عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    تعزيز جديد في صفوف الأهلي المصري خلال مواجهة الترجي    طبرقة: المؤتمر الدولي لعلوم الرياضة في دورته التاسعة    سوسة: وفاة طالبتين اختناقا بالغاز    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    اليوم.. انقطاع الكهرباء بمناطق في هذه الولايات    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر الديني مواكبة للعصر.. أم التناقض معه؟
نشر في الصباح يوم 09 - 04 - 2013

-بين الحين والآخرتطرح فكرة تحديث وتجديد الفكرالديني ، وهذه الطروحات تتزامن عادة مع وجود أزمات فكرية وتصادمات غايتها تشويه الإسلام وبث الفرقة بين صفوف أبنائه أوجعل هذا الدّين طرفا في معادلة الصّراعات الدولية
من جهة ومن جهة إبراز هذا الدّين السماوي بغيرالصورة التي يحملها والمبادئ التي يؤمن بها وفي مقدمتها نبذ العنف والتطرف .
لذا فإن اتباع المنهج الواقعي القائم على العلم والمنطق وروح النصّ القرآني المتجدد هوالسبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة، والبحث هذا يتحقق حيث نتحرّرمن الانطواء على الذات والانغلاق ، والانفتاح على الغيربحوارعقلاني منفتح، لآن الحقيقة لا يملكها الفرد المنعزل ولا الحضارة المنطوية على ذاتها. ويبدوأن النظريات والأفكاروالعلوم والحضارات لم تنشأ ولم تزدهرإلا بالانفتاح والحواروالاستفادة من الغير، ولعل علم الأصول وتطوره في الفكرالإسلامي في عصوره الأولى نموذجا لهذا الانفتاح والحواروالاستفادة.
والإسلام ذاته في قرونه الأولى كان يبحث عن الحداثة ويواصل معها فكانت هنالك سلسلة مترابطة من الأحداث الفكرية التي جعلت من الإسلام دين أمم كثيرة وشعوب ما كانت لتدخل الإسلام آنذاك لولا مجموعة من القيم والممارسات التي جعلت من هذا الدّين مرغوبا لدى هذه الشعوب والأمم .
فأنشئت مدارس فكرية وعلميّة عديدة في أمصارالعالم الإسلامي وانبثقت مع مرورالزمن أفكارورؤى كانت غايتها بالتأكيد أن يواكب الدّين الإسلامي العصرولا يتناقض معه بحكم أن الإسلام كدين لم يكتمل في يوم واحد بل احتاج إلى عقدين ونيّف من السنوات لتكتمل الرسالة ، وهذه فترة زمنية استطاع فيها الإسلام من أن يترسّخ عبر التدرّج حينا وبناء القناعات حينا آخر .
وهذا يجعلنا نستنتج بأن الدّين الإسلامي واكب تطورات كثيرة في ال23 سنة التي أكتمل فيها القرآن الكريم وأنتقل فيها من مكة القرية إلى يثرب المدينة بل وتعدّاها إلى الحبشة وما حول المدينة المنورة .
فكانت الدولة الإسلامية في عهد الرّسول (صلّى الله عليه وآله وسلم ) ومن بعده قائمة على الانفتاح والتسامح من جهة ومن جهة ثانية انفتحت بشكل كبيرعلى الأمم والأديان الأخرى فكان هنالك ما يشبه بالحوارالحضاري بين العرب المسلمين وغيرهم حتىّ وصل الإسلام إلى إسبانيا عابرا المتوسط حاملا لواء القيم التي مهدت له البقاء أطول فترة .
إذن الدين الإسلامي هو دين تجديد وإلا لاكتفى بأن ينتشرفي الجزيرة العربية فقط ، وعندما نقول "دين متجدّد" لأنه رسالة ليست للعرب وحدهم بل لكل العالم. هو دين كل زمان ومكان ولا يمكن أن ينغلق على ما أنجزفي عصرمن العصورلأن ذلك سيحول هذا الدّين إلى تراث جامد غيرقابل للتطويروالتجديد وسيأخذ القالب الذي توقف عند الآخرين .
في زمننا المعاصرهذا وجدنا الكثيرمن مفكرينا يطرحون بشكل متأخر فكرة تحديث وتجديد الفكرالديني فالأمر يتعلق هنا بتحديد دورومكانة الإسلام في صياغة المستقبل الأخلاقي والفكري، وبالنتيجة التنظيم السياسي والاجتماعي، للمجتمعات المسلمة.
