لا يختلف اثنان في أن التهديد الذي تتعرض له بلادنا حاليا والمتمثل في مسلحي تنظيم "القاعدة"، الجاري تعقب آثارهم من قبل مؤسستينا الأمنية والعسكرية في منطقة جبل الشعانبي، هو تهديد جدي يحتم على الجميع، سواء سلطة حاكمة أو معارضة أو مواطنين عاديين، التكاتف لمجابهته والتصدي له والعمل على القضاء عليه في المهد والحيلولة دون تمدده وانتشاره كالسرطان في جسم وطننا الحبيب. نقول هذا مع اقتناعنا بأن الأمور ما كانت لتصل إلى ما وصلت إليه لولا سلسلة من الأخطاء لا تغتفر وسوء تقدير وقعت فيه الطبقة السياسية المسؤولة في بلادنا سواء عبر التهوين من شأن بعض الظواهر المتطرفة التي برزت في شوارعنا وساحاتنا العمومية والتي وصلت إلى حد ارتكاب اغتيالات سياسية، أو عبر تجاهل التحذيرات العديدة التي أطلقتها ونبهت إلى خطورتها أحزاب وتشكيلات مدنية كثيرة، ما وفر أرضية مشجعة لنمو هذه الآفة اللعينة... آفة الارهاب المتغطي بغطاء الدين والذي سبق أن اكتوت به العديد من الدول العربية والاسلامية، بدءا بالشقيقة الجزائر وأفغانستان والعراق، وهي الآفة التي كنا نعتقد أننا محصنين ضدها بحكم سمة التسامح التي جبل عليها شعبنا على امتداد التاريخ، حتى باتت صفة ملازمة له في أذهان العديد من الشعوب الشقيقة والصديقة. فاليوم وبالنظر إلى حجم التحدي الذي نواجهه، نرى أنه بات مطلوبا منا أكثر من أي وقت مضى، كتونسيين تعنينا وقاية بلادنا من كل المؤامرات والمخاطر المحدقة بها والحفاظ على مستقبل التعايش السلمي فيها، وبقطع النظر عن أسباب اختلافاتنا وبمعزل عن انتماءاتنا وتوجهاتنا الايديولوجية والحزبية، التغاضي عن كل ما من شأنه أن يسهم في مزيد تباعد الشقة بيننا والتركيز بدلا من ذلك على تقوية وتعزيز الوحدة واللحمة الوطنية باعتبارها السبيل لإنجاح مسعانا للاطاحة بهذا الارهاب الدخيل على مجتمعنا والانتصار عليه ومنعه من بلوغ مآربه وتنفيذ مخططاته التخريبية الدنيئة. فالوقت ليس وقت الامعان في جلد الذات وكيل الاتهامات لهذا الطرف أوذاك بل وقت الالتفاف والوقوف خلف قواتنا الأمنية والعسكرية الباسلة بالدعم والمساندة. فسلامة الوطن في الميزان، ولا خيار أمامنا سوى كسب هذه الحرب التي فرضت علينا ضد الارهاب وقطع دابر الارهابيين قبل أن يقوى عودهم ويعسر إخراجهم والقضاء عليهم.