بإمكان مسؤولي الحكومة الليبية أن ينفوا ما استطاعوا ويكذبوا في تصريحاتهم لمختلف وسائل الاعلام في الداخل والخارج أن يكون إقرار قانون العزل السياسي في ليبيا تم تحت ضغط الميليشيات المسلحة، وبإمكانها أن تبارك ما شاءت إقرار مثل هذا القانون الذي صدر بعد أسابيع طويلة من حصار المجموعات المسلحة مقرات المؤتمر الوطني الى جانب وزارتي الخارجية والعدل، فضلا عن اقتحام مقرات ثلاث وزارات أخرى، كل ذلك قبل أن يصدر القرار الذي من شأنه اقصاء كل من تولى مسؤولية خلال 42 عاما من حكم القذافي عن العمل السياسي على امتداد عشر سنوات. لكن الحقيقة أن صور المسلحين وهم يجوبون شوارع العاصمة الليبية، على متن العربات المصفحة رافعين رشاشاتهم ملوحين بإشارة النصر غداة صدور القرار احتفاء بالحدث، كانت كفيلة بتأكيد دور الميليشيات المسلحة في تمرير ما وصف ب»قانون تحصين الثورة» وهو كلمة حق يراد بها باطل في أكثر من بلد من بلدان الربيع العربي. والواقع أن لا أحد يدري إن كانت صرخات الانتشاء التي أطلقتها حناجر المسلحين كفيلة بإرضاء غرورهم أم أنهم سيطلبون المزيد وسينتقلون الى مواصلة اللعبة التي قد تستهويهم في تمرير قراراتهم ومطالبهم دون حرج وبطريقة لن تكون من دون تداعيات على المسار الانتقالي في مثل هذه المرحلة الحساسة التي يحتاج فيها الرأي العام الى قانون ينظم الحياة ويعيد الثقة والطمأنينة الى النفوس ... فليس سرا أن الجماعات المسلحة في ليبيا كانت هددت بأنه لا مجال لتنظيم الانتخابات اذا لم يتم التصويت بالإيجاب على قانون العزل السياسي الذي يعني بكل بساطة اقصاء واستبعاد الاف الليبيين من الحياة السياسية عبر لي الذراع ومنطق اللامنطق أو منطق قانون الغاب والفوضى. والواقع ان هذه البداية لا يمكن ان تكون مؤشرا يطمئن أو يدفع للتفاؤل أو يزيل الشكوك بشأن المرحلة الانتقالية وما يمكن أن تواجهه من مخاطر على اعتبار أن ما أقدمت عليه الميليشيات المسلحة سيدفع غيرها الى نفس الممارسة لفرض أي خيار قد يتعارض مع مصالحها وأهدافها السياسية والايديولوجية دون عودة للقضاء ليقول كلمته النهائية في حق هؤلاء من عدمه من الترشح لأية انتخابات في المستقبل. أما النقطة الثانية التي من شأنها أن تدفع الى استهجان هذا الأسلوب الذي لا يمكن أن يكون من الثورة في شيء فهي تعمد اسقاط ومصادرة حق الناخبين في اختيار نوابهم وممثليهم في الانتخابات والانتصاب بدلا من ذلك أوصياء على المواطنين وكأنهم قصر لا يملكون النباهة المطلوبة للتمييز بين النواب والانتصار للوطنيين الغيورين على المصالح العليا للبلاد عن غيرهم، وفي ذلك رغبة جامحة في الهيمنة والسقوط في العقلية الدكتاتورية عن وعي أو ربما دون وعي... والواقع أن قرار العزل السياسي -الذي وجد ترحيبا من جانب زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي عندما أقر في اللقاء الإعلامي هذا الأسبوع بأن قانون العزل السياسي تم تمريره في ليبيا دون اشكال يذكر- من شأنه أن يهيئ المناخ المحتقن أصلا في ليبيا لمزيد الاحتقان... والسؤال المطروح الذي سيلاحق أنصار القرار: كيف تم التأكد من أن نحو نصف مليون ليبي الذين ينسحب عليهم القرار لن يتعرضوا للظلم وانه لن يتم بالتالي استبعاد عديد الكفاءات الليبية إرضاء لغرور أو أهواء البعض وإصرارهم على الخطإ أو على استغلال الظروف الراهنة للانتقام وخدمة أحزاب وشخصيات وميولات دون غيرها؟ الاخبار القادمة من ليبيا تشير الى أن جماعات وميليشيات مسلحة تتجه الى اسقاط الحكومة بعد تمرير قرار العزل السياسي، وهي بالتأكيد لن تقف عند حد في مطالبها التي تحرص على فرضها بما لديها من قوة السلاح ومن عناصر الشباب الثائر الذي لا يزال يبحث له عن موقع في بلد الثورة وعلى رمالها المتحركة مع دخول عمليات تصفية الحسابات والصراعات السياسية منعرجا جديدا تجاوز حدود المنابر والخطابات السياسية... ◗ آسيا العتروس ق ا�n���� ȉ)� في مادّة الفلسفة لسنة 2013 تحت توجيه بعض الأطراف لاعتبارات يبدو أنه لا صلة لها البتّة بالجانب البيداغوجي، استمرّت المظلمة بشكل غير مسبوق بل تواصلت لتشمل مجال التكوين البيداغوجي ورئاسة لجان إصلاح امتحان البكالوريا. فالوزارة التي لم تقبل بفتح تحقيق في عدم قانونية لجنة مناظرة التفقّد الأخيرة في مادة الفلسفة رغم تعدّد الاعتراضات التي تقدّمت في الغرض دون اعتبار للنصوص القانونية المنظمة لمناظرة التفقد، لا ندري إن كانت ستواصل غضّ الطرف عن مزيد التجاوزات.
السيد وزيرالتربية؛ عمليّة الاستهداف الشخصي الذي تسبّب في انتهاك حقوقي العلمية والبيداغوجية، التي مارسها متفقد الفلسفة ارتبطت بوقائع تعود إلى ما حصل من انتهاكات في المناظرة التي أشرف عليها مع أنّه لا شرعيّة قانونيّة له في هذا الإشراف، فليست العمليّة بنت حدث عابرأو سوء تفاهم. لأجل ذلك التجأ متفقد المادة إلى تقنين ممارسته الاقصائية تحت غطاء إداري مستشرفي دواليب الوزارة التي تأبى متابعة التجاوزات ولا تكترث للشكاوى المقدّمة والمدعّمة بالوثائق. وكان من تداعيات ذلك الإقصاء في البداية من دائرة التكوين البيداغوجي ثمّ الاقصاء بعد ذلك من رئاسة لجان إصلاح امتحان البكالوريا. السيد وزير التربية؛ كان إصلاح امتحان التفقّد الأخيرفي مادّة الفلسفة محلّ تحفّظ عدد كبير من الممتحنين من قابس والقيروان وقبلي وصفاقس ...لِمَا شَابَ اللجنة من اعتراضات أهمّها أنّ رئيس اللجنة لم تتوفّرفيه الشروط القانونية كما ورد ذلك في الشكاوى التي قدّمها عشرات الأساتذة دون أن تحرّك الوزارة ساكنا، ثمّ تلاها استبعاد مقصود من عملية التكوين البيداغوجي لأطراف بعينها دون سواها بعد إشرافها لسنوات على التكوين(زهير المدنيني وسفيان سعد الله من صفاقس)، وهواستبعاد لا يستند إلى أسباب بيداغوجية أوعلمية أو تربوية، ثمّ تلا ذلك إقصاء متعمّد من رئاسة لجنة إصلاح اختبارات الباكالوريا. فهل يعتبرهذا السلوك الاقصائي المتعمّد أمرا خاليا من الشوائب ؟ إنّ عدم تعاطي الوزارة بجدّية مع الشكاوى المذكورة آنفا وهي مسجّلة بمكتب ضبط الوزارة ، فتح المجال للاستمرار في ممارسة هذا الأسلوب الإقصائي من دائرة التكوين البيداغوجي بعد سنوات لم يحصل فيها أدنى تقصيرأو تقاعس ويكفي الرجوع إلى مراكزالتكوين بصفاقس والقيروان للوقوف على ما وقع إنجازه والوثائق البيداغوجية التي تمّ إعدادها. لقد قيل ما ضاع حقّ من ورائه طالب، لكن الأهمّ من ذلك بالنسبة إليّ أنّه ما كان ينبغي الصمت واعتبارالأمرمألوفا من هؤلاء وأمثالهم، بل لا بدّ من الإدلاء بالرأي وقول الحقيقة التي ليست مطلبا بالنسبة إلى من لا همّ لهم سوى الحسابات الشخصية. هل علينا القبول من الآن فصاعدا بالمعايير الشخصيّة في التعامل مع المجال البيداغوجي أم ينبغي تدارك هذا الوضع المقلوب حتى لا نفرّط فيما ينبغي لنا إزاء ميدان التربيّة من اهتمام وعناية؟ لا أعتقد أنّ أغلب المشرفين على مادّة الفلسفة أعجبهم ما حدث وما يحدث وكثيرون منهم على دراية بما وقع، لكن مع ذلك يحقّ التساؤل: هل دقّ ناقوس الخطرفي الفلسفة إن كانوا سيقبلون بمثل هذه الممارسة؟