هل نعيش اليوم "حرب" استطلاعات الرأي؟ سؤال يفرض نفسه في ظل تعدد مؤسسات ومعاهد الاراء التي تتولى كل فترة اطلاع الرأي العام بمدى ارتفاع ببورصة وأسهم السياسيين لدى الشعب. غير أن الملفت للانتباه ان هذه المؤسسات تتضارب نتائجها، فآخر استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة "سيغما" وجريدة المغرب كشف فيه ان نداء تونس يهزم النهضة بفارق 12 نقطة، كما ان الباجي قائد السياسي سيفوز في الرئاسية. في حين كشف مؤخرا في استبيان سياسي لمنتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية ان حمادي الجبالي يتصدر نوايا التصويت في الرئاسية ب27 بالمائة. فضلا عن أن حركة النهضة تتصدر نوايا التصويت... تجربة حديثة في تقييمه لمدى مصداقية وحرفية مؤسسات استطلاعات الرأي يرى القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي في تصريح ل"الصباح" ان عملية استطلاعات الرأي هي عملية حديثة على الواقع التونسي ونتائجها يمكن ان تعبر عن جزء من حقيقة المجتمع التونسي وينتظرها الكثير من العمل حتى تصل مستوى المجتمعات الغربية اين يتضاءل فيها هامش الخطأ إلى حد ادني. وقال في هذا السياق:"اعتقد أن جزءا من هامش الخطأ لدى استطلاعات الرأي التونسية يعود إلى حداثة التجربة وضعف تهيكل المجتمع التونسي وضعف نسبة التاطير داخله". مضيفا أن"هذه الاستطلاعات تعكس جزءا من حقيقة الواقع ولا يمكنها أن تعكس كل الواقع على اعتبار أن استطلاعات الرأي سنة 2011 كانت دوما تمنح حركة النهضة 20 بالمائة فقط من أصوات الناخبين والحال أن الواقع كشف عكس ذلك." ويرى الشعيبي ان استطلاعات الرأي قد تكون مجرد محاولة لتوجيه الرأي العام مشيرا إلى أن المرحلة والقرارات الأخيرة ستكون حاسمة في التحديد النهائي لنتائج الناخبين. تواصل وانسجام من جانب آخر بين عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حركة نداء تونس عبد العزيز القطي في تصريح ل"الصباح" أنه لا يمكن الحديث عن حرب بين استطلاعات الرأي مشيرا إلى أن جميع الاستطلاعات هي في تواصل وانسجام فيما بينها لاسيما كبرى المؤسسات المختصة في هذا المجال والتي تعتمد آليات دقيقة في عملها. غياب وسائل مراقبة في المقابل لاحظ المحلل السياسي اسكندر الفقيه ل"الصباح" عدم امكاية الأخذ بعين الاعتبار نتائج استطلاعات الرأي في ظل غياب جهة محايدة لهذه الشركات، وقال:" ليس لدينا وسائل مراقبة التي تؤكد أن هذه المؤسسات تعتمد الأسلوب المنهجي مشيرا إلى أن مؤسسات استطلاعات الرأي تعمل دون رقابة". وقال الفقيه في هذا الشأن:"هذه المؤسسات خاضعة للتجاذبات السياسية وتوجه الرأي العام كما أنها تندرج في إطار اللعبة السياسية "إذ تعمد هذه الشركات إلى ترفيع أسهم طرف معين وتلميع صورته وكان هذه المؤسسات تعمل على تقديم خدمات معينة تستفاد منها أطراف معينة. مواطن الخلل من جهة أخرى لم ينف هشام القرفلي مدير معهد "3c études" في تصريح ل"الصباح" أن الغالبية الساحقة من مؤسسات المختصة في استطلاعات الرأي لا يمكن أن تمثل سبرا للآراء استنادا إلى أن مواطن الخلل تكمن في تكوين العينة التي لا تحترم الضوابط المهنية والتي لا تمت للميدان بصلة مشيرا إلى أن بعض هذه المؤسسات تستغل جهل العامة للميدان وتبقى الطريقة الوحيدة لكشفها هي التعلم والفهم. وبين القرفلي أن ما هو مطبق في بعض مؤسسات استطلاعات الرأي في تونس غير موافق للضوابط قصدا وذلك حتى تجني بعض هذه الشركات ربحا كبيرا مقابل تكلفة تافهة وقد تقف وراء ذلك "ضغوطات أو إملاءات خارجية" مشيرا الى ان موضوعية ومصداقية هذه المؤسسات مرتبطة بمدى فهم الجمهور السياسي أو الاجتماعي لهذا الميدان أو جهلهم به. وشدد القرفلي في هذا الصدد على ضرورة تقنين هذا الميدان ومراقبته فضلا عن ضرورة تجريم التلاعب به "لا سيما أن الحالة التي وصلت إليها البلاد هي جراء استطلاعات الرأي المغلوطة" على حد تعبيره.