◄ العنف نتيجة للغلو والتطرف لدى طائفة من المتدينين دعا خبراء وباحثون في التاريخ الاسلامي والدراسات الاسلامية من بينهم الباحث ناجي جلول أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة منوبة إلى تجريم التكفير والعنف باعتبارهما باتا ظاهرتين خطيرتين في ظل التساهل الكبير الذي يلحظ في مقاومة العنف مشيرا إلى انه بتجريم التكفير والعنف يمكن للسلفية أن تصبح ظاهرة ثراء وتنوع. وتأتي هذه الدعوة خلال ندوة حوارية عقدها أمس مركز الإسلام والديمقراطية حول"الظاهرة السلفية في تونس بين العمل السلمي والعنف". وقال الشيخ بشير بن حسن خلال الندوة ان "الراية الوطنية هي راية إسلامية في رموزها و مدلولاتها" داعيا جميع الفصائل الدعوية إلى ضرورة طلب ترخيص مسبق لكل نشاط ديني ودعوي في إطار احترام دولة القانون والمؤسّسات. تولى الدكتور رضوان المصمودي رئيس المركز طرح مجموعة من الأسئلة على المتدخلين قبل إحالة الكلمة إليهم على غرار كيف نتعامل مع التيار السلفي ونجنب البلاد خطر العنف وماهو موقف هذا التيار من السياسة ونظام الحكم.. ناجي جلول -الذي افتتح اللقاء- شدد على غياب الدراسات الأكاديمية حول ظاهرة حقيقية مشيرا إلى أن السلفية هي "ظاهرة من مقومات الحداثة انصهرت في المجتمع الديمقراطي" مؤكدا أن الإشكال لا ينحصر في اعترافهم بالديمقراطية من عدمه حيث من حقهم -على حد تعبيره- ألا يعترفوا بها. وأضاف أن الإشكال يتمثل في أن احدى نتائج ظاهرة السلفية هي هشاشة الدولة المدنية في المجتمعات، مشيرا إلى أن إدماج هذه الظاهرة صلب المجتمع يتطلب بناء هياكل ومؤسسات الدولة المدنية فضلا انه حان الوقت بالنسبة للاكادميين كي ينكبوا على هذه الظاهرة ويدرسونها لا سيما من ناحية علم الاجتماع. خطا الربط بين الفقر والجهادية وفند جلول من جانب آخر الخطابات التي تؤشر لان تنامي هذه الظاهرة مرده التهميش والفقر مؤكدا أن بنغلاداش كما البرازيل هما من أفقر الدول ومع ذلك لا يوفران جهاديين ومن هذا المنطلق فمن الخطأ الربط بين الفقر والتهميش والجهاد خاصة أننا الآن نعيش تركة ضعف الدولة والمجتمع المدني مشيرا في السياق ذاته إلى انه قد حان الوقت للفصل بين السلفية الجهادية والسلفية. وقال في هذا الشأن:"الجهادية هي نتاج لظرفية تاريخية وجدت في أفغانستان هنالك تضخيم الجهادية التي اعتبرها إحدى رواسب أفغانستان". وللخروج من عنق الزجاجة اقترح أستاذ التاريخ الإسلامي الاهتمام بمناهج التدريس التي تعتبر"كارثية" على حد وصفه. العنف نتيجة الغلو والتطرف من جهة أخرى ذكر البشير بن حسن نائب رئيس الرابطة التونسية للعلماء والدعاة خلال هذا اللقاء أن ظاهرة العنف هي نتيجة الغلو والتطرف الذي سلكته طائفة من المتدينين مشيرا إلى أن الكل متخوف وله حقه في ذلك. وقال بن حسن:" في السابق صودرت حرية المتدين وهو أمر لا يجوز التغافل عنه كما تم سلك سياسة تجفيف المنابع حيث أغلق جامع الزيتونة ومنع الناس من التعلم ليجد المتدين ضالته في الفضائيات التي ظهرت فيها مجموعة من الدعاة"، موضحا أن هذا التصحر وهذه المصادرة ولدت نوعا من الانتقام والحقد تجاه المتدين. كما توجه بن حسن خلال هذا اللقاء بسؤال الى السياسيين وصناع القرار مفاده:"هل نجد في الخطابات التي تطرفت وقتلت رجلا واحدا تعلم العلم الشرعي وتخرج من جامعة؟". ليجيب سريعا:"لن تجد ذلك أبدا بل يغلب عليهم الجهل فهم ينطلقون من نصوص يتعاملون معها فيتأولونها على غير القراءة الصحيحة" مضيفا أن "الحل لا يكمن في الجانب الأمني وإنما هو حل توجيهي ترشيدي لان هؤلاء الشباب مغرر بهم فبقدر ما يوجد الجهل بالدين بقدر ما تظهر هذه الظواهر التي تهدد امن البلاد والعباد ويبقى الحل في العلم، على حد قوله. وفي تعليق على قدوم الدعاة الى تونس ذكر بن حسن انه لا يجب ان نقف حجر عثرة في طريق أهل العلم مشيرا إلى انه يخشى أن يسلك نفس مسلك النظام السابق في معالجة هذه الظاهرة وتتحول تونس الى بلد بوليسي ديكتاتوري باسم محاربة التطرف الديني غير انه اكد في المقابل أن كل من يخالف ويرفع السلاح لا بد ان يطبق عليه القانون.. فهم الظاهرة من جانب آخر اعتبر محمد الحاج سالم الباحث في المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية خلال مداخلته انه قبل اللجوء إلى الحوار مع السلفيين لا بد من فهم هذه الظاهرة خاصة أن الحوار يستدعي وجود طرفين متساويين.وقال :"هناك عنفا يستشري في مجتمعنا لان وسائل الإعلام تضخمه" مشيرا إلى أن الحراك الذي عشناه كان نتيجة لعنف كامل لم يتفجر في لحظة وان اتخذ مسار تصاعدي. أما فيما يتعلق بأسس الحوار ومن سيتحاور مع منه ذكر انه "من الضروري أن نتحاور مع أنفسنا لان هذه الظاهرة وجها من وجوه كينونتنا" على حد قوله. مشددا على انه وقبل الولوج في مسالة الحوار لا بد من فهم هذه الظاهرة وقبل فهمها علينا بفهم أنفسنا. واقترح بن سالم ضرورة دعم جهود وحدة البحث الخاصة بالسلفية على اعتبار أن البحث العلمي مهمش في تونس فضلا عن إنشاء هيئة وقتية فقهية أمنية حتى يتسنى فهم مقاصدهم ومطالبهم وإقامة ندوة وطنية على مدار 3 أيام تسلط الضوء على المسألة..