لكنّنا هنا نجد بأن طرح هذه الأفكاربعد قرون طويلة من الصمت؛ هذه القرون شهدت جمودا فكريا واكتفاء بما أنجزوسط تطوّرهائل شهدته الأمم الأخرى وسبب ذلك بأن الفكرالدّيني ابتعد عن المنهج العلمي الدقيق في تناول القضايا المعاصرة واكتفى أغلب مفكرينا بالنظرللدّين كتاريخ فحسب شأنه في ذلك شأن الكثيرمن الحوادث التاريخية .
لذا فقد تاه الفكرالديني في متاهات خطيرة انعكست على حياة أتباعه الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.وخطرهذا الاضطراب وعدم نقد المفاهيم يتعدّى ذلك إلى العلاقات البينية والعلاقات الكونيّة مما يعني عدم تحقيق الاستخلاف واستعمارالارض والمشاركة في الحضارة، بل يعني إعاقة عجلة الحضارة القائمة والمتحركة.
لذا نحن أمام مجموعة كبيرة من المفاهيم والمصطلحات بغية مراجعتها وإعادة تركيبها وفرزها وفق آليات المنهج العلمي وليس الكلاسيكي الذي اعتدناه في السابق .
ومن الطبيعي جدا أن لا نستخدم ذات الآليات النمطيّة في عملية تحديث وتجديد الفكرالديني ، لأن هذه الآليات كانت أحدى عوامل التراجع لعدة قرون .
وهذا ما توصلت إليه الكثيرمن الجماعات الإسلامية سواء في الجزيرة العربية أوالمغرب العربي أوحتى في مصروغيرها. اليوم نجد دعوات صريحة وعلنية للمراجعة بعد أن كانت هذه الدعوات تكبح في مهدها قبل ولادتها ؛ بالتأكيد هنالك أسباب كثيرة لعلّ في مقدمتها استخدام الإسلام كغطاء شرعي للكثيرمن النزعات الفردية الهدّامة التي تؤسّس وتنظرلرسم صورة سيئة للإسلام عبرعمليات همجية هنا وهناك؛الشيء الآخرما يصدرمن فتاوى هي فوضى أكثرمما هي فتوى من أشخاص بعيدين جدّا عن الأهلية لإصدارهذه الفتوى أوحتى إبداء الرأي في مسائل بسيطة وهذا ما انتبهت إلية بعض الدّول بتحديد جهة الإفتاء في مجموعة من العلماء رغم تحفّظ البعض على هذا القرارباعتباره يمثل فرض إرادة الدّولة على رجل الدّين أوما يمكن تسميته بمأسسة الإسلام أي جعل الإسلام مؤسّسة تابعة للدولة.
وبالضرورة فأن واحدة من التعقيدات التي كبّلت مسألة التجديد في الإسلام هي محاولة الدولة في عالمنا العربي والإسلامي السيطرة على التوجّهات الدّينية بما لا يتعارض وسياستها العامة في الكثيرمن القضايا المهمّة والحيويّة سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أواقتصادية .
إذن؛ نحن علينا في بداية الأمرأن نؤسّس لمصالحة إسلامية إسلامية جادّة بعيدة عن عقدة التاريخ وحوادثه وان تكون هذه المصالحة على المنهج العلمي، لأننا نعيش الآن قطيعة فيما بيننا وعلينا إزالة هذه الحواجزلأنها العائق المهمّ في تجديد وتحديث أفكارنا وبالتالي تحديث الفكرالديني .
هذه القطيعة هي السبب الرئيسي في تأجيج العنف الطائفي سواء ما حصل في العراق أوما يحصل الآن في باكستان وما شهدته مدينة "كويتا" الباكستانية مؤخرا من استهداف لتجمّعات دينيّة من جماعات متطرفة هي الأخرى تتستربالدّين الإسلامي .
ما نحتاجه اليوم هي الوسطيّة التي غابت حتّى عن الخطاب الإعلامي؛ فالتطرف هوالسائد والعنف هواللغة التي يتحاوربها الأضداد بعيدا عن روح الإسلام ونهجه الثابت في الحواروحقن الدماء.
كاتب وباحث عراقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.