه لا سيما في ظل مرحلة انتقالية قصيرة جدا إذ يعتبر تحويل هذه البنوك إلى قطب بمساهمة الخواص مناورة كبرى ومجازفة قد تغير المشهد المالي في تونس وتزيد من هشاشته كما أنها تقضي على كل إمكانية للدولة للتدخل في مساندة القطاعات الاستراتيجية التي تحمل مساعدتها بالكامل على البنوك العمومية.أما على المستوى الإجرائي فان تحديد مصير البنوك العمومية ليس للبنك المركزي فيه أي دخل باعتباره مجرد سلطة رقابية ما فتئت تؤكد على استقلاليتها كما أن الموضوع هنا لا يمكن أن يخص سلطة الإشراف وبطبيعة الحال مع المحاولة قدر الإمكان الإذعان للسلط المالية النقدية وتوصيات الأجانب التي يمكن الاستنجاد بهم وهو ما يشكل خطرا على الأسرار المهنية لهذه البنوك وفقا لما أدلى به المتحدث.كما أوضح الحطاب أن تونس عاشت في السابق عمليتي دمج كان مآلها الفشل نظرا للتسرع وانعدام الحرفية مؤكدا في نفس السياق على أن كافة مؤشرات البنوك العمومية من الناحية المالية هي ايجابية إذ حققت تطورا في إيداعاتها وساهمت سنة 2012 في مساعدة الاقتصاد بنسبة 35,7 بالمائة. واعتبر الحطاب ان هذا القرار لا يعدو أن يكون سوى نوع من التنازل لبعض الهيئات المالية الدولية . و في تعليقه على تصريحات محافظ البنك المركزي اعتبر ياسين إبراهيم القيادي في الحزب الجمهوري في تصريح ل"الصباح" خاصة منها تلك المتعلقة بصندوق النقد الدولي بان هذه التصريحات تؤكد وكأنه فقد الثقة في إمكانيات تونس والاقتصاد التونسي. وأضاف إبراهيم بان محافظ البنك المركزي بدا وكأنه يخشى على التوازن المالي الأمر الذي يتناقض مع تصريحاته التي حاول أن يظهر فيها بان الأمور على ما يرام والحال انه لو كان الاقتصاد التونسي بعافية لكان هنالك توازن في الميزانية. وأضاف إبراهيم بأنه لا بد أن يكون هنالك نوع من الخطاب الواقعي للمجتمع التونسي من ذلك تصريحات تشير إلى أن الوضعية صعبة نوعا ما وهو ما من شانه أن يؤشر لشيء ايجابي خاصة أن الإنتاجية ناقصة لأنه لا اقتصاد يعمل ويدور دون عمل جدي في جميع القطاعات لا سيما أن الوضعية الأمنية متردية. ويبقى الحل الأنسب من وجهة نظر إبراهيم في تحديد تاريخ يقطع مع هذه الفترة الانتقالية.