أكّد الرئيس زين العابدين بن علي مجدّدا المكانة التي تحتلّها القضية الفلسطينية ضمن أولويات العمل العربي المشترك، خصوصا في ظلّ هذه المرحلة الصّعبة التي يمرّ بها الشعب الفلسطيني نتيجة الاعتداءات المتصاعدة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وما يعانيه من حصار اقتصادي جائر وخسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات. ودعا رئيس الدّولة في الكلمة التي ألقاها في أشغال الدورة العشرين للقمّة العربية التي تحتضنها حاليا العاصمة السورية إلى المساندة العربية الثابتة للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة مع تكثيف الدّعم السياسي والمادي له «واتخاذ وقفة تضامنية حازمة تمكّنه من تجاوز محنته واسترداد حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة». إنّ خيار السّلام الذي أقرّته أكثر من قمّة عربية سابقة سيظل خيارا عربيا استراتيجيا رغبة في استقرار المنطقة وحرصا على استتباب الأمن حتى تتفرّغ شعوبها بما فيها الشعب الفلسطيني إلى البناء وتطوير المجتمعات وامتلاك ناصية التقدّم لما فيه خير جميع من في المنطقة، ولكن هذا الخيار الاستراتيجي لم يجد آذانا صاغية من قبل الكيان الإسرائيلي المحتل الذي يعارض بشكل عملي على الأرض كلّ نداء من أجل السّلام والأمن ضاربا عرض الحائط بكلّ القرارات والمواثيق الأممية والاتفاقيات الثنائية مع الطرف الفلسطيني حيث ما فتئ يكرّس احتلال الأرض ومصادرة الحرّيات وتجاوز كل الخطوط الحمراء بتنكيله بشعب ومحاصرته لتجويعه وتركيعه. ومع أنّ سياسة الاستيطان وممارسة العقاب الجماعي والاغتيالات والتّدمير أصبحت من ثوابت هذا الكيان فإنّ الأسرة الدولية بصمتها المريب واستكانتها قد دفعت إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى إفراغ كل الجهود المبذولة في المنطقة لاستتباب الأمن والسّلم من مضامينها بل وساهمت في تصعيد ممارساتها العدوانية ووفّرت لها الغطاء للمضي في استهتارها وصلفها. لقد أكّد رئيس الدولة في هذا السياق أمام القادة العرب في دمشق «أنّ أوضاع المنطقة لم تعد تحتمل المزيد من التوتر والاحتقان». وهذا الواقع يتطلب قدرا أكبر من الجدّية عربيا للضغط على الأطراف الدولية الفاعلة من أجل وضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وتفعيل خيار السّلم واعتماد أسلوب الحوار في حلّ المشاكل القائمة واستئناف المفاوضات على أساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية للسّلام ونتائج المؤتمرات الدولية المتكرّرة. ولئن يتحمّل العرب قدرا من المسؤولية في الواقع المعيش للشعب الفلسطيني اعتبارا لما يمتلكونه من وسائل ضغط كفيلة بحماية هذا الشعب فإنّ الأطراف الفلسطينية ذاتها مدعوة إلى تجاوز حالة الاحتقان التي يعيشها شعبها وعامل الفرقة التي تعصف به والتي ساهمت إلى حدّ بعيد في الوضع المأساوي الذي يمرّ به وذلك عبر الحوار المسؤول لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد الصفّ لمقاومة الاحتلال والدفاع بصوت واحد عن عدالة هذه القضية النبيلة في المحافل الدولية.