يفتتح اليوم متحف الزعيم الحبيب بورقيبة بقصر الرخام بسقانص بالمنستير في الذكرى الثالثة عشرة لوفاته. وقد أفاد عبداللطيف مرابط المدير العام للتراث بوزارة الثقافة والمستشار بوزارة الثقافة أن في اختيار إنجاز متحف يحمل اسم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بمقر إقامته بسقانص بالمنستير يتنزل في إطار الاعتراف بقيمة هذه الشخصية الوطنية من ناحية وتأكيد العناية بالتراث اللامادي في بلادنا من ناحية أخرى، لاسيما أن ذلك يأتي بعد الاعتداءات المتكررة على عديد المعالم الأثرية والأضرحة والزوايا. وسيكون هذا المعلم الثري الذي سيتضمن بعض الأثاث والممتلكات الخاصة بالزعيم الراحل مفتوحا على ذمة الزوار طيلة شهر حسب تأكيد المدير العام للتراث. كما تحدث عبداللطيف مرابط ل"الصباح" عن عديد المسائل الأخرى ذات الصلة فكان الحديث التالي: - هل تشاطر الرأي القائل بأن وزارة الثقافة اختارت أن يكون عنوان شهر التراث لهذه السنة "التراث اللامادي: رموز وذاكرة" كرد على الهجمات المتكررة على الزوايا والأضرحة خلال الفترة الماضية؟ لا أحد ينكر قيمة المخزون الحضاري والتاريخي الكبير الذي تزخر به بلادنا والذي يجب أن يتجند جميع الأطراف والجهات من أجل حمايته وتطويره وحسن استغلاله على نحو يكون مصدرا للتنمية والتشغيل. لأني على يقين أنه بإمكان هذا المخزون التراثي والثقافي أن يكون مجالا حيويا في الاقتصاد الوطني فضلا عن قيمته المعنوية. فالشعوب التي ليس لها تراث تكون في خطر ونحن في تونس لنا تاريخ وتراث متجذر ونوعي كان بمثابة اللبنة القوية والهامة في تكوين شخصية الإنسان التونسي. فبلادنا تاريخ زاخر بالأعلام والمواقع الأثرية التي يجب تثمينها وتهذيبها لأن في جذورنا تكون وطنيتنا. ومن هذا المنطلق تكون للزوايا والأضرحة مكانة خاصة في بلادنا لأنها تشكل رموزا تاريخية وحضارية وثقافية. -هل تعني بذلك أن هناك مشاريع متاحف من نوع التراث اللامادي؟ بكل تأكيد فبعد متحف الزعيم الحبيب بورقيبة بالمنستير هناك تفكير وبحث من جانب المختصين في قطاع التراث، من أجل انجاز متاحف أخرى من ذات القبيل تعنى برموز البلاد من الشخصيات الوطنية والفكرية والثقافية بجهات مختلفة من البلاد التونسية على غرار متحف خاص بالمناضل والنقابي فرحات حشاد وآخر بالعلامة والمصلح خيرالدين باشا وغيرهم من رموز تونس التاريخية. - بم تفسر اختيار شخصية الحبيب بورقيبة لتكون محور معلم أثري يختلف من حيث الشكل والمضمون عن المتاحف في بلادنا لاسيما أنه يتزامن مع هذه الفترة التي تثير فيها هذه الشخصية جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والاجتماعية في بلادنا وخارجها؟ صحيح أن متحف الزعيم الحبيب بورقيبة بالمنستير ذو خصوصية لأنه من المعالم التي تعنى بالتراث اللامادي والشخصية المحتفى بها هي نوعية إن لم أقل استثنائية بمقاييس محددة. فهو ليس متحفا أثريا بل هو متحف من نوع خاص يتعلق بشخصية وطنية, شخصية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وموقعه بقصر الرخام بسقانص بالمنستير. ولا أحد ينكر قيمة هذه الشخصية والدور الذي اضطلعت به في تاريخ بلادنا. والذاكرة الوطنية تحفظ له خصاله ومزاياه. وقد تولت وزارة الثقافة انجاز هذا المشروع الأثري في شكله الثقافي والحضاري في أبعاده وذلك بإشراف المعهد الوطني للتراث ووكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية وذلك بعد أن تمّ ترميم قصر الرخام بسقانص وإعادة تهيئته لأن في ذلك صيانة للمعلم وتكريما للشخصية الوطنية. - هذا المتحف بما يحمله من رمزية ودلالات من المؤكد أنه كلف الدولة امكانيات مادية كبيرة حتى يكون في مستوى المحتفى به؟ انجاز هذا المعلم الأثري كمشروع ثقافي حامل لدلالات تاريخية وحضارية تونسية كلف سلطة الإشراف امكانيات هائلة نظير تصورات عملية لاستغلال وإدارة هذا المتحف مع مراعاة الجوانب الفنية والتقنية والإدارية. لأن مهمتنا تقف عند واجب حماية هذه القيمة الوطنية لا غير. المشروع يتم على مراحل ولم يكتمل بعد غير أنه لابد من التذكير بالمجهودات الكبيرة التي قام بها مختصون في مجال التراث المادي واللامادي والآثار من أجل أن يكون هذا المشروع في أبهى حلله وفي قيمة الشخصية الوطنية بما تحمله من رمزية ودلالة لتونس والتونسيين على حد السواء. وذلك بعد أن تم جرد ما كان متوفرا بالقصر الرئاسي بقرطاج أو بمقر سكناه بحي الطرابلسية بالمنستير. - فيم تتمثل خصوصية هذا المتحف بالتحديد؟ انجاز هذا المتحف يتم على ثلاث مراحل. ولئن عجلنا باستكمال المرحلة الأولى حتى يكون جاهزا في ذكرى وفاة الزعيم الراحل فإننا حريصون على متابعة أشغال انجازه ليكتمل المشروع خلال سنة2014. والهام في هذا المتحف أنه يتضمن كل خصوصيات الحبيب بورقيبة من كتب وملابس وتجهيزات وغيرها. ولعل قيمة الراحل دفعت الجهات الرسمية للتفكير في بعث نواتات بحث بالمعلم تتمثل في مركز للدراسات والبحوث وأجنحة للكتب وغيرها. وسيتم في افتتاحه الاكتفاء بعرض الأثاث وسيارة الزعيم وبعض الصور والكتب ليتم في القسط الثاني من التهيئة الذي يتزامن مع ذكرى ميلاده في شهر أوت المقبل عرض بعض الملابس والأشياء الخاصة به فيما تتضمن المرحلة الثالثة تسييج المتحف بعد الانتهاء من تهيئة النافورة واكتمال كامل عناصر المعلم الفنية والإدارية. وأذكر أن كامل أشغال المتحف كانت بأيادي كفاءات تونسية باستثناء النافورة التي من المتوقع أن تنجزها جهات تركية. - ألم تفكروا من موقعكم كمختصين في التراث في الاستفادة من الأملاك المصادرة للنظام المخلوع لبعث متاحف تكون مصدر تنمية للبلاد؟ فعلا أننا تدخلنا أثناء عملية المصادرة لاسترجاع ما تمت مصادرته في ممتلكات زين العابدين بن علي وأصهاره من قطع أثرية وعقارات وغيرها. ونفكر في المطالبة بقصر سيدي الظريف بسيدي بوسعيد ليكون متحفا وطنيا. كما هو الشأن بالنسبة لبعض قصور البايات خاصة أن البعض منها اندثر وهدم. ولكن لدينا مشاريع لإعادة تهيئتها وصيانة كل المعالم رغم أن هذه العملية تتطلب ميزانية خاصة على غرار ما هو موجود بالمحمدية وحمام الأنف بالضاحية الجنوبية للعاصمة وغيرها من القصور والأخرى فضلا عن المشاكل الأخرى الحافة بها لأن بعضها استحوذ عليه بعض المواطنين وحوّلوه إلى مساكن أو محلات. ونحن من جهتنا نفكر في إدراج هذه القصور ضمن المعالم السياحية والثقافية وذلك بعد صيانتها حتى تصبح منتوجا يستهلك ويساهم في التنمية.