يبدو أنه مع ظهور بوادرأولية عن إمكانية اقتراب موعد مناقشة الدستور، انطلقت حملة من المناورات السياسوية الاستباقية المكشوفة... فهاهي "سامية عبو" تخرج للإعلام مطلقة "صيحة" فزع من مشروع الدستورالذي شعرت، حسب تصريحاتها، أنه لا يمثلها... إذ يبدوأنها استشعرت امتعاض امتدادها العلماني من مشروع الدستور، فأرادت أن تتبرأ منه مبكرا، دون طبعا أن تتخلى عن وجودها في مجلس يعدّ هذه الوثيقة... أما "الهاشمي الحامدي"، الذي ما زال يتوهّم على ما يبدوأنه يتزعّم "القوّة الانتخابية" الثانية في البلاد، وأمام ما اعتبره محاولة لإقصائه شخصيّا من الانتخابات، عندما وقع إقرارمبدأ منع تعدّد الجنسيّات بالنسبة إلى المرشح للرئاسية، ورغم التأكيد على أنّه بإمكانه الترشّح شريطة التخلي عن جنسيّته الثانية، فقد قام الحامدي بالإعلان عن انسحابه من الحياة السياسية وحلّ حزب العريضة الشعبيّة، معتقدا على ما يبدوأن مئات آلاف الناس ستخرج للشارع لحظات بعد إذاعة القرار في الإعلان... حركة النهضة، وبعد تأكيدها منذ مدّة على ما تسمّيه تغليب منطق التوافق من أجل المصلحة الوطنية، تعلن هذه الأيام عن تمسّكها بالنظام البرلماني ويؤكد قياديّوها على أن القرارالأخير يعود لمجلس الشورى فيها الذي أجمع على قبول مبدإ النظام الذي يسمّونه "مزدوج"؛ "برلماسي"، في خطة يبدوأنها لم تكن سوى مناورة استباقية برفع السقف ثمّ تقديم "التنازلات" لقطع الطريق أمام الخصوم في مطالب ذات سقف أرفع في اتجاه النظام الرّئاسي الذي يتمسّكون به في نزعة حنينيّة بامتياز... "الباجي قايد السبسي" انخرط في حملة المناورات هذه، وأطلق مؤخرا إعلان نيّته في الترشّح للانتخابات القادمة في خطوة استباقية ضدّ بند تحديد سنّ الترشّح للانتخابات الرئاسية ب75 سنة وقانون تحصين الثورة، متوهّما أن "امتداده" الشعبي سيمثل عنصرضغط سياسي ونفسي على المجلس التأسيسي للعدول عن هذه الاختيارات ومتصورا على ما يبدوأن السيارات المؤجّرة ستخرج للشوارع مطلقة منبّهاتها احتفالا بترشّح "الزّعيم" للانتخابات القادمة... وقد بدت في كل هذا نخبنا السياسية في عالم معزول تماما، فمناوراتهم كانت بينهم ولم يكن لها أيّ ارتداد على الرأي العام والشارع التونسي الذي يواصل لامبالاته وعدم اكتراثه بهذا "الجهد" الجبّاروهذا الاستنزاف المفرط لخلايا المخّ السّياسي التونسي المعاصر...