بقلم: د. خالد الطراولي من غرائب هذا الزّمان المتصابي، أن صاحب مركزنداء في تونس العاصمة تلقى 500 مليون من الخارج فلمّا أحيل على التحقيق في قضيّة فساد مالي ومساءلته عن مصدرهذه الأموال، أجاب صاحبنا بأن مصدرها ليس فسادا ماليا ولكنّها متأتية من بيع الخمور !!! [الصباح نيوز 04/23] الفساد أصبحت له تفريعات ومستويات ودرجات وألوان وصور وأسماء ومسميات...منها المقبول ومنها المرفوض، منها المسموح والمتغاضى عنه ومنها المأخوذ بالجريرة، ومنها الخيّرومنها الشرّير، منها الصالح ومنها الطالح... ولله في خلقه شؤون !!! هذا السقوط الأخلاقي هو تعبيرة عن خلط متعمّد في المفاهيم والمصطلحات، عن تشويش في آليات الضّبط والتوجيه، عن خلل في ملكات الوعي والفهم، عن عمى القلوب في التمييز بين الخير والشرّ والحسن والقبيح، وهي منهجيّة صلبة تدفع لأن يتقدّم الصفوف خبيثها وأراذلها، فيرتجّ المشهد عموما ويفرزمواطنا هجينا لا أخلاق له ولا قيم سوى نرجسيته و"أناه" المتعالي ومصلحته الضيّقة. إن التلكؤ المتواصل في حسم قضيّة الفساد والإفساد التي طالت العهد السّابق ولا تزال كالمُعَلَّقة بالنسبة للعديد من أطرافها، هي نذيرسوء ورسائل غي سليمة المضمون. لقد ترنّح مفهوم الفساد وتضبّب وغاب الإطارالأخلاقي والقيمي في التحديد والتوجيه، وأصبح الفساد مفهوما مائعا فضفاضا زئبقيّا، يعيش على النسبيّة ويستظلّ بالقانون في بعض أطرافه، بدعوى الحريّة الفرديّة أحيانا، أوباحترام العادة والمتعارف عليه، أوما لم يضرّ قليله فهومعفيّ عنه أحيانا أخرى... ولا يمكن لبيت العنكبوت أن يظل صامدا إذا تخللت خيوطه نسائم عابرة أو سحابات صيف ذات رذاذ... لقد صدق الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وهويتحدّث في جوامع كلمه : ليشربنّ ناس من أمّتي الخمريسمّونها بغيراسمها